ترجمات عبرية

هآرتس: رغم الحرب، الاقتصاد ما زال ينبض بالحياة، من يدفع الثمن؟ الطبقة الوسطى

هآرتس 10/6/2025، نحاميا شترسلررغم الحرب، الاقتصاد ما زال ينبض بالحياة، من يدفع الثمن؟ الطبقة الوسطى

لو ان زائر من المريخى هبط هنا لم يكن ليصدق ما يشاهده. لقد قالوا له بانه يهبط في منطقة حرب، وقالوا له بان هذه الحرب تستمر منذ سنة وثمانية اشهر، وحتى أنها تصاعدت مؤخرا. وقد شرحوا له بأن الامر يتعلق بدولة صغيرة كل العالم يقف ضدها، وأن أوروبا تفرض عليها عقوبات، وأن عدد من شركات الطيران لا تطير اليها، وأن الاستثمارات في الحضيض، وأن الهايتيك يهرب، وأن العجز ضخم، وأنهم خفضوا تصنيفها الائتماني. هكذا هو توقع مشاهدة كارثة: دولة في حالة توقف، في ركود عميق، وبطالة بعشرات النسب المئوية، وتضخم هائج وتخفيضات كل يوم اثنين وخميس، وبورصة منهارة.

لكن ما شاهده كان مختلف كليا. لا يوجد ركود، الاقتصاد ينبض بالحياة، الناس يذهبون الى العمل ويقومون بالتسوق. حتى أن هناك ارتفاع مفاجيء في جباية الضرائب. أيضا البورصة ترتفع (13 في المئة منذ بداية السنة)، الشيكل يتقوى بدلا من ان يضعف. حتى أن نسبة البطالة متدنية (اقل من 3 في المئة). ما الذي يحدث هنا؟ هل الحرب لا تؤثر أبدا على الاقتصاد؟.

ليس بالضبط. الحرب تؤثر، ولكن كيف. الصورة الاقتصادية معقدة اكثر مما يراه الزائر للحظة، توجد مثلا فروع تستفيد بالذات من الحرب: البنوك. هي تستفيد من سعر الفائدة المرتفع ومن الذين يأخذون قروض بفائدة مرتفعة. أيضا فروع التجارة تربح. نسبة السفر الى الخارج انخفضت، والأموال التي كانت تبذر هناك تم تحويلها للاستهلاك هنا، الامر الذي يؤدي الى ازدهار السوبرماركت، شركات الغذاء وشبكات التسويق. لحسن الحظ أيضا قطاع الهايتيك يظهر القوة رغم الحرب. الاعمال الرائدة والموهبة والمرونة التي يتمتع بها من يعملون في هذا القطاع، تسمح لهذه الصناعة بتجاوز الازمة والاستمرار في التصدير وتحقيق النجاح. اذا اضفنا الى ذلك الزيادة الحادة في التصدير الأمني فان النتيجة هي فائض في ميزان المدفوعات، وبالتالي لم يحدث انخفاض لسعر الشيكل، بل قيمته ارتفعت. 

اذا كان الامر هكذا فهل نحن لن ندفع في أي يوم ثمن الحرب؟ نحن سندفع، لكن كيف. نحن ندفعه الآن، سواء بحياة الناس والمعنويات وتدمير المستوطنات في الشمال وفي الجنوب، أو بالضربة الاقتصادية الضخمة التي تعرضت لها الطبقة الوسطى، الذين يعملون ويدفعون الضرائب ويخدمون في الاحتياط، عليهم تم فرض كل هذه المراسيم. هم الذين يتآكلون. هم الذين يدفعون ثمن الحرب بتدهور مستوى المعيشة، سواء كانوا يعملون لحسابهم الخاص أو أجراء.

على مستوى الماكرو نرى ذلك في انخفاض النمو. فقد انخفض الى 2 في المئة فقط في 2023 (مقابل إمكانية كامنة هي 4 في المئة)، وفي 2024 بلغ النمو 1 في المئة، الذي هو انخفاض في مستوى المعيشة. أيضا نحن لم ننس أنه من اجل تمويل الحرب الحكومة رفعت الضرائب (ضريبة القيمة المضافة، التأمين الوطني، ضريبة الصحة، تجميد درجات ضريبة الدخل، الضريبة الإضافة والضريبة على الأرباح المحتجزة). كان هناك خفض للأجور في القطاع العام، وخفض أيام النقاهة. حتى أن الحكومة خفضت جميع الخدمات الاجتماعية، التعليم، الصحة والاستثمارات. هذا اضرار آخر بالطبقة الوسطى. ثمن آخر  للحرب هو ارتفاع وتيرة التضخم التي تبلغ 3 في المئة، أيضا هذا يعتبر تآكل في مستوى المعيشة. 

أيضا المستقبل مخيف. إسرائيل أصبحت دولة معزولة، وحتى منبوذة. فرنسا تهدد بفرض عقوبات عليها وبريطانيا أيضا. يوجد حتى خطر في أن يلغي الاتحاد الأوروبي اتفاق التجارة مع إسرائيل، الامر الذي سيكون ضربة قاسية، حيث أن جزء كبير من التصدير الذي يذهب الى أوروبا معفي من الضريبة، والآن يصعب البيع هناك. الجامعات الأوروبية تلغي اتفاقيات مع جهاز الاكاديميا في إسرائيل، والمؤتمرات الدولية يتم الغاءها. أي انه يوجد للحرب ثمن باهظ، وهو ملقى بالأساس على الطبقة الوسطى. الحريديون مثلا نجحوا في التهرب منه كليا. ومثلما هي الحال دائما فان المهم هو أن من ينقذون الوضع ويمنعون كارثة اقتصادية هم بالضبط نفس الطبقة الوسطى، نفس الأشخاص الذين وقعت عليهم هذه المراسيم، والذين رغم كل ذلك يواصلون عملهم القاسي والمبادرة والاختراع والإنتاج والبيع. وهكذا فانهم يواصلون انقاذ الاقتصاد. هذا نقوله ليعرفه الزائر من المريخ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى