هآرتس: في إسرائيل يأملون ألا يؤدي الاغتيال في بيروت الى حرب شاملة
هآرتس 31/7/2024، عاموس هرئيل: في إسرائيل يأملون ألا يؤدي الاغتيال في بيروت الى حرب شاملة
اسرائيل قامت أمس باغتيال فؤاد شكر (الحاج محسن)، الذي يعتبر رقم 2 في حزب الله بعد حسن نصر الله. على الفور بعد العملية نشرت أنباء متناقضة بخصوص سؤال هل شكر، من مخضرمي الذراع العسكري في حزب الله، قتل نتيجة هجوم جوي في الضاحية، الحي الشيعي في بيروت. ولكن بعد ذلك اصدر الجيش الاسرائيلي بيان رسمي بأن عملية الاغتيال قد تم تنفيذها. ونشر ايضا عن قتيلين وعدد من المصابين في هذا الهجوم. في اسرائيل مستعدون للرد من قبل حزب الله، لكنهم يأملون أنه سيكون بالامكان استيعاب المواجهة ومنع تصعيد يصل الى حرب شاملة في الشمال. في حادث آخر أمس قتل عضو كيبوتس هغوشريم في اصبع الجليل باصابة صاروخ اطلقه حزب الله.
منذ موت الـ 12 طفل وفتى نتيجة اطلاق صاروخ لحزب الله في مجدل شمس في هضبة الجولان، جرت سلسلة مشاورات في القيادة السياسية والامنية في اسرائيل. وقد كان من الواضح للمشاركين في هذه المشاورات بأه مطلوب رد شديد على هذا الحادث، وهو الحادث الاكثر خطورة في الشمال منذ بداية الحرب. مع ذلك، النية كانت اختيار عملية تضع حزب الله في ورطة وتجعله يقوم بخطوات لن تؤدي الى حرب.
على الاجندة كانت عدة احتمالات. في النهاية تقرر القيام بالنموذج المناسب: ضرب شخصية رفيعة جدا في حزب الله في بيروت، لكن هذا تم في عملية مركزة وليس من خلال قتل جماعي لنشطاء التنظيم والمواطنين. توجد للعملية في الضاحية ايضا اهمية رمزية، فهي قلب نشاطات حزب الله. في حينه تحدثوا في اسرائيل عن “عقيدة الضاحية” التي فيها المس بهذا الحي سيجبي ثمنا باهظا من حزب الله كما حدث في حرب لبنان الثانية في 2006.
حسن نصر الله هو من المؤيدين الكبار لمقاربة المعادلات، على الاقل منذ 2006 هو يصف خطواته ضد اسرائيل كجزء من المعركة التي تهدف الى تحقيق التوازن، حتى بالعمليات نفسها وايضا بالردع في الرد عليها. طوال الحرب الحالية رئيس حزب الله صرح اكثر من مرة بأنه سيرد حزب الله على هجوم على بيروت بمهاجمة غوش دان. حتى أمس عملت اسرائيل فقط مرة واحدة اثناء الحرب في بيروت، في كانون الثاني الماضي عندما اغتالت في الضاحية القائد الرفيع في حماس صالح العاروري.
في الجيش الاسرائيلي رفعوا امس مستوى التـأهب ازاء احتمالية رد عسكري من حزب الله. في ارجاء البلاد كان يمكن ملاحظة في السماء حركة يقظة للطائرات الحربية، في حالة حاول حزب الله اطلاق مسيرات هجومية ردا على ذلك، أو أن تكون حاجة لمهاجمة منظومات اطلاق الصواريخ لديه. مع ذلك، قيادة الجبهة الداخلية امتنعت عن تغيير التعليمات لاستعداد الجمهور.
شكر (62 سنة) هو أحد آخر القادة الكبار والمخضرمين في الذراع العسكري، الذين بقوا على قيد الحياة حتى الآن. وقد بدأ العمل في صفوف حزب الله في العام 1982، قريبا من موعد تأسيس الحزب وبعد غزو اسرائيل للبنان في حرب لبنان الاولى. في تشرين الثاني نفس السنة كان مشارك الى جانب عماد مغنية (الذي اغتيل في العام 2008) في تخطيط العملية الانتحارية الاولى في صور التي قتل فيها عشرات جنود الجيش الاسرائيلي ورجال الشباك. خلال السنين كان شكر مشارك في قتل عشرات الاسرائيليين. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي نسب لشكر في بيان صدر أمس ايضا المسؤولية المباشرة عن اطلاق الصاروخ القاتل نحو مجدل شمس.
بعد مغنية تمت تصفية مصطفى بدر الدين، وريثه في الذراع العسكري، ولكن في هذه الحالة هذه لم تكن عملية اسرائيلية، بل عملية اغتيال مشتركة قررتها قيادة ايران وحسن نصر الله على خلفية التوترات في قيادة حزب الله. في الحرب الحالية قتل ثلاثة من قادة الوحدات الرئيسية في التنظيم. في جهاز الامن يقولون إن قتل القادة هو الامر الاساسي الذي يقلق حزب الله ويمس بقدرته العملياتية، رغم حقيقة أن تقريبا 380 من مقاتليه قتلوا في الهجمات الاسرائيلية. شكر كان المسؤول عن المنظومات الاستراتيجية في حزب الله، من بين ذلك الصواريخ بعيدة المدى ومنظومة الدفاع الجوي و”مشروع الدقة” الذي في اطاره تم تحسين قدرة دقة الصواريخ التي توجد لدى حزب الله. في التسعينيات حيث كان الجيش الاسرائيلي ما زال يحتفظ بالمنطقة الامنية في جنوب لبنان قاد شكر قسم العمليات في حزب الله في جنوب لبنان.
اسرائيل ابلغت مسبقا الولايات المتحدة عن نواياها. شكر كان مطلوب من قبل الـ اف.بي.آي بسبب دوره في عمليات ارهابية دولية والشك في أنه كان متورط في العملية التي قتل فيها مدنيون امريكيون. في الفترة الاخيرة جرت محادثات كثيرة بين جهات رفيعة في جهاز الامن الاسرائيلي ونظرائهم الامريكيين. الولايات المتحدة طلبت التأكد من أن اسرائيل يجب أن تحذر من اشعال حرب شاملة في الشرق الاوسط، وأن تكتفي برد محدد على اطلاق الصاروخ نحو مجدل شمس.
وزير الدفاع يوآف غالنت اعلن بعد هجوم اسرائيل امس بأن “حزب الله تجاوز الخطوط الحمراء”. ومن المرجح الافتراض بأنه بالنسبة لحزب الله ايضا عملية اسرائيل هي تجاوز للخطوط الحمراء، التي يجب أن يكون رد عليها. ولكن اضافة الى اغلاق الحساب على المذبحة في مجدل شمس فانه يطرح هنا سؤال آخر أثقل. تقريبا منذ عشرة اشهر اسرائيل لا تنجح في جعل الوضع يستقر على الحدود في الشمال، واعادة الـ 60 من سكان منطقة الحدود الى بيوتهم.
حتى لو أن الهجوم في بيروت لن يؤدي الى حرب شاملة، حتى الآن لا يلوح في الافق سبيل تؤدي الى اعادة الاستقرار الى حدود لبنان. في هذه الاثناء يبدو ايضا أنه مسار بديل – التوصل الى صفقة التبادل مع حماس ووقف اطلاق النار في القطاع وبعد ذلك جهود امريكية سريعة لتهدئة الشمال – وصل الى طريق مسدود. حتى بعد اغتيال شكر فان الحكومة والجيش غير قريبين من حل الضائقة الاستراتيجية في الشمال. السكان هناك فقدوا الصبر منذ زمن، وفقط قلائل عادوا الى بيوتهم، وحياتهم غير آمنة ولا يوجد لأحد أي فكرة كيف ومتى سيعود الهدوء الى الحدود.