ترجمات عبرية

هآرتس ذي ماركر: الحرب اغلقت افاق النمو، الحل الوحيد المتبقي يرتبط بالحريديين

هآرتس ذي ماركر 28/5/2025، ناتي توكرالحرب اغلقت افاق النمو، الحل الوحيد المتبقي يرتبط بالحريديين

مؤتمر ايلي هوروفيتس، الذي يعقد كل سنة في القدس منذ 32 سنة، هو ساحة النقاشات الاقتصادية المهنية الاكثر شهرة في اسرائيل. المؤتمر هو بشكل عام منصة للنقاش العام الاولي لميزانية الدولة قبل السنة القادمة، قبل نقاشات الميزانية في الحكومة التي من شانها ان تبدأ في الصيف. المواضيع البارزة فيه هي على الاغلب التي ستسمع فيما بعد على طاولة العمل في جلسات الحكومة والوزارات.

قبل اندلاع الكورونا في 2020 تم تخصيص نقاشات كثيرة في المؤتمر لقضية انتاحية العمل المتدنية في اسرائيل. انتاجية العامل في اسرائيل تخلفت بنسبة  24 في المئة عن المتوسط في دول OECD، حسب معطيات بنك اسرائيل في 2019. ورفعها يعتبر المفتاح لنمو الاقتصاد في المستقبل.

لكن بعد الفترة الانتقالية المضطربة (2020 – 2024) يمكن الاعلان عن موت النقاش حول هذا الموضوع. والآن بدلا من خطط العمل المعقدة والمتفائلة لزيادة الانتاجية، فان الخطاب في النقاشات الاقتصادية يتحول الى مفهوم آخر هو “المعضلة الثلاثية”، الذي يشير الى الصراع بين ثلاثة اهداف، كل هدف منها يوجه مسار ميزانية الدولة في اتجاه مختلف.

رواد السياسة الاقتصادية في اسرائيل موجودون في ضائقة. عندما ينظرون الى الافق ويبحثون عن محركات للنمو للمستقبل ما بعد الحرب، والى الوضع الجيوسياسي الجديد الذي فرض علينا، فانه ليس من السهل العثور على مثل هذه المحركات. فكل فكرة من الافكار الاقتصادية التقليدية لم تعد تجذب مثلما كانت، لأنها مقرونة بتعقيد جديد، يمكن ان يؤدي الى هبوط الاقتصاد الى الحضيض. في هذا الوضع يوجد لاسرائيل مخرج واحد، الذي سيمكنها من اعادة النمو السريع الذي كان قبل الكورونا وعدم التدهور.

مفتاح زيادة انتاجية العمل

المعضلة الثلاثية برزت امس في خطاب محافظ بنك اسرائيل، البروفيسور امير يارون، في المؤتمر. ايضا الاقتصادي الاول في وزارة المالية، الدكتور شموئيل اباربزون، عرضها، وايضا مدير شعبة الابحاث في بنك اسرائيل، الدكتور عيدي برندر.

قبل فترة قصيرة ركز المحافظ، باعتباره المستشار الاقتصادي لحكومة اسرائيل، جهوده لاقناع الحكومة في هدف واحد رئيسي – زيادة النفقات العامة من اجل زيادة انتاجية العاملين في اسرائيل. في السيناريو الذي عرضه البنك فان زيادة الانتاجية ستؤدي الى تسريع النمو على المدى البعيد. استثمار 3 في المئة من الناتج المحلي السنوي في هذا الامر سيساعد.

حسب رجال بنك اسرائيل فان تحسين الانتاجية يمكن أن يتم بواسطة الاستثمار في وسائل الانتاج في الاقتصاد: في رأس المال المادي، مثل الاستثمار في البنى التحتية للمواصلات أو وسائل الاتصال، وفي رأس المال البشري عن طريق تحسين التعليم.

في البنك في الواقع لم يوفروا الحديث بخصوص الحاجة الى تحسين انتاجية المجتمع الحريدي والمجتمع العربي. ولكن التركيز على توصيات البنك، على رأسها تقرير الانتاجية الذي نشره في 2019، كان بالتحديد على رأس المال المادي، وهو المجال الذي تتخلف فيه اسرائيل بشكل واضح وراء دول OECD. ربما سبب هذا التركيز هو المقاربة الواقعية لبنك اسرائيل، الذي لم يرغب في أن يكثر من الحديث عن برامج للجمهور الحريدي، التي ستسقط على اذن صماء في الخطاب السياسي.

التركيز على الحاجة الى زيادة الاستثمار في رأس المال المادي وجد تعبيره في تقرير الانتاجبة، مثلا في التوصية باستثمار رأس مال ضخم في المواصلات. “خطوات لتحسين البنى التحتية للمواصلات بنسبة 2 في المئة من الناتج المحلي السنوي” (أي استثمار آخر بمبلغ 40 مليار شيكل في السنة بارقام 2025). يمكن تحسين بالتدريج المكانة النسبية لاسرائيل، وهكذا فان مستوى البنى التحتية سيصل الى النصف تقريبا في دول OECD خلال عشرين سنة تقريبا. وهكذا سترتفع انتاجية العامل في اسرائيل 5.6 في المئة”، كتبوا في حينه في البنك.

في البنك اوصوا في ذلك البرنامج بتمويل ثلث النفقات الاخرى على البنى التحتية عن طريق زيادة العجز، وثلثين من خلال جباية الضرائب. في البنك عرضوا في حينه عدة سيناريوهات بخصوص مسار النمو ومسار نسبة الدين الى الناتج المحلي الاجمالي.

حجة البنك الرئيسية هي ان زيادة الاستثمارات في الواقع ستزيد الدين على المدى القصير، لكنها سترفع النمو على المدى البعيد. ولكن كل ذلك كان في العام 2019.

ثمن الحرب: 250 مليار شيكل

هذا السيناريو تم عرضه في بيئة عالمية مختلفة كليا، قبل ازمة الكورونا وقبل التضخم وعندما كان سعر الفائدة تقريبا صفر. عند البدء في رفع سعر الفائدة كان من الواضح أنه يمكن تاجيل بعض من هذه البرامج. عمليا، رجال وزارة المالية استخفوا سرا ببنك اسرائيل. هم في الاصل يوجدون في مواجهة هيكلية دائمة مع بنك اسرائيل، ايضا في قضية توسيع الاستثمارات. بعض رجال وزارة المالية اقترحوا سؤال بنك اسرائيل عن ماذا سيكون وضع اسرائيل المالي لو أن الحكومة استمعت على نصيحتهم وقامت بزيادة الدين لزيادة الاستثمار في البنى التحتية في ظل سعر الفائدة الحالي.

بنك اسرائيل في الواقع قلل الصوت في توصيته لزيادة الاستثمارات المادية على خلفية زيادة الدين في فترة الكورونا. ايضا الانتاجية قفزت قليلا منذ ذلك الحين، ضمن امور اخرى، على خلفية خطوة زيادة النجاعة في فترة الكورونا، وبعد ذلك تبني الرقمنة وزيادة النجاعة، وليس فقط بفضل الهايتيك.

الحرب التهمت الان كل الاوراق. ايضا في بنك اسرائيل يعرفون أنه الآن يمكن دفن عميقا في الارض التوصية بزيادة الاستثمار في البنى التحتية. هذا ليس فقط الانفاق لمرة واحدة بمبلغ 250 مليار شيكل على الحرب، بل الحاجة ايضا الى زيادة الانفاق الامني للمدى البعيد. مع هذا المستوى من الدين فانه واضح للجميع بأنه لم تبق أي اموال لاستثمارها في البنى التحتية – ويحظر اخذ مخاطرة لرفع الدين العام من اجل زيادة الاستثمارات.

هذه بالضبط هي المعضلة المالية. من جهة، الحاجة الى الاستثمار في البنى التحتية وزيادة الانفاق المدني، هي أمر حيوي. الانفاق المدني كنسبة من الناتج المحلي في اسرائيل هو 33.1 في المئة، مقابل 41.9 في المئة بالمتوسط في دول OECD. المعادلة بسيطة: اذا اصبح استثمارنا اقل من دول OECD فان النمو لدينا ايضا سيكون ادنى من المتوسط، واسرائيل ستتدهور الى الخلف.

من جهة اخرى، الوزن الجديد الذي يثقل على الانفاق لا يتوقع أن يتلاشى في القريب – الانفاق الامني. في 2023 هذا الانفاق قفز الى 5.3 في المئة من الناتج المحلي، مقابل متوسط 1.9 في المئة في دول OECD. بنظرة الى الامام فان الانفاق الامني كنسبة من الناتج المحلي لن ينخفض بشكل حاد في القريب. وفي 2025 سيبلغ 6 في المئة واكثر. هذه النسبة ستنخفض باعتدال على ضوء الحاجة الى زيادة الاستثمار في الامن الجاري وايضا في زيادة القوة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى