هآرتس: مصر تعمل على فتح معبر رفح
هآرتس 25/11/2024، تسفي برئيل: مصر تعمل على فتح معبر رفح
محمود جمال سيف النصر يوجد له طلب واحد فقط، “الرجاء ضمي أنا وعائلتي الى قائمة المواطنين المصريين المسموح لهم الخروج من غزة كي أتمكن من العودة الى وطني”، هكذا توسل في منشور مصور نشره في الاسبوع الماضي في “اكس” (تويتر سابقا)، بمناسبة مرور سنة على بداية الحرب.
سيف النصر هو مواطن مصري، جاء قبل الحرب الى القطاع لزيارة أقارب، ومنذ ذلك الحين علق هناك ولم يستطيع العودة الى حياته. كل جهوده لاقناع السلطات المصرية بالسماح له بالعودة الى بلاده فشلت رغم أن لديه وثائق تدل على جنسيته. هو ليس الوحيد. فالتقدير أن مئات المصريين ما زالوا يوجدون في القطاع دون قدرة على العودة الى بيوتهم، لا سيما بعد اغلاق معبر رفح في شهر أيار الماضي – منذ ذلك الحين لا يسمح بدخول أو خروج أي أحد.
سيف النصر ما زال يعتبر صاحب حظ. فهو يمكنه ترميم حياته اذا تم فتح المعبر، والبيروقراطية الثقيلة في مصر التي قراراتها يتم اتخاذها ببطء كبير سمحت بعودته. في المقابل، سكان غزة الفلسطينيين لا يوجد لهم في هذه الاثناء حتى ترف حلم النجاة من ظروف الحياة الفظيعة السائدة في القطاع.
مصر سمحت في الاشهر الاولى للحرب لنحو 100 ألف فلسطيني بدخول اراضيها، بعضهم كبادرة حسن نية انسانية لبضعة آلاف من المرضى وابناء عائلاتهم الذين كانوا بحاجة الى علاج ملح، الذي لم يتمكنوا من الحصول عليه في القطاع. معظم المهاجرين الاخيرين الذين وصلوا الى مصر اشتروا الطريق الى هناك مقابل مبلغ كبير من المال، الذي ازداد مع مرور الوقت.
في البداية طلب منهم الدفع لشركة “هلا” التي يمتلكها ابراهيم العرجاني، وهو زعيم قبيلة اصبح مقاول ثانوي للمخابرات المصرية، حوالي 2000 دولار عن كل شخص مقابل “ترتيبات النقل”. قبل شهر أيار، وهو الشهر الاخير الذي كان يمكن فيه العبور في معبر رفح، قفز المبلغ الى 5 آلاف دولار للفرد، هذا بعد معاناة معقدة طلب فيها من السكان الحصول على تصريح من منسق العمليات في المناطق ومن المخابرات المصرية التي تعمل بالتنسيق مع اسرائيل. كل ذلك ادخل لهذه الشرطة نحو مليوني دولار في اليوم. ومنذ شهر أيار نجح في الخروج الى مصر فقط بضع عشرات من الفلسطينيين الذين كانت حالتهم الصحية صعبة جدا.
من نجح في الخروج ادرك بسرعة أن الامر لا يتعلق بـ “الارض الموعودة”. فقد كان هناك محيط يميز بين تصريحات تضامن النظام في مصر مع معاناة الفلسطينيين وبين معاملة اجهزة النظام مع المهاجرين. تقريبا 5500 مريض الذين تم استيعابهم في المستشفيات في العريش والقاهرة ادركوا بسرعة بأنه ليست لهم حرية حركة كما يريدون. فقد تم حظر المرضى وابناء عائلاتهم من مغادرة المستشفى. وعندما تم منحهم اذن خاص للخروج من اجل شراء سلع اساسية أو ادوية طلب منهم الابلاغ عن حركتهم، وفي حالات كثيرة كان يرافقهم رجل أمن. مرضى السرطان اضطروا احيانا الى الانتظار مدة شهر الى حين ايجاد سرير لهم، الذي كان يمكنهم عليه الحصول على العلاج الكيميائي. بعض المرضى اضطروا الى تمويل شراء الادوية من جيبهم بعد أن منعت السلطات منظمات اغاثة في مصر من تجنيد التبرعات للمهاجرين. هذه المنظمات اكتشفت أنه ايضا لا يمكنها الحصول على معلومات حول وضع المرضى الفلسطينيين أو الحصول على قائمة المصابين، لأنه حظر على المستشفيات تقديم أي معلومات.
في الاسبوع الماضي نشرت “منصة لشؤون اللاجئين في مصر”، موقع مصري يتعامل مع اللاجئين الموجودين في الدولة، نشرت تقرير يتكون من 40 صفحة لخص السنة الاولى للحرب. الجزء الاساسي في التقرير الذي يستند الى معطيات الامم المتحدة وجمعيات المساعدة ومقابلات مع المهاجرين تناول وصف الوضع الصعب في غزة. جزء آخر عرض صورة بائسة عن مكانة اللاجئين الفلسطينيين والصعوبات التي يواجهونها. وحسب التقرير فانه يبدو أن معظمهم يوجدون رسميا في مكانة ماكث غير قانوني، وتأشيرة مكوثهم انتهت بعد 45 – 90 يوم. هكذا في أي يوم يمكن أن يتم طردهم من الدولة. لا يوجد أي تشريع جديد يرتب مكانتهم، وتمديد مكوثهم يخضع لتعليمات الطواريء أو حسن نية الموظفين.
هكذا، لا يوجد أي فلسطيني في مصر يسمح له بالعمل في المؤسسات الحكومية. والعمل في القطاع الخاص يحتاج الى سلسلة طويلة من الرخص والتصاريح، التي بشكل عام لا يتم اعطاءها. المخرج الوحيد هو العمل بدون رخصة بشروط استغلال مهينة، تحت تهديد الاعتقال والسجن. اولاد في جيل المدرسة أو الطلاب الذين يريدون التعلم في المؤسسات الاكاديمية في مصر، التي فيها التعليم للمواطنين بالمجان، يطلب منهم دفع رسوم مرتفعة وكأنهم اجانب. المبلغ يمكن أن يصل الى 3 – 5 آلاف دولار في السنة.
الاشخاص الذين اجريت مقابلات معهم قالوا لكتاب التقرير أنه بسبب الوضع الاقتصادي الصعب هم لا يمكنهم التعلم أو ارسال الاولاد الى المدارس. هكذا فان مصر تساهم في ضياع جيل كامل من الشباب الفلسطينيين. اللاجئون ايضا لا يمكنهم الاستعانة بخدمات وكالة “الاونروا” لأن مصر لا تسمح لها بالعمل فيها. ايضا وكالة اللاجئين “يو.ان.اتش.سي.آر” لا يمكنها المساعدة لأن أي تسجيل للاجيء فلسطيني يحتاج الى مصادقة السلطات – الامر الذي لا يتم خوفا من استقرار اللاجئين في مصر.
مصر قامت بتفويض منظمة الهلال الاحمر في مصر لمعالجة آلاف اللاجئين الفلسطينيين وتنسيق النشاطات مع منظمات الاغاثة الدولية، لكن اجهزة الهلال الاحمر في مصر فقيرة ومثقلة بسبب معالجة آلاف اللاجئين الذين وصلوا من سوريا ومن الدول الافريقية. هي لا يمكنها معالجة بنجاعة اللاجئين الفلسطينيين الذين يبقون بدون عنوان يمكن أن يساعدهم.
وسائل الاعلام الرسمية في مصر محظور عليها النشر عن وضع اللاجئين من غزة الذين يوجدون في الدولة، ايضا مظاهرات دعم الفلسطينيين محظورة في مصر. في نفس الوقت، رغم أن الخوف من اقتحام مئات آلاف الغزيين لمصر تلاشى قليلا، إلا أن مصر تستمر في بذل الجهود الكبيرة لصياغة حل يمكن أن يؤدي الى فتح معبر رفح واعادة اللاجئين الى القطاع.
أمس نشر أن مصر طلبت من خليل الحية، النائب السابق لزعيم حماس يحيى السنوار، البقاء في مصر لبضعة ايام في محاولة للتوصل الى تفاهمات حول تشكيل لجنة فلسطينية لادارة غزة والدفع قدما بصفقة التبادل. وحول تشكيل هذه اللجنة تم الاتفاق مبدئيا أن يكون في بداية الشهر بين فتح وحماس، ولكن الخلافات حول الصلاحيات، بالاساس على طلب السلطة الفلسطينية من حماس نزع سلاحها، افشلت حتى الآن التوقيع على الاتفاق. مع ذلك، مصر تأمل بأنه اذا تم التوصل الى اتفاق بين الفصائل الفلسطينية فهي يمكنها طرحه على امريكا كمخرج عملي لادارة القطاع وفتح معبر رفح، بشكل يقنع الرئيس بايدن بالضغط على اسرائيل كي تتبناه وهكذا يتم حل قضية المساعدات الانسانية.
سيطرة الفلسطينيين على الطرف الغزي في معبر رفح هي شرط اساسي لمصر من اجل فتح المعبر. تشكيل لجنة فلسطينية للادارة يمكن أن تكون ايضا الطريق لمشاركة قوة عربية في ضمان توزيع المساعدات، وهكذا تحرير اسرائيل من هذه المهمة التي لا تنجح فيها، والتي تعتبر جزء من الاساس للدعاوى ضدها في محكمة العدل الدولية.