ترجمات عبرية

هآرتس: في المعارضة السورية تنازلوا عن حلم الديمقراطية ويتوقعون صراعا طويلا بدون حسم

هآرتس 6/12/2024، جاكي خوريفي المعارضة السورية تنازلوا عن حلم الديمقراطية ويتوقعون صراعا طويلا بدون حسم

عندما تطورت المظاهرات ضد نظام بشار الأسد في سوريا قبل عقد تقريبا ووصلت الى الحرب الاهلية، كان هناك من حلموا بتغيير جوهري في الدولة. مفاهيم مثل ديمقراطية، حرية، كرامة الانسان وتمثيل مناسب لجميع الطوائف، كلها سمعت في المظاهرات ومن قبل المعارضة. بعد بضع سنوات توقف الصوت الديمقراطي في الدولة وتبخر. بعض أعضاء المعارضة، الذين أيدوا اجندة ديمقراطية – ليبرالية قتلوا أو اعتقلوا، كثيرون منهم هربوا الى أوروبا أو الى دول الشرق الأوسط واصبحوا البوق للسادة الجدد. مصدر رفيع سابق في المعارضة السورية، الذي هرب الى فرنسا، قال للصحيفة بأنه في بداية الحرب دفعت المعارضة بين 60 – 100 دولار لكل جندي هرب الى جيش سوريا الحرة، الذين هم قوات المعارضة المسلحة. “بعد بضعة اشهر”، قال. “ادركنا أنهم في داعش وفي جبهة النصرة يدفعون 300 – 500 دولار. نحن لم نتحمل الصمود فانهرنا”. 

حلم الدمقرطة تلاشى، وسوريا الآن منقسمة بين النظام – الذي يسيطر على ثلثي مساحة الدولة – وبين المعارضة، التي تقودها المليشيات الإسلامية، أحدها جبهة النصرة، المنظمة تبنت أيديولوجيا القاعدة، والآن هي تعمل في اطار “هيئة تحرير الشام”، التي تشمل فيها أيضا منظمات سلفية أخرى. على رأس هذه المنظمة يقف محمد الجولاني، التي تم إدخالها الى قائمة المنظمات الإرهابية للولايات المتحدة.

هذه الهيئة سيطرت حتى الآن على محافظة ادلب وعلى مناطق أخرى في شمال سوريا.  في شمال شرق سوريا سيطرت قوات سوريا الديمقراطية، التي تعتمد بالأساس على القوات الكردية وعلى مليشيات أقليات أخرى ومليشيات سنية علمانية. كل واحدة من قوات المعارضة مدعومة بقوات دولية وإقليمية. الولايات المتحدة والتحالف الدولي برئاستها تؤيد قوات سوريا الديمقراطية. تركيا تؤيد قوات معارضة أخرى، من بينها عدد من المليشيات الإسلامية. وحسب مصادر سورية مطلعة فان بعض قوات المعارضة تحصل على دعم دول الخليج أو افراد. النظام، من جهة أخرى، تؤيده روسيا وايران.

هذا الواقع رسخ تقسيم جغرافي غير رسمي في سوريا، والصراع على تغيير طابع النظام لا يوجد على جدول الاعمال. في السنة الأخيرة تمت إزاحة قضية سوريا عن جدول الاعمال الدولي. الحرب في قطاع غزة وفي لبنان والصراع بين إسرائيل وايران، الذي يجري في جزء منه في سوريا، كل ذلك شغل المجتمع الدولي، وحتى قبل ذلك الحرب في أوكرانيا. في الفترة الأخيرة أيضا شاهدت دوائر المعارضة كيف استأنف الأسد علاقاته مع الدول العربية، بما في ذلك دول الخليج والسعودية وقطر. 

التطورات التي بدأت في الأسبوع الماضي طرحت عدة أسئلة في الدولة، على رأسها مسألة التوقيت. لماذا بدأت كل هذه العملية على الفور بعد الإعلان عن وقف اطلاق النار بين إسرائيل ولبنان؟ بأي مستوى تجدد المعارك سيؤدي الى تغيير جوهري في الواقع السوري؟، مصدر رفيع في المعارضة، كان له دور رئيسي في بداية الحرب الاهلية، تحدث مع “هآرتس”، دون ذكر اسمه، وقال إنه على قناعة بأن الضوء الأخضر للعملية جاء من تركيا. هذا المصدر الرفيع الذي يعيش الآن في دولة أوروبية، رفض التحدث مع الصحيفة باسمه الحقيقي، بسبب أفعال إسرائيل في غزة وفي لبنان. وحسب قوله فانه ربما المصادقة على العملية أعطيت بمصادقة من إسرائيل والولايات المتحدة للحفاظ على حالة الفوضى في سوريا وتقويض مصالح ايران وروسيا فيها.

عندما سئل عن دور القوات الديمقراطية في الاحداث قال إن “الديمقراطية ليست على اجندة أي أحد”. وأشار الى أن هذه الأصوات تم اخفاءها من شاشات العالم العربي، وضمن ذلك قنوات التلفزيون المؤيدة للمعارضة الليبرالية. “منذ بدء الاحداث، قبل عشر سنوات تقريبا، واجهنا اختلافات عميقة في المواقف بسبب التعقيد في سوريا وبسبب الاعتماد على بعض الدول، إضافة الى تناقض المصالح بينها”. في المقابل، أشار هذا المصدر الى أن النظام كان متماسك وحصل على الدعم من روسيا وايران وحزب الله. “عندنا كل طرف يضغط باتجاه مصالحه، لذلك لم تكن أي احتمالية لتقدم أي طرف”، قال.

جهات رفيعة ونشطاء في المعارضة على قناعة بأن العملية التي بدأت في الأسبوع الماضي تم الاعداد لها منذ فترة طويلة، والتوقيت أيضا لم يكن بالصدفة. مع ذلك، في المعارضة الليبرالية لا يصدقون أن قوات المتمردين ستنجح في احتلال أجزاء واسعة في سوريا. “في الواقع هم سيسيطرون على حلب، وربما على حماة أيضا”، قال للصحيفة ناشط في حقوق الانسان، اعتقل في السابق من قبل النظام ولكنه هرب الى أوروبا. “لكن في مرحلة ما هذا سيتوقف”. حسب قوله فانه اذا نجحت القوات في الوصول الى حمص وقامت بفصل محافظة اللاذقية في غرب سوريا عن المناطق الأخرى التي يسيطر عليها النظام، فهذا سيكون إشارة على انهياره. “لكن التقدير هو أن هذا لن يحدث”، قال.

هذا الناشط لا يتورع عن توجيه الانتقاد لسلوك المعارضة الليبرالية التي يمثلها. فقد قال بأسف “نحن هزمنا. يجب علينا الاعتراف بأنه لا توجد لدينا الأدوات أو الاطار التي يمكنها احتواء كل هذه القوات. يمكن التحدث عن الوضع ويمكننا تحليله، لكن ليست لدينا القدرة على القيام بعملية سياسية حقيقية. نحن بين النظام الفاسد والقمعي وبين المليشيات التي اجندتها بعيدة سنوات ضوئية عن أن تكون ليبرالية”. إضافة الى ذلك في سوريا على قناعة بأنه بمجرد موافقة المجتمع الدولي على هذه التسوية، فان تركيا ستوقف دعمها للمليشيات وستوافق على هذه التسوية.

“جميع الدلائل تشير الى أن الامر يتعلق باستعراض قوة للمليشيات، لكن هناك شك اذا كانت ستحقق أي تغيير دراماتيكي وجوهري”، قال الدكتور نزار أيوب وهو خبير في القانون الدولي ويعيش في هضبة الجولان، وله علاقات مع جهات معارضة ليبرالية في سوريا. “بعض دول الخليج تؤيد المجموعات السلفية، وتركيا أيضا التي تحاول بالأساس صد الاكراد. روسيا وايران تدعم النظام. وبالنسبة اليها فان وجودها في سوريا هو شأن استراتيجي. وهي لن تتعاون مع أي عملية تسحب البساط من تحت اقدامها”.

“الاستنتاج الواضح”، يلخص أقواله، “هو أن سوريا ستبقى منطقة صراع لفترة طويلة، بدون أي توقع للحسم. والشعب السوري ما زال يوجد في الوسط وهو يعاني”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى