ترجمات عبرية

هآرتس: مرت دقيقتان ونحن بقينا في الخلف: نتنياهو يفوت القطار الامريكي

هآرتس 20/5/2025، يائير غولانمرت دقيقتان ونحن بقينا في الخلف: نتنياهو يفوت القطار الامريكي

في الشرق الأوسط تحدث في هذه الفترة دراما اقتصادية، سياسية وامنية، في داخلها، بسبب رئيس حكومة الفشل، مكانة إسرائيل الاستراتيجية في المنطقة وفي العالم تنهار. دونالد ترامب الذي طرح نفسه كصديق حقيقي لإسرائيل، يسوق نظام إقليمي جديد، الذي فيه الأموال، وليس القيم المشتركة، هي القوة المحركة. المصالح الاقتصادية، الشخصية والدولية، تدفع جانبا النظام والمشاعر القديمة. الولايات المتحدة تتحدث الآن بلغة واحدة فقط: أموال كثيرة. ومن اجل هذه الأموال الكثيرة فان هناك حاجة الى محيط إقليمي مستقر. لذلك، من ناحية واشنطن فان الحرب في قطاع غزة يجب أن تنتهي، ومن لا يفهم ذلك لن يكون في اللعبة.

الحرب في القطاع والتصعيد مع الحوثيين تعتبر في الولايات المتحدة عبء استراتيجي على الواقع الجديد الذي يمليه ترامب. في هذا السياق فان إسرائيل في ظل بنيامين نتنياهو ليست ذخر للامريكيين بل هي عبء وعائق. ترامب يلمح للحكومة بأن تهديء اللعب وتنهي الحرب وتدخل الى الواقع الجديد. هذا الواقع يشمل أيضا استئناف التفاهمات مع ايران، وربما اتفاق نووي يشبه الـ “جي.سي.بي.أو.ايه”، خطة التفاهمات المشتركة بين الـ 5+1 وايران، التي تم التوقيع عليها في 2015. ولكن في إسرائيل رئيس حكومة الذي هو مدفوع فقط باعتبارات بقائه السياسي وغير قادر على قبول التغيير.

في الوقت الذي تدور فيه العجلة بسرعة كبيرة فان الحكومة بقيت بعيدا خارج الغرفة، مجمدة، وبالاساس مقطوعة. الشخص الذي كان يتفاخر بأنه ساحر في الساحة الامريكية، والذي كان يتفاخر بالقدرة على التلاعب بترامب، اصبح يمكن التلاعب به من قبل شخص متلاعب اكثر بكثير منه. نتنياهو في عهد ترامب ليس النجم الذي يملي الاجندة ويحصل على التصفيق في الكونغرس، بل هو لاعب هامشي، فاشل، في قصة فقد سيطرته عليها.

الامريكيون يبنون الآن النظام الجديد مع السعودية والامارات وقطر، وحتى مع سوريا وتركيا. المعيار بسيط: من ينضم الى عربة الاقتصاد والتطبيع فهو في الداخل، ومن يتمسك بالاوهام حول الطرد والضم والابادة فهو في الخارج. 

بديل الانضمام الى الطريق التي يرسمها ترامب واضح: جنود الجيش الإسرائيلي سيديرون حياة 2 مليون فلسطيني. الجميع يعرفون ما معنى ذلك ويعرفون كيفية انتهاء ذلك. بعد سنة ونصف على رفض نتنياهو المصمم لفحص أي تنازل فان المنطقة تستمر في التقدم بدوننا وتبقي إسرائيل في الخلف مع الحساب، الذي هو حياة البشر، نهاية الصهيونية والديمقراطية وتدمير اقتصاد إسرائيل لاجيال. لا يوجد اندماج لإسرائيل في اطار الاتفاق المستقبلي بدون رسم افق إيجابي في الساحة الفلسطينية، افق يعني الحل وإعادة الاعمار والتهدئة وتعزيز القوى المعتدلة بروحية المبادرة السعودية من العام 2002. الاندماج في محور الدول المعتدلة لا يعتبر تنازل، بل هو مصلحة وطنية من الدرجة الأولى. هو الطريقة الوحيدة لنقل ولو بشكل جزئي المسؤولية عن غزة لدول أخرى. هذا لا يعتبر ثمن، بل هو مكسب استراتيجي لإسرائيل.

إسرائيل، بصورة غير مسبوقة، لم تعد تقف على راس التحالف الإقليمي، بل تمت ازاحتها جانبا. بدلا من الجلوس على الطاولة الاستراتيجية مع ترامب ومحمد بن سلمان والشركاء الإقليميين فان نتنياهو اختار البقاء في غرفة مع سموتريتش وبن غفير. بضعفه وخضوعه لحفنة مسيحانية، متعصبة، فقد فوت القطار الأمريكي. ومثلما كتب مئير اريئيل: “مرت دقيقتان، وها أنا بقيت في الخلف”.

التداعيات كبيرة. ففي السنة القادمة ستبدأ المحادثات حول اتفاق المساعدات الأمنية بين إسرائيل والولايات المتحدة (ام.أو.يو). الحديث يدور الآن عن 3.8 مليار دولار في السنة – سلاح متقدم، ذخيرة ومظلة دفاع استراتيجية. ولكن مع استمرار هبوط مكانة إسرائيل وانخفاض أهميتها في نظر ترامب، فان هذه الأموال التي إسرائيل بحاجة اليها غير مضمونة. بدون المساعدات الامريكية ومع حكومة تبذر ميزانية الدولة على الوظائف والمستوطنات وطلاب المدارس الدينية، ولا تقوم بتجنيد الحريديين وتشجعهم على الاسهام في الاقتصاد، فان إسرائيل يمكن أن تتحول الى مكان يصعب العيش فيه، معزولة، نازفة، متعبة، وبالاساس لا تعمل بشكل سليم، وغير آمنة. المعنى المصيري هو أن إسرائيل لن تكون البيت الذي يوفر الأمان لسكانه.

امام هذا الواقع فانه يجب انقاذ إسرائيل من هذه الحكومة. هذا ليس شعار، بل هو مهمة وطنية. يجب على إسرائيل أن تعود الى ابعادها الحقيقية: الدولة العظمى الأقوى عسكريا، مع قيادة سياسية تعرف كيفية السعي الى الاتفاقات وتوفير الامن. دولة قوية ولكنها متزنة. تبادر ولكن مسؤولة. دولة تعرف علاقات القوة وتعرف كيفية استغلال إنجازاتها العسكرية، ليس من اجل البقاء وزيادة الخوف، بل لخلق اتفاق استراتيجي بعيد المدى.

هذه هي صفقة القرن الحقيقية، ليس صفقة نتنياهو. هذه هي صفقة الامن الإقليمي بعيد المدى الذي يستند الى تحالفات واتفاقات والاعتراف بافق سياسي للفلسطينيين في قطاع غزة وفي يهودا والسامرة. ومن لا يدرك ذلك فانه يقودنا الى الضياع، وهو غير جدير بالقيادة. لذلك، يجب علينا التوحد في المعارضة ووضع أيدينا معا لاستبدالهم.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى