هآرتس: من الذي يتجرأ على الخروج الى الشوارع من اجل وقف عملية الضم؟
هآرتس 13/11/2024، تسفي برئيل: من الذي يتجرأ على الخروج الى الشوارع من اجل وقف عملية الضم؟
“سنة 2025 ستكون سنة سيادة اسرائيل في الضفة الغربية”، هكذا وعد وزير المستعمرات بتسلئيل سموتريتش، الذي ينوي المبادرة الى اتخاذ قرار في الحكومة يحول الحلم الخيالي الى واقع. فقط من المخيب للآمال السماع بأنه يكتفي بالضفة الغربية ولا يطمح الى مد سيطرة اسرائيل ايضا الى قطاع غزة، وحتى أنه لا يذكر احتمالية توسع اليهود الى جنوب لبنان. صحيح أن المكانة الايديولوجية لغزة ولبنان أقل بكثير من مكانة الضفة الغربية، لكن عندما يكون الاساس الاستراتيجي الصهيوني يقول بأنه اينما يوجد يهود سيكون هناك ايضا جيش يدافع عن أمن الدولة، فان أي تنازل هو تهديد حقيقي للدولة ومواطنيها. بشكل خاص، بعد أن بدأت جرافات الجيش الاسرائيلي بتسوية الارض لاستيعاب جمهور المستوطنين، وبقي فقط نشر المناقصات وتوزيع القسائم في نفيه جباليا وراموت بيت لاهيا، التي ستحصل بالطبع على اسماء جديدة، وشوارع على اسماء المخطوفين ونصب تذكارية لمن قتلوا من اجل تحرير غزة.
للوهلة الاولى تعهد سموتريتش يبدو كهذيان. في الحقيقة وزير الاحتلال على ثقة من أنه سيستطيع اقناع دونالد ترامب بالمصادقة على الضم اذا منحوه فقط عدة مستوطنات على اسمه وعلى اسماء ابناء عائلته، ولكن اذا وافق ترامب فمشكوك فيه أن تجد دولة اخرى في العالم ستوافق على اقامة أي علاقات مع اسرائيل، ومسموح ايضا الافتراض بأن الدول العربية التي وقعت على اتفاقات سلام معها ستعيد مفاتيح سفاراتها.
لكن هذه رؤية انهزامية، تميز من لا يؤمن بالنصر المطلق. بعد سنة على شبه العزلة الدولية ورحلات طيران تم الغاءها، وهجمات لاسامية على مشجعي كرة قدم اسرائيليين، ومقاطعة للاكاديميا، والغاء صفقات مع شركات اسرائيلية – الاسرائيليون اعتادوا على العيش كلاجئين في بلادهم والاستيعاب ايضا بأنه يمكن العيش ايضا بدون قضاء اجازة في هولندا أو في فرنسا. ايضا لم نشاهد كيف أن اتفاقات السلام مع الدول العربية عملت على الدفاع عن مستوطنات الغلاف أو تهجير عشرات آلاف اليهود من بيوتهم، يمكن أيضا العيش بدونها.
صحيح أن الضم يعني ابتلاع 5 ملايين فلسطيني داخل اسرائيل الموسعة، لكن لا تهلعوا: “خطة الحسم” لسموتريتش تقترح حل منظم ومفهوم. “من اجل العرب الذين سيختارون البقاء هنا كاشخاص والاستفادة من كل ما يوجد لدى اسرائيل لتعرضه، سنضطر الى تحديد نموذج اقامة يشمل ادارة حياة جماعية ذاتية، الى جانب حقوق وواجبات خاصة. عرب الضفة الغربية سيديرون في البداية حياتهم بأنفسهم بواسطة ادارات بلدية اقليمية – لا توجد فيها أي ميزة قومية – بعد ذلك مع تقدم العملية واستيعابها، وعلى اساس معايير الاخلاص والخدمة العسكرية أو الوطنية، سيكون بالامكان دمج نماذج المواطنة، وحتى الجنسية. ما هو اكثر انسانية وديمقراطية من ذلك؟.
في الواقع الى حين استكمال “العملية” فان اسرائيل ستضطر الى شمل في التشريع وفي التطبيق نظام ابرتهايد رسمي كامل، على كل اراضيها وليس فقط في الضفة، لكن هذا سيكون مؤقت، فقط لبضع عشرات من السنين، الى أن يتلاشى الوعي الوطني الفلسطيني. اضافة الى ذلك فانه من اجل منع التمييز بين التجمعات الفلسطينية، ومكانة العرب الفلسطينيين الاسرائيليين ستتم معادلتها بمكانة “الفلسطينيين الجدد” لأن العرق والدين هما اللذان سيحددان الحقوق. لن يكون في ذلك أي جديد، لأن الاساس لنظرية العرق اليهودي اصلا افترضت في السابق قانون القومية، وبالاجمال يجب فقط توسيعه قليلا من اجل أن يجيب على المعايير التي حددها سموتريتش.
لا يوجد ولن يكون وقت افضل للضم. فالدولة التي انتقامها لا يعرف الشبع، والمعارضة فيها للحل السياسي الذي يتمثل في حل الدولتين تتجاوز الحدود الحزبية، الاجتماعية والاقتصادية، وحتى أنها غير مستعدة لوقف الحرب الزائدة لانقاذ المخطوفين، من الذي سيتجرأ فيها على الخروج الى الشوارع من أجل وقف عملية الضم؟.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook