ترجمات عبرية

هآرتس: محور فيلادلفيا سيتم تبليطه بجثث المخطوفين في الطريق الى إعادة احتلال القطاع

هآرتس 3/9/2024، تسفي برئيل: محور فيلادلفيا سيتم تبليطه بجثث المخطوفين في الطريق الى إعادة احتلال القطاع

غالبية الجمهور في اسرائيل لا تحتاج على الاطلاق الى الرد الفظ للرئيس الامريكي جو بايدن الذي رد بكلمة واحدة وهي “لا”، عندما سئل اذا كان نتنياهو حسب رأيه يعمل بما فيه الكفاية من اجل التوصل الى صفقة لتحرير المخطوفين. هذه الحقيقة معروفة في اسرائيل منذ اشهر. نتنياهو لم يطلق النار على المخطوفين الستة، بل مخربي حماس هم الذين فعلوا ذلك، ونتنياهو بصورة منهجية وناجعة اوجد الظروف التي أدت الى هذا القتل.

النتيجة التي تقشعر لها الابدان، النظرية المشوهة التي تعتبر سيطرة اسرائيل على محور فيلادلفيا مسألة استراتيجية وسياسية، ومن اجل تحقيقها قرر الكابنت، باستثناء وزير الدفاع يوآف غالنت، التصويت مع ابقاء الجيش الاسرائيلي في المحور، ظهرت في اليوم التالي في النفق المظلم. هذا القرار الذي يجسد ليس فقط الاستخفاف الانساني للاصدقاء الذين قرروا تفضيل الاستراتيجية الفارغة على حياة الانسان وكأن الامر يتعلق بمكان مقدس أو رمز للعودة الى ارض الميعاد، يتجاهل موقف الجيش والشباك اللذان يعتقدان أنه يمكن التخلي عن السيطرة في المحور، بالتأكيد لفترة محددة.

لكن بالاساس القرار يتجاهل بشكل خبيث تاريخ المحور. بشكل خبيث لأنه لا يمكن القول بأن أي عضو في الكابنت لا يتذكر بأن الجيش الاسرائيلي سيطر على محور فيلادلفيا في السابق، وأن هذه السيطرة لم تساعد في منع العمليات والهجمات واطلاق النار وتسلح حماس. بالضبط مثلما لا يمكن أن يكون أي واحد منهم يتذكر السيطرة الكاملة للجيش الاسرائيلي في قطاع غزة في الاعوام 1967 – 2005، (سنة الانفصال)، لم تمنع اطلاق صواريخ القسام والقذائف من القطاع نحو اسرائيل.

حسب معطيات “بتسيلم” وجمعية “شوفي” (نساء من اجل الخروج من غزة) ومجلس “يشع” وجمعية عائلات القتلى الفلسطينيين، فانه في الاعوام 1967 – 2005 قتل 230 اسرائيلي، و2600 فلسطيني. ومنذ كانون الاول 1987 عندما اندلعت الانتفاضة الاولى وخلال ست سنوات حتى التوقيع على اتفاق اوسلو قتل في غزة 29 جندي ومواطن اسرائيلي. ومنذ العام 1993 الى العام 2000، عند اندلاع الانتفاضة الثانية قتل في القطاع 39 اسرائيلي. في السنة والنصف منذ اعلن اريئيل شارون عن الانفصال وحتى استكماله قتل 52 اسرائيلي في غزة.  وفي الانتفاضة الثانية تم اطلاق من قطاع غزة حوالي 500 صاروخ و6 آلاف قذيفة. 

خلال هذه الفترة كانت اسرائيل تسيطر بشكل كامل، ليس فقط على محور فيلادلفيا، بل على كل القطاع. تحت انف الجيش تم حفر الانفاق وتهريب السلاح – نشطاء حماس والجهاد الاسلامي وتنظيمات اخرى اجتازوا الحدود الى شبه جزيرة سيناء وبالعكس وكأنهم يسافرون على شارع سريع لا توجد فيه اشارات ضوئية. وحسب المعطيات التي قام مركز المعلومات للاستخبارات والارهاب بتحليلها فانه في الاعوام 2000 – 2005 تم تنفيذ 15.057 عملية في قطاع غزة، أو عمليات خرجت من القطاع الى اراضي اسرائيل (مقابل 9495 عملية نفذت في الضفة الغربية أو خرجت منها). لا يوجد أي اساس للتقسيم الكاذب الذي يسوقه المتحدثون بلسان اليمين وهو أن “عصر الهدوء” الذي سبق الانفصال الذي منع فيه تواجد الجيش هناك اطلاق الصواريخ وبين “عصر الحرب” الذي حدث بسبب الانفصال. هذه هي رواية مخادعة تحاول الحكومة ورئيسها الآن اعادة انتاجها وبيعها للجمهور على أنها بضاعة جديدة واصلية. 

الانسحاب من محور فيلادلفيا هو مسألة رئيسية يتعلق بها الآن مصير المخطوفين، لكن عندما يعتبره نتنياهو “مسألة سياسية أو استراتيجية” وعرض مصطلحات بلاغية تهدف الى تعزيز اهميتها مقابل حياة بضع عشرات من المدنيين، فان القصد هو اهمية هذا المحور كمرساة اساسية لاستمرار احتلال غزة. لأنه لا يمكن السيطرة على محور فيلادلفيا بدون السيطرة على الطرق التي تؤدي اليه، ولا توجد أي طريقة لحماية الجنود الذين سيقومون باعمال الدورية فيه بدون الدفاع عن المناطق القريبة منه، لا سيما في المناطق المكتظة بالسكان مثل جنوب القطاع.

محور فيلادلفيا ليس طريق للاغنام يستخدمها الهواة اثناء الرحلات. الهدف الرسمي من السيطرة عليه هو مكافحة تهريب السلاح من شبه جزيرة سيناء الى القطاع. ولكن عندما يصادق نتنياهو والكابنت على بقاء الجيش الاسرائيلي في المحور فان هذه رزمة كاملة تشمل احتلال قطاع غزة بدون تقييد في الوقت أو كما قال نتنياهو “نحن سنبقى في قطاع غزة طالما كانت هناك حاجة الى ذلك”. هذه ترجمة “الاستراتيجي” للسيطرة على المحور، التي من اجلها مسموح التضحية بحياة المخطوفين، لا سيما أن هذا هدف مقدس لأنه في المكان الذي يوجد فيه الجيش الاسرائيلي يمكن ايضا اقامة المستوطنات واعادة المجد الى ما كان عليه. 

حماس تدرك هذا التوق، ومصر تخشى منه والولايات المتحدة تعرف الى أين سيودي بها محور فيلادلفيا في اعقاب اسرائيل وبصورة متناقضة فان صفقة التبادل هي العامل الوحيد الذي يمكن أن ينقذ اسرائيل من الغرق في وحل غزة. ولكن المخطوفين هم العائق امام تحقيق استراتيجية العودة الى غزة، وهم الذين ستتم التضحية بهم على مذبح “المحور” الذي اصبح مثابة رمز للامن المطلق الذي ينتظر اسرائيل بسبب السيطرة عليه.

لكن تواجد الجيش الاسرائيلي لا يضمن الامن، والدليل على ذلك يوجد في ادعاءات المستوطنين في الضفة ضد ما يعتبرونه عجز الجيش في حمايتهم. لا يمكن الادعاء بأن الجيش الاسرائيلي “غير موجود” في المناطق، لكن السلاح يتدفق الى الضفة الغربية من الاردن وتتم سرقته من معسكرات الجيش وينتقل الى عصابات الاجرام في اسرائيل ومنها الى أيدي المخربين. السيارات المفخخة لا تحتاج الى تكنولوجيا ايران المتقدمة أو أي معادن نادرة.

الانتفاضة الاولى والثانية تطورت ووقعت تحت الاحتلال في الوقت الذي سيطر فيه الجيش على محور فيلادلفيا. ووجود الجيش الاسرائيلي لم يمنع اختطاف الفتيان الثلاثة في غوش عصيون في 2014. سحر “التواجد” للجيش الاسرائيلي في لبنان لم يساعد سكان الجليل عندما قام حزب الله في التسعينيات باطلاق مئات قذائف الكاتيوشا والصواريخ نحو اسرائيل. الحرب اليومية في المنطقة الامنية، التي استمرت حتى العام 2000 لم تكن كافية وكانت هناك حاجة الى تنفيذ عمليات كبيرة، عملية “تصفية الحساب” في 1993 وعملية “عناقيد الغضب” في 1996، في محاولة لمنع اطلاق الصواريخ. ايضا هذه العمليات لم تمنع وبحق اطلاق الصواريخ الذي استمر في العام 1999.

اسرائيل ليست الدولة الوحيدة التي اخطأت في الاعتقاد بأن السيطرة واحتلال مناطق وتواجد طويل في المناطق المحتلة تضمن الأمن. في 1 ايار 2003 قام الرئيس جورج بوش بالقاء خطاب على متن حاملة الطائرات “ابراهام لنكولن”، التي تم تعليق يافطة متغطرسة عليها كتب فيها “تم استكمال المهمة”. بوش في حينه بشر العالم بأن “المعركة الكبرى في العراق انتهت”. في الحرب في العراق، الولايات المتحدة وحلفاؤنا انتصروا لأن نظام (نظام صدام حسين) لم يعد موجود. ولكن في 2007 اضطرت الولايات المتحدة الى ارسال 20 ألف جندي امريكي وتمديد تواجد الجنود الذين كانوا في العراق كجزء من الاستراتيجية الجديدة التي سميت “السيل العارم” من اجل محاربة القاعدة، التي جندت القوات السنية ضد قوات التحالف الامريكي. 

في العام 2011 تم انسحاب كل القوات الامريكية من العراق وفقا للاتفاق الذي وقع عليه الرئيس جورج بوش مع الحكومة العراقية في 2008، وأعاد القوات الى هناك في 2014 عندما سيطر داعش على مناطق في الدولة. ولكن امريكا كانت لها على الاقل استراتيجية للخروج، استندت الى اقامة جيش وشرطة في العراق مدربين يمكنهما معالجة المشكلات الامنية (العملية التي تبين منذ بداية الحرب ضد داعش أنها فاشلة) وترميم البنى التحتية في الدولة وتقديم مساعدات اقتصادية للحكومة الجديدة. اسرائيل لا توجد لديها أي نية لتشكيل حكومة فلسطينية بديلة لحكم حماس، كي تكون السلطة البديلة. ومحور فيلادلفيا هو الشارع السريع، الذي سيتم تبليطه بجثث المخطوفين، الذي سيؤدي الى هناك. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى