هآرتس: ما هي الفائدة من تصفية اسماعيل هنية؟
هآرتس 2/8/2024، رفيت هيخت: ما هي الفائدة من تصفية اسماعيل هنية؟
يصعب عدم تفسير تصفية اسماعيل هنية، بالتأكيد التوقيت والمكان، إلا كمحاولة لتأخير صفقة اعادة المخطوفين مقابل وقف القتال، ليس فقط مواصلة الحرب بل حتى توسيع المواجهة مع ايران، بدلا من مواصلة الازعاج من قبل مبعوثيها، في حين أنها تستمر في تطوير مشروعها النووي. كل ذلك مع محاولة جر الولايات المتحدة الى حرب تحت عنوان دولي، “حرب الحضارات”.
بنيامين نتنياهو يركب هنا على ظهر مشاعر عامة صلبة يصعب اختراقها. ففي المناخ الاسرائيلي بعد 7 اكتوبر لا يوجد أي معارض يمكنه أن يخاطر، ولو باحتجاج صغير على تصفية هنية، الذي كان يمكن تصفيته بعد عقد الصفقة وفي مكان آخر. هذا في الوقت الذي فيه التصفية تخرب بشكل مباشر وفوري احتمالية نجاح صفقة المخطوفين. ايضا في الوقت الذي تدخل فيه دولة بأكملها، التي اعصابها مشدودة اصلا، الى حالة استعداد عصابي وتزيد من خطر اندلاع حرب اقليمية، حيث اسرائيل المقسمة والممزقة ،كما اثبتت احداث سديه تيمان وبيت ليد في هذا الاسبوع، ستتضرر فيها بشكل كبير.
ربما أن التصفية تفيد في تدمير معنويات حماس، وتنضم الى الضربات التي تلقتها على الارض طوال الطريق من اجل اضعافها الضروري. ولكن التجربة الطويلة من تصفية الكثير من الشخصيات في تنظيمات كثيرة تعلمنا بأنها لا تؤدي في نهاية المطاف الى تأثير حقيقي، وبالتأكيد ليس تأثير دائم، على الواقع. حتى لو كان هناك ادعاء بأن تصفية شخصيات رئيسية في حماس أو في حزب الله ساعدت لفترة معينة، فان امتحان النتيجة يثبت أن المنظمات الارهابية ليس فقط اوقفت عملها، بل وسعت عدوانها ايضا (لأن شخص آخر سيستيقظ من اجل العمل في صباح اليوم التالي، (في حالة حسن نصر الله مثلا فانه كان ناجحا أكثر من سلفه).
في حين أن تدمير الانفاق والبنى التحتية والسيطرة على محاور التهريب أو الاتفاقات والتحالفات لها تأثير يمكن حسابه على الواقع القريب والبعيد، فان التصفيات هي اداة تأخذ معظم قوتها (المتخيلة) من الميدان الرمزي (هنية تم توثيقه في صلاة شكر على المذبحة).
إن تصفية هنية في هذا التوقيت بالذات وفي هذا المكان تندمج مع الرفض الحازم للتحدث عن “اليوم التالي”. ليس فقط بمعنى ايجاد بديل عن حكم حماس الى جانب محاربتها، بل بالمعنى العام للتعامل مع حجم تأثير اعمال مختلفة تتقنع بأنها شجاعة. هذا بالضبط مثلما يحيى السنوار وحماس انزلوا على اسرائيل ضربة شديدة من حيث وحشيتها في 7 تشرين الاول في ظل هتافات الفرح للاسلام الاصولي في كل العالم، فقط من اجل الاستيقاظ في اليوم التالي على احدى الكوارث الكبيرة للشعب الفلسطيني، عشرات آلاف القتلى والتهجير الجماعي والدمار الشامل في المنطقة.
تصفية هنية كما جرت تجدد لدى معظم الاسرائيليين الشعور القوي بأن المبادرة عادت الينا، وأنها تعيد بطريقة معينة كبرياء اسرائيل المتضررة وقوة الردع المتآكلة. ولكن يصعب ادراك كيف أن حلم وحدة الساحات ليحيى السنوار والذي سيتم تحققه بواسطة انضمام حزب الله وايران بكل القوة وهو التطور الذي يبدو أنه المرجح ازاء التصعيد في تبادل اللكمات – سيخدم بشكل معين اسرائيل أو اليهود في العالم.
نحن مأسورون اذا في بناء انشائي قوي وذكوري جدا مع ميل صبياني واضح، فيه المس المتبادل بالرموز، المذبحة واعمال الاغتصاب التي ارتكبتها حماس هي التعبير الوحشي والحقير جدا لهذه الثقافة، يوجد على سلم اهتمام واضعي السياسة مرات كثيرة، بذريعة أنها خطوات حيوية لتحقيق مكاسب استراتيجية أو امنية. أول من يدفع ثمن تهديد هذه السياسة ليس واضعيها، بل المخطوفين والاطفال والنساء والمدنيين العاجزين.