هآرتس: يجب عدم التخلي عن المعقل الاخير المحكمة العليا
هآرتس 28/8/2024، سامي بيرتس: يجب عدم التخلي عن المعقل الاخير المحكمة العليا
الصدمة بسبب الفشل الذريع في 7 تشرين الاول كانت ستجعل الحكومة تركز على معالجة الحرب وتقليص الاضرار التي تسببت بها هي نفسها منذ اقامتها، بالاساس منذ اللحظة التي بادر فيها وزير العدل الى الانقلاب النظامي. ولكن الحجم الكبير للفشل أدى الى نتيجة معاكسة. فدافع بنيامين نتنياهو ولفين لمواصلة الانقلاب هو الذي تغلب، لأنه الآن لا يكفيهما الامساك بزمام السلطة، بل يريدان ايضا السيطرة على رواية ما حدث في ذلك السبت اللعين – من تجاهل علامات التحذير ومن غفا في نوبة الحراسة ومن هو المذنب.
الرواية المرغوب فيها بالنسبة لنتنياهو واضحة وهي أن الجيش والشباك هم المذنبون، وأن الحكومة ورئيسها هم افضل الناس. من اجل التحكم بهذه الرواية فانه مطلوب عدة اجراءات، على رأسها السيطرة على تعيين رئيس واعضاء لجنة التحقيق الرسمية التي ستحقق في الفشل. اذا كان لنتنياهو ولفين قبل 7 اكتوبر اسباب لضعضعة ثقة الجمهور بالمحكمة العليا وتغيير تشكيلتها، فانه بعد ذلك يوجد لهما سبب آخر مهم جدا.
اقتراح “الحل الوسط” الذي طرحه لفين، تعيين القاضي يوسف الران رئيسا للمحكمة العليا حتى موعد تقاعده بعد سنة، وبعد ذلك سيكون بالامكان تعيين الشخص الذي يكرهه، القاضي اسحق عميت، رئيسا للمحكمة، هو مناورة نتنة. حسب اسلوب الاقدمية فان عميت هو الذي يجب انتخابه رئيسا. لفين الذي يعارض ذلك بحزم هل سيوافق على احتمالية حدوث ذلك بعد سنة؟. نحن شاهدنا الدمار الذي حدث في تسعة اشهر بسبب ثمل القوة منذ لحظة انطلاق الانقلاب النظامي وحتى 7 اكتوبر. يمكن فقط تخيل حجم الضرر الذي سيتسبب به لفين اذا حصل على رئيس للمحكمة العليا كما يريد لمدة سنة. هو ايضا يريد تعيين قاض آخر من قبله، أحد مهندسي الانقلاب، الدكتور افيعاد بكشي أو الدكتور رافي بيتون.
الحديث يدور عن تغييرات تضمن السيطرة على تعيين لجنة التحقيق الرسمية، تعيينات شخصية مشوبة بتضارب المصالح لقضاة في المحكمة العليا، وزيادة تسييس المعقل الاخير للديمقراطية الاسرائيلية المتعثرة.
قضية لفين ليست حل وسط أبدا، بل هي وصفة لتدمير المحكمة العليا، تدمير المؤسسة الاخيرة التي توجد للجمهور في الدفاع امام سلسلة من الوزراء الضارين والافكار التدميرية. الحكومة ورئيسها يتجاهلون مرة تلو الاخرى مواقف مهنية للمستشارة القانونية، بدءا بتعيينات مشكوك فيها وانتهاء بقرارات يتخذها نتنياهو في مواضيع امنية حساسة من شأنها أن تؤدي الى حرب دون التشاور مع الكابنت السياسي الامني ومن خلال الاعتماد على رأي سكرتير الحكومة يوسي فوكس الذي اصبح مستشار قانوني بديل. في الوقت الذي فيه يدير الوزراء ورئيس الحكومة معركة استنزاف ضد غالي بهراف ميارا ويبقون للجمهور فقط المحكمة العليا كمخرج اخير، فان لفين يعمل في ساحته على اضعاف هذا المخرج الاخير. يسمون ذلك انقلاب نظامي، هم يريدون لانفسهم المزيد من القوة اكثر مما اعطاهم اياه الناخب، ويتجاهلون الاضرار والدمار الذي يلحقونه في الطريق. والآن يريدون التأكد من أنهم هم الذين سيروون كيف ولماذا كان هذا الدمار.
هذا يلقي على قضاة المحكمة العليا مسؤولية ثقيلة وتاريخية لصد هذه العملية بكل الطرق. التحذير الذي حذره القضاة ياعيل فلنر وعوفر غروسكوفيف واليكس شتاين للفين بأنه اذا لم يعقد لجنة تعيين القضاة من اجل تعيين رئيس واثنان من القضاة ضمن التشكيلة القائمة فانهم سيجبرونه على فعل ذلك. هذا التحذير يدل على أنه حتى قضاة يتم تشخيصهم كمحافظين (فلنر وشتاين) يعرفون خطورة وزير العدل. مرت اربع سنوات ونصف منذ قالت رئيسة المحكمة العليا السابقة استر حيوت بأنه “لن يسقط أي حصن”. الطريق المتعرجة والمغلقة للفين والكوارث التي حدثت منذ ذلك الحين تلزم القضاة بوقف اكثر الحكومات الاسرائيلية خطورة وفشلا من اجل عدم سقوط الحصن.