هآرتس: من ناحية عملية، هناك طريقة واحدة فقط يمكن لاسرائيل البقاء من خلالها
هآرتس 7/8/2024، نمرود شيفر: من ناحية عملية، هناك طريقة واحدة فقط يمكن لاسرائيل البقاء من خلالها
في مقال نشره أمس في “هآرتس” العميد احتياط ران كوخاف (رانخو) والعميد احتياط نير يناي، الضابطان اللامعان، بعد تحليل الاحتمالات التي تواجه اسرائيل في الوقت الحالي، فان ابداء الرأي أو تحديد موقف من البديل المناسب بالنسبة لها، هو أمر نادر جدا. التحليل طرح ثلاثة بدائل للعمل، الاخير من بينها هو استمرار المراوحة الحالية في المكان. والاول هو التطلع لانهاء الحرب مع عدة ترتيبات ستمكن من الاستقرار واعادة البناء (الكُتاب يسمون ذلك هدنة استراتيجية لاعطاء القاريء، وربما متخذي القرارات، الشعور بأنه في المستقبل يمكن العودة الى القتال). والثاني هو الحرب الشاملة التي تهدف الى هزيمة التهديدات الكبيرة التي تواجه اسرائيل، لا سيما ايران وحزب الله، وضمن ذلك منع ازدياد قوتهم في المستقبل، الامر الذي حسب كوخاف ويناي سيشكل من جديد ميزان القوى الاستراتيجي في الشرق الاوسط.
لكن نظرة اكثر عمقا في هذه البدائل تظهر بوضوح أنه اذا كانت دولة اسرائيل ترغب في البقاء فان امامها احتمالية واحدة فقط، الاحتمالات الاخرى ستؤدي حقا بالشرق الاوسط الى تشكيل علاقات القوى الاستراتيجية من جديد، لكن بصورة واضحة لغير صالح اسرائيل، في حالة أنها لم تنجح في ذلك.
احتمالية المراوحة ستعمل على تآكل قوة اسرائيل العسكرية بسبب النشاطات التي لا تتوقف، والاستعداد العالي للقوات في الشمال، وتآكل الاحتياط، وخلال ذلك التآكل المستمر لتماسك المجتمع في اسرائيل، والمس باقتصادها وتدهور علاقاتها الدولية، بما في ذلك وقف ارساليات السلاح الاحتياطي. كل ذلك سيضعف اسرائيل حتى اللحظة التي تقرر فيها ايران بأنه حان الوقت لشن الحرب التي تهدف الى هزيمتها. وحتى لو تقم ايران باختيار هذا المسار فان معنى استمرار الوضع الحالي لفترة طويلة سيكون صعب على التحمل. هذا ما عرفه الآباء المؤسسون عندما حددوا في العقيدة غير المكتوبة بأن دولة اسرائيل بحاجة الى قدرة على الحسم، الذي هدفه هزيمة العدو وضمان الحروب القصيرة.
الاحتمالية الثانية التي يسميها كتاب المقال بـ “الحرب الشاملة” هي احتمالية صعبة جدا على اسرائيل حتى في افضل الاوقات، مع جيش مستعد ومؤهل وغير متعب من حرب استمرت لعشرة اشهر وجنود احتياط تم تدريبهم والذين لا يعودون للمرة الثالثة لفترة خدمة تستمر لاشهر بعد ايام كثيرة متعبة جدا، ومع شعب متكافل يقف وراء الحكومة ويثق بها (الاستطلاعات الاخيرة تظهر أن 25 في المئة فقط من الجمهور يثق بالحكومة). ايضا في الاوقات العادية، “التسبب بضرر كبير ومستمر لايران وحزب الله”، حسب كتاب المقال، هو انجاز تقريبا غير ممكن لاسرائيل، وبالتأكيد ليس عندما يجب أن يتحقق في الساحتين معا وفي نفس الوقت، هذا في الوقت الذي فيه الجوثيون في الجنوب يواصلون جهود الاستنزاف (الذي يثبت على الاقل قوات دفاع جوية حيوية)، وفي الوقت الذي ما زالت فيه الحرب في القطاع مستمرة وتبتلع القوات وتجبي مصابين في طرفنا. كل ذلك دون دعم الدول الجارة، التي حتى الآن عمليات دفاع اسرائيل ما زالت تحظى بدعمها، لكن الحرب الشاملة التي ستبادر اليها من المؤكد أنها ستواجه بادارة الظهر، بشكل خاص من قبل هذه الدول.
هذا يبقي لنا احتمالية واحدة يمكنها ايصال اسرائيل الى بر الأمان وتمكينها من اطلاق سراح المخطوفين والنهوض الوطني والتجند الاجتماعي والاستعداد لمبادرة عسكرية في ظروف محسنة. حتى لو أن هذه المبادرة ستكون بعد سنوات. ربما، من يعرف، أن الوقت المطلوب لبلورة اتفاقات سياسية تخفف الحاجة المستقبلية الى استخدام القوة.
هذه الاحتمالية، التي يتم طرحها كبديل أول في مقال كوخاف ويناي، هي بالفعل الاحتمالية الوحيدة التي لن تجر اسرائيل الى وضع خطير جدا، فيه هي آخذة في الضعف وحتى لا يمكنها تحقيق أحد اهدافها السامية أو اهدافها الوطنية. في الحقيقة هذا الخيار من غير السهل تحقيقه، لكن بسبب أنه الخيار الوحيد الذي يضمن الأفق واعادة المخطوفين واعادة البناء والازدهار، فانه مطلوب من قادة الدولة (اذا كان احدهم قرب دفة القيادة) السعي الى تحقيقها حتى بعد الرد على تصفية زعيم حماس في طهران ورئيس اركان حزب الله في بيروت.