هارتس: تفوق اقتصادي أم نشوة لحظية؟ كيف يشرحون القفزة الحادة للشيكل

هآرتس/ ذي ماركر – ايتان افريئيل – 29/6/2025 تفوق اقتصادي أم نشوة لحظية؟ كيف يشرحون القفزة الحادة للشيكل
ان تعزز سعر الشيكل الاسرائيلي امام الدولار الامريكي منذ بداية الهجوم الاسرائيلي في ايران، هو حدث اقتصادي مالي سيتحدثون عنه وسيفحصونه ويحللونه لفترة طويلة قادمة. وهاكم الارقام: عشية الحرب تراوح سعر الدولار 3.5 شيكل. عند بداية الحرب ارتفع سعر الدولار ووصل 3.65 شيكل. ولكن بعد ذلك الشيكل عرض احد عمليات التعزز الاكثر حدة في السنوات الاخيرة، ووصل الى 3.38 شيكل للدولار في نهاية الاسبوع الماضي – قفزة 7.5 في المئة في غضون اسبوعين.
هذا تذبذب يطرح عدة اسئلة. من هم الاشخاص الذين باعوا في الفترة الاخيرة الدولارات مقابل الشواقل بشكل كبير جدا؟ هل نتائج الحرب وحجم الاضرار بالمشروع النووي الايراني، الذي ما زال يلفه عدم اليقين، تبرر حقا الارتفاع الحاد لسعر الشيكل؟ ماذا حدث لتاثير الانقلاب النظامي الذي افتتح منحى ضعف الشيكل؟.
1- ماذا حدث للدولار؟
بالذات في الاسبوعين الاخيرين انخفض سعر الدولار الامريكي بشكل حاد استثنائي امام جميع العملات الاخرى، بعد ارتفاع عند بداية الهجوم الاسرائيلي في ايران، لكونه “عملة الملاذ” لايام الحروب وعدم اليقين. ومقابل ارتفاع اسعار النفط في الاسبوع الماضي الدولار هبط 1.6 في المئة امام سلة العملات الاخرى، حضيض لم يصل اليه منذ ثلاث سنوات.
سبب ذلك هو منحى قوي لانتقال اموال واستثمارات من الولايات المتحدة الى شراء سندات في آسيا واوروبا بعشرات مليارات الدولارات منذ بداية السنة بسبب برنامج الضرائب والادارة الاقتصادية الفوضوية لترامب. هذا منحى يضر بشكل قاس بالدولار. حسب مؤشر دي.اكس.واي، الذي يقيس الدولار امام سلة عملات اخرى، الدولار فقد منذ بداية السنة ما لا يقل عن 10 في المئة من قيمته، وهو الهبوط الاكثر حدة بالنسبة للعملة الامريكية منذ بداية سبعينيات القرن الماضي.
المعنى هو ان جزء كبير من تعزز قيمة الشيكل في الاشهر الاخيرة، وبالتاكيد في الاسبوع الماضي، هو نتيجة ضعف الدولار، بدون صلة بما يحدث عندنا. يتبين أن المستثمرين المؤسسين الكبار في العالم ما زالوا لا يحبون ما يفعله ترامب للاقتصاد الامريكي، وهم يعتقدون ان الدولار سيواصل الضعف.
2- ما الذي ادى الى ارتفاع وول ستريت؟
الظاهرة المعروفة التي وصفت هنا عدة مرات، وهي انه في الوقت الذي ترتفع فيه البورصة الامريكية فان الاجسام المؤسساتية في اسرائيل تضطر الى بيع الدولارات في الاسواق المالية الثانوية من اجل تجنب اخطار العملة في صناديق مدخرات التقاعد العامة في اسرائيل، لان جزء كبير منها مستثمر في اصول في الخارج.
في الاسبوعين الاخيرين البورصة الامريكية لم تتوقف عن الارتفاع. فمؤشر “اس.آند.بي 500” ارتفع 3.4 في المئة، وسجل في يوم الجمعة الماضي رقم قياسي جديد. مؤشر ناسداك حقق ارتفاع 4.2 في المئة وسجل رقم قياسي جديد – كل ذلك اجبر المستثمرين المؤسسين على بيع الدولارات، وهو الاجراء الذي دفع الشيكل الى الارتفاع.
ما الذي ادى الى هذه الارقام الجديدة؟ التجار في وول ستريت اشاروا، ليس حسب الاهمية، الى انهاء الحرب بين اسرائيل والولايات المتحدة وبين ايران، وتوقع انخفاض الفائدة الدولارية والامل في عقد اتفاقات تجارية قريبة بين الولايات المتحدة والصين، واستئناف الانفعال من الارباح المستقبلية للشركات الضخمة في فرع الذكاء الاصطناعي.
3 – تفاؤل في الغرف التجارية
حسب تقارير تجار العملة الاجنبية فان معظم بائعي الدولارات اثناء حرب الـ 12، كانوا جهات اسرائيلية برئاسة المدراء الماليين في شركات تصدير، من بينها شركات امنية، سوية مع عدد لا بأس به من اللاعبين المراهنين. لاعبو العملة الاجانب، غرف الصفقات في البنوك الكبيرة، وصناديق التحوط كانوا في هذه المرة اقل سيطرة واختاروا الانتظار وفحص نتائج الحرب. يتبين أن الاسرائيليين كانوا متفائلين منذ اللحظة التي اندلعت فيها الحرب، وهم الذين قادوا ما سمي بـ “هبوط رسوم المخاطر الجيوسياسية لاسرائيل”. في الوقت الذي يوجد فيه العالم علامات استفهام حول كل ما يتعلق بالضرر بعيد المدى الذي لحق بالمشروع النووي الايراني، وكذلك ايضا مصير الـ 400 كغم من اليورانيوم المخصب، فان الاسرائيليين احتفلوا وقاموا بشراء الشواقل.
التفاؤل الاسرائيلي يمكن حسابه بواسطة بيانات السلة الاسمية الفعالة، وهو رقم يحسبه البنك الاسرائيلي كل يوم من اجل فحص قوة الشيكل امام كل العملات. سعر الشيكل الاسمي الفعال انخفض منذ بداية الحرب من 75 نقطة ووصل الى 71 نقطة، وهو تعزز 5.5 في المئة. وهكذا عاد الى المستوى الذي كان فيه في 2022، التي كانت سنة جيدة بالنسبة لاقتصاد اسرائيل بفضل الطفرة الكبيرة في قطاع الهايتيك، وسنة ذروة في رقم الدولارات التي ضخها المستثمرون الاجانب للشركات الاسرائيلية. وتوقع من قام بشراء الشواقل الى حد كبير هو انه بدرجة معينة سيعود تدفق هذه الاموال التي انخفضت من 29 مليون دولار الى 17 مليون دولار في 2024، الى النمو بسرعة.
4- المؤشر الذي يظهر ان مخاطر اسرائيل انخفضت
بنفس الدرجة يمكن قياس انخفاض علاوة المخاطر في اسرائيل من خلال انخفاض سعر تامين السندات الحكومية امام حدث التخلف عن التسديد، الذي انخفض 10 في المئة، ويبلغ الآن 90 نقطة مقارنة مع 100 نقطة في وقت الهجوم الصاروخي الاول لايران في نيسان السنة الماضية، وبالمقارنة مع 56 نقطة عشية 7 اكتوبر 2023. يبدو ان هذه العلاوة تعكس وضع السوق الدولية لانها تحسب بناء على العرض والطلب للسندات التي اصدرتها اسرائيل في الخارج، لكن في الواقع يحتفظ المستثمرون الاسرائيليون بعدد كبير من هذه السندات، وبدرجة كبيرة هم الذين يملون سعرها وسعر تامينها.
بكلمات اخرى، التفاؤل الاسرائيلي تم التعبير عنه ايضا باسعار الاصول الاسرائيلية التي يتم بيعها في الخارج. هذه العوامل الثلاثة – ضعف الدولار في الخارج والرقم القياسي في البورصة الامريكية، وبالاساس مع اعتبر في اوساط المستثمرين كانتصار في ايران – هي الاسباب الاساسية للعملية الكبيرة التي قام بها الشيكل الاسرائيلي.
5 – ضعف الديمقراطية سيضر على المدى البعيد
صحيح انه حتى الان الدولار، سعر السلة الاسمي الفعال واسعار الاسهم في البورصة والسندات عادت تقريبا الى المستوى الذي بيعت فيه قبل 4 كانون الثاني، الموعد الذي فيه اعلن وزير العدل ياريف لفين عن الانقلاب النظامي، وتحدى الديمقراطية الاسرائيلية وجعل كل مؤشرات الثقة المالية في اسرائيل تتخلف وراء كل العالم، رغم ان الانقلاب النظامي يتواصل. المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، قالت قبل شهر ان “طريقة الحكم في اسرائيل تتغير امام انظارنا. هذا ليس تحذير للمستقبل، بل هذا هو الواقع”.
كيف يمكن ان يحدث ذلك؟ هناك احتمالان. الاول، اقتصاد اسرائيل قوي جدا الى درجة انه يمكن العمل بشكل جيد حتى خلال حرب طويلة، وحتى لو كانت غير ديمقراطية، خلافا للتقديرات ورسائل مئات الاقتصاديين وما كتبه عشرات المحللين.
الثاني، الاجراءات الاقتصادية تستغرق وقت طويل، وهكذا فانه على المدى القريب وحتى المتوسط فان الاضرار على الاقتصاد لا تظهر حتى الآن في البيانات الكلية والمؤشرات المالية. ولكن بعد بضع سنوات هي ستظهر وربما حتى بشكل حاد. اذا حدث ذلك فان الدولار، البورصة، السندات وعلاوة المخاطر، ستعكس على الفور الواقع الجديد.