هآرتس – مقال – 12/11/2012 اسرائيل الغد
بقلم: عكيفا الدار
تختلف نظرة اليهود الامريكيين الى اسرائيل عن نظرة اليهود الاسرائيليين اليها فان 10 في المائة فقط من اليهود الامريكيين يهتمون بشأن اسرائيل وما ذاك إلا لأنها مستمرة في الاحتلال وظلم الفلسطينيين.
ان أكثر النذر إقلاقا الذي صدر عن انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة هو ان يهود امريكا فقدوا الاهتمام باسرائيل. ذكر 10 في المائة فقط من المصوتين اليهود ان الشأن الاسرائيلي كان في مقدمة اهتماماتهم حينما ضغطوا زر التصويت. وقال 9 من كل 10 مصوتين يهود ان قضايا محلية كالعمل والصحة كانت في مقدمة اهتماماتهم. وكل ذلك برغم حقيقة ان الجمهوريين والنشطاء اليهود الحزبيين المقربين في أكثرهم من بنيامين نتنياهو غمروا اليهود بالتخويف من “مؤامرة” براك اوباما لطرح اسرائيل بين أنياب الايرانيين.
ان هذا المعطى من استطلاع للرأي أجرته المنظمة اليهودية الامريكية التي تدفع بالسلام الى الأمام وهي “جي ستريت”، مع اغلاق صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة يُصادق على تشخيص البروفيسور بيتر باينرت ان الاحتلال الطويل ومظاهر العنصرية تُبعد يهود امريكا عن اسرائيل وعن الفكرة الصهيونية.
شجع هذا المعطى رؤساء الـ “جي ستريت” وهو الذي يقول ان 73 في المائة من اليهود يؤيدون طريقة ادارة اوباما للصراع في المنطقة ويؤكدون ان 81 في المائة من المستطلعة آراؤهم أيدوا مشاركة فاعلة من الولايات المتحدة في حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. واذا كان الامر كذلك فلماذا تستمر ادارة اوباما في الكركرة خوفا حول نتنياهو؟ وما الذي يحثها على ان تأمر مندوبة الولايات المتحدة في الامم المتحدة، سوزان رايس، بأن تُجند جبهة اوروبية لمواجهة رفع مستوى التمثيل الفلسطيني في الامم المتحدة وان تُعرض للخطر بسبب ذلك مكانة الرئيس محمود عباس؟ وما الذي يعوق رئيسا في بداية ولايته الثانية عن ان يعرض على نتنياهو اختيارا يشبه الاختيار الذي عرضه الرئيس بوش الأب على اسحق شمير في ذروة المعركة الانتخابية في اسرائيل في 1992 – جمود في التفاوض وتوسيع المستوطنات أو مظلة امريكية سياسية ومساعدة اقتصادية.
أدخل ننتنياهو رِجلا قاسية جدا في المعركة الانتخابية الامريكية؛ فلماذا وعلامَ يخشى اوباما غمس أصابعه في المعركة الانتخابية في اسرائيل؟ يمكن ان نجد أجوبة هذه الاسئلة في بحث جديد لمعهد “وولتر ليبخ” للتعايش بين اليهود والعرب في جامعة تل ابيب. وتشير معطياته التي نشرت هنا في الاسبوع الماضي (“الاحتلال خازوق”، “هآرتس”، 6/11) الى فرق كبير بين المصوت اليهودي – الاسرائيلي والمصوت اليهودي – الامريكي.
على سبيل المثال يعتقد 50 في المائة من المستطلعة آراؤهم ان استقرار الرأي على اخلاء المستوطنات يجب ان يُتخذ بأكثرية يهودية في الكنيست، ويقلق لا أكثر من 20 في المائة من ضياع الأكثرية اليهودية. وقد تبنى نحو من ثلث الجمهور العلماني توجه اليمين الذي يقول ان المستوطنات هي فصل شرعي في القصة الصهيونية، وفقد كثيرون من اليهود الاسرائيليين (80 في المائة) الثقة بتسوية سياسية.
تُثبت رسالة تلقيتها أول أمس ممن عرض نفسه بأنه قاريء قديم ومصوت لميرتس لماذا يُبعد الامريكي نفسه عن اسرائيل: “أنا أدرك ان دعاوى اليسار تفسيرها أكثر تعقيدا من الخوف والكراهية اللذين يُشيعهما اليمين. لكن واجبك أنت ورفاقك من صحفيي اليسار ان تحللوا وتُبينوا قبل كل شيء ما الذي حدث الى اليوم. ما الذي يطلبه أو يقترحه الفلسطينيون وبماذا أخلّت اسرائيل باتفاقات اوسلو؟ ولماذا فشلت المحادثات في كامب ديفيد ولماذا نشبت الانتفاضة الثانية ولماذا ما تزال غزة ضمن مسؤوليتنا ولماذا يطلقون النيران علينا من هناك؟”.
لنفترض ان محللي “هآرتس” نجحوا في اقناع آخر القُراء بأن مظالم الاحتلال والمستوطنات هي العامل الرئيس لانهيار مسيرة اوسلو – ما عدد النواب الذين سيجلبهم ذلك الى اليسار الصهيوني، أي ميرتس؟ (ينبغي ان نحترم طلب شيلي يحيموفيتش محو صفة “يسار” من حزب العمل على اختلاف أجياله). لأن عددا واحدا من صحيفة اليمين التافهة “اسرائيل اليوم” تبلغ الى عدد كبير من القُراء – المصوتين أكثر من عشرات المقالات في صحيفة “هآرتس”.
يهاجم رؤساء “جي ستريت” ملك الكازينو شلدون ادلسون الذي أنفق ماله على المرشح الامريكي غير الصحيح من اجل ان يدفع الى الأمام بتصوره اليميني. لكن ادلسون لا يتنازل، فهو ينفق ماله وصحيفته على المرشح غير الصحيح كي يُخلد اسرائيل اليوم التي هي دولة محتلة تؤمن بالقوة وعنصرية. وكم يؤسفنا ان اليهود الامريكيين الذين تمنوا اسرائيل الغد – وهي دولة ديمقراطية وعادلة وآمنة – يتخلون عنا.