ترجمات عبرية

هآرتس: قطر تعمل على احداث تصادم عالمي

هآرتس 18/7/2024، رونيت مرزين: قطر تعمل على احداث تصادم عالمي

رونيت مرزين

ثورات “الربيع العربي” (2011) أثارت التعاطف في الغرب، لكن هذا التعاطف خفت في اعقاب القمع الوحشي وصعود زعماء جدد، قمعيين، والتدهور الى حروب دموية في بعض هذه الدول. بعد ذلك بعقد (2021) اندلعت انتفاضة الفلسطينيين ضد اسرائيل في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، التي اثارت التعاطف في ارجاء العالم. ايضا هذا التعاطف خفت والقضية الفلسطينية عادت الى هامش جدول الاعمال الاقليمي والدولي. في تشرين الاول 2023 اندلعت الحرب في قطاع غزة ردا على هجوم حماس الوحشي، وأدت الى التماهي والتعاون بين الفلسطينيين في الشتات والعرب الذين يتعلمون في جامعات الحرب وبين حركات “ووك” في ارجاء العالم.

التعاطف الدولي غير المسبوق مع الفلسطينيين هو ضمن امور اخرى، نتيجة الغضب المتراكم في اوساط ملايين الشباب تجاه زعمائهم. ولكن الغضب لا يكفي من اجل اخراج الناس الى الشوارع، مطلوب من يمول ويردد الاصوات. في كل حدث من هذه الاحداث الثلاثة كان يوجد تدخل لوكلاء التغيير الذين قامت قطر بتجنيدهم. 

انتقاد الزعماء العرب في الشبكات الاجتماعية، الذي قبل ثورة الربيع العربي وجد الصدى في قناة “الجزيرة”، التي جعلت الكثيرين يعرفون عنه. المدون المصري وائل عباس، الذي حظي بتغطية واسعة وجماهيرية في القناة حصل على لقب “رجل السنة” في الشرق الاوسط من شبكة “سي.ان.ان”. منصف المرزوقي وهو من قادة الثورة في تونس في 2011 دعا الى العصيان المدني بواسطة قناة “الجزيرة”. واعترف بدور القناة ومركز الابحاث فيها في الاعداد للثورات العربية. في ذروة “الربيع العربي” التقى عزمي بشارة، الذي كان في السابق عضو كنيست وهرب من اسرائيل، مع رئيس المركز العربي للابحاث في الدوحة، ومع نشطاء من اليسار واعضاء في حركة الاخوان المسلمين، الذين كانوا من قادة الثورات. بشارة قام بالقاء المحاضرات واجراء المقابلات حول الازمة الاخلاقية التي يشهدها المثقفون العرب، وطلب منهم تبني نشاطات سياسية واعلامية ضد الفساد والديكتاتورية في الحكم.

منى الكرد، من سكان شرقي القدس، وهي خريجة دورة “سفراء الجزيرة” وضعت هاشتاغ “أنقذوا الشيخ جراح” في وسائل الاعلام القطرية، واعطت الاشارة للبدء في الانتفاضة في أيار 2021. هي وشقيقها محمد ظهرا في قائمة الـ 100 المؤثرين في العالم في 2021 في مجلة “التايم”.

قطر تعمل منذ سنوات على ربط نضال الشعوب العربية ضد الحكام مع نضال الفلسطينيين، كي يؤدي ذلك الى تسرب الفكرة التي تقول بأن الغرب واسرائيل هم المسؤولون عن الثورات المضادة التي افشلت ثورات الربيع العربي، ويعملون بصورة مشتركة على تدمير الشعب الفلسطيني. 

ايضا قصة سقوط الامبراطورية الاسلامية في الاندلس تقوم قطر بتجنيدها لخلق وحدة عربية – اسلامية. في كانون الثاني 2024 تم عقد مؤتمر “الاتحاد العالمي لرجال الدين المسلمين” في الدوحة تحت عنوان “من غرينادا الى غزة، لماذا يتخلف المسلمون في تحقيق النصر على من يزعجونهم؟”. وفي المقارنة بين سقوط الاندلس وبين النكبة يحذر وكلاء التغيير القطريين الزعماء العرب من أنه في عدم الوحدة واستمرار التطبيع مع اسرائيل، هم يسمحون لها وللغرب بهزيمتهم ومحو مجد تاريخهم. 

في “الربيع العربي”، لا سيما اثناء الحرب في قطاع غزة، ابواق دعاية قطر تعمل على دق اسفين بين الجيوش والحكومات في دول غربية ودول عربية. هم يعرضون انتقاد الجنود لسياسة المؤسسة العسكرية في دولهم، وحتى أنهم يطلبون من الجنود العرب الانضمام للنضال ضد الزعماء العرب وضد اسرائيل. وسائل الاعلام في مصر وصفت كيف حث بشارة قناة “الجزيرة” على تحريض الجيش المصري ضد اجهزة الامن المصرية اثناء “الربيع العربي”، وكيف شجع النشطاء على مطالبة الجيش المصري الاختيار بين النظام والشعب. 

خالد مشعل، من قادة حماس في الخارج، والنشيط والمؤثر في الشبكات الاجتماعية تميم البرغوثي، اللذان يعملان في خدمة قطر اعتادا على التوجه للجيش المصري من فوق رأس النظام واحراجه بسبب عدم وقوفه الى جانب الفلسطينيين وضد اسرائيل.

قطر تعمل ايضا على الربط بين نشطاء اليسار ونشطاء حركة الاخوان المسلمين، بين المسيحيين والمسلمين الفلسطينيين، بين الفكر الديني للمسيحيين الذين ينتمون لـ “الجنوب الفقير المتمرد” الذي يناضل ضد الكولونيالية والابرتهايد وبين الفكر الديني التحرري الفلسطيني. وكل ذلك من اجل تقليص تأثير الفكر الديني المسيحي – الصهيوني، المبني على فكرة ارض الميعاد، والتفوق العرقي واقصاء الآخر. هكذا هم يأملون في تحطيم ادعاء أن المسلمين يقومون بقمع المسيحيين في الشرق الاوسط، في حين أن اسرائيل الديمقراطية تقوم باستيعابهم. 

بواسطة المساعدات المالية للدول والمجموعات السكانية الفقيرة والمهملة، فان وضع بديل “هوية انسانية” و”الاخلاق” يؤكد على القيم العالمية مثل العدالة والمساواة والحرية، ومن خلال الاستغلال المادي، اشعل في الواقع الحياة في ملايين الشباب في العالم – فان قطر تعمل على تحريك تصادم بين “الشمال العالمي” الذي يرمز الى انظمة الغرب الامبريالية والرأسمالية، وبين “الجنوب العالمي” الذي يرمز الى “الدول والمجموعات الفقيرة المهملة والمستعبدة”. هذا الامر يمكنها من تحقيق اهدافها، مثل ازاحة الزعماء العرب المعادين لها لصالح الوحدة العربية على شاكلة الاتحاد الاوروبي، الذي سيكون محكوم من قبلها، وصعود مرشحين مؤيدين للاسلام ومناهضين لاسرائيل الى سدة الحكم في الدول الغربية، واحياء فكرة الامبراطورية الاسلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى