ترجمات عبرية

هآرتس: حكومة وجيش لبنان ليست لديهم قوة ولا يمكنهم فرض شيء على حزب الله

هآرتس 26/11/2024، تسفي برئيل: حكومة وجيش لبنان ليست لديهم قوة ولا يمكنهم فرض شيء على حزب الله

“التسوية” هي مفهوم مضلل يحاول ابعاد المعنى الحقيقي للعملية الدبلوماسية التي لم يتم استكمالها بعد بين اسرائيل ولبنان، والتي يمكن أن تستكمل في القريب. اسرائيل وحكومة لبنان سيوقعون على الاتفاق، ليس على “تسوية” أو “تهدئة” أو “هدنة”. رسميا هذا سيكون اتفاق بين دول، يهدف الى تحديد قواعد السلوك المتبادلة، ليس بين لبنان واسرائيل، بل بين اسرائيل وحزب الله، الذي هو التهديد الحقيقي والفعلي. لأنه ليست حكومة لبنان أو الدولة اللبنانية هما التهديد، بل حزب الله. وفي أي اتفاق سيتم التوقيع عليه من شأن حكومة لبنان ضمان تحييد هذا التهديد. وبدون شراكة حزب الله واستعداده للتمسك ببنود الاتفاق فانه لن يكون له أي معنى.

في اطار الاتفاق لن يتم نزع سلاح حزب الله، آلاف الصواريخ بعيدة المدى وقصيرة المدى؛ مخزون المسيرات والتكنولوجيا البالستية المتقدمة وكل البنى العسكرية للحزب ستبقى على حالها. واذا تم تطبيق الاتفاق بالكامل فسيتم ابعاد هذا التهديد الى ما وراء نهر الليطاني، لكنه لن يتلاشى. اضافة الى ذلك فان جنوب لبنان لن يبقى منطقة فارغة من السكان. نوع من “الحزام الامني” حتى بعد قامت اسرائيل بمحو عدة قرى والسيطرة على منطقة بعمق بضعة كيلومترات. بالنسبة للحكومة في لبنان، سواء بدأت اسرائيل في الانسحاب في الايام الاولى للاتفاق، أو بعد “فترة اختبار مدتها ستين يوم”، فان المواطنين النازحين والهاربين من قراهم سيعودون الى بيوتهم.

الحكومة اللبنانية تصمم على أن “التسوية” لا تعتبر اتفاق جديد بين دولتين، بل ستعتبر تسوية قرارات وتفاهمات من اجل ضمان تنفيذ القرار 1701. سبب ذلك هو أنه من ناحية قانونية فان أي اتفاق جديد بين الدول يحتاج الى مصادقة البرلمان. وفي حالة الاتفاقات الاقتصادية، مثل اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين اسرائيل ولبنان الذي مكن من تفعيل حقول الغاز في الدولتين، فانها تحتاج الى مصادقة الرئيس.

  مفهوم “التسوية” يمكن أن يتغلب على هذه العقبة لأنه يتم تفسيره في لبنان كاستمرارية أو توسيع لقرار مجلس الامن، الذي صادق عليه في السابق حزب الله في 2006، ولا يحتاج الى اجراء قانوني جديد الذي يمكن أن يضع هذه العملية في حقل الغام سياسي في لبنان. من هنا فان المباديء التي ستكون في اساس الاتفاق لا تختلف في جوهرها عن مباديء القرار 1701، التي تشمل، ضمن امور اخرى، تواجد حزب الله على خط الليطاني ونشر 15 ألف جندي من الجيش اللبناني، اضافة الى قوة اليونفيل في المنطقة بين نهر الليطاني والحدود مع اسرائيل، وانشاء منطقة منزوعة السلاح وخالية من الجنود غير المرخصين من قبل الحكومة اللبنانية، و”عدم بيع أو تزويد السلاح والوسائل القتالية للبنان باستثناء التي تمت المصادقة عليها من قبل الحكومة”. أي منع تهريب أو نقل السلاح لحزب الله من سوريا، ايران ومصادر اخرى.

  اضافة الى هذا الشرط، الذي هدف الى منع الاحتكاك المباشر والفوري بين اسرائيل وحزب الله، والذي لم يطبق منذ اتخاذ القرار، سواء من قبل لبنان أو قوة اليونفيل، فان القرار الاصلي شمل شروط اخرى. الاهم هو نزع سلاح جميع المليشيات، أي حزب الله، كما جاء ايضا في القرار 1559 من العام 2004، الذي اضيف كجزء لا يتجزأ الى القرار 1701.

  رغم أن بنود الاتفاق الآخذ في التبلور ما زالت غير معروفة بالكامل، ومن غير الواضح اذا كانت حكومة اسرائيل وحكومة لبنان وحزب الله سيوافقون عليها، إلا أنه يمكن ويجب الافتراض بأن نزع سلاح حزب الله في كل ارجاء لبنان، وليس فقط طرده من الجنوب، سيبقى فقط أمنية حتى لو شمله الاتفاق. ليس فقط أن الجيش اللبناني الضعيف – الذي حتى الآن ما زال لا ينجح في تجنيد القوة البشرية المطلوبة لتنفيذ مهماته حسب القرار 1701، ولم يحصل بعد على المعدات والسلاح والسيارات المدرعة، وبالاساس الميزانية لتمويل انتشاره الجديد على طول الحدود – بل هو ايضا غير قادر على مواجهة قوة حزب الله العسكرية؛ وأي محاولة لنزع سلاح حزب الله تعني مواجهة عنيفة، الى درجة الخوف من نشوب حرب اهلية في لبنان.

  بهذا يختلف الوضع في لبنان عن الوضع في سوريا، التي فيها النظام يحارب ضد جهات سرية متآمرة، على الاقل في المناطق التي يسيطر عليها، وبسياسة متعمدة هو لا يسمح بنشاطات منظمات مسلحة، باستثناء التي تعمل بالتنسيق الكامل معه. وكل الآخرين يعتبرون أعداء أو ارهابيين. في لبنان ليس فقط لا توجد للدولة قوة لمواجهة حزب الله، بل الحزب يعتبر جزء لا يتجزأ من الحكومة والبرلمان. فهو يمثل معظم الشيعة، وبصورة غير رسمية هو له مكانة “قوة الحماية” المطلوبة للحفاظ على أمن الدولة طالما أن الجيش اللبناني لا يمكنه مواجهة التهديدات الخارجية. من هنا فان طلب بني غانتس الشعبوي “العمل بقوة ضد ممتلكات حكومة لبنان والتي تعطي اليد الحرة لحزب الله”، ليس إلا طلب فارغ يهدف ربما الى التذكير بأن غانتس ما زال يحلق في الفضاء السياسي في اسرائيل.

  حكومة لبنان، حتى لو كانت حكومة دائمة وليس حكومة انتقالية مؤقتة مثلما هي الآن منذ ثلاث سنوات، ليست اكثر من وسيط، وتوقيعها على الاتفاق يستهدف توفير الغطاء الرسمي والشرعي له. في هذا السياق من المهم ملاحظة أنه ليس رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، هو الذي كان الشريك الضروري لاجراء المفاوضات حول الاتفاق، بل رئيس البرلمان، نبيه بري، الذي يعمل كمخول من قبل حزب الله. اضافة الى ذلك ايضا نبيه بري ليس هو صاحب الكلمة الاخيرة. ويبدو ايضا أن نعيم قاسم، وريث حسن نصر الله كأمين عام للحزب، ليس هو صاحب القرار الحصري. ايران هي شريكة كاملة في توجيه شروط الاتفاق حتى لو لم تكن مشاركة في كل التفاصيل. بدون القرار الاستراتيجي الذي تم اتخاذه في طهران والذي سمح بالفصل بين ساحة غزة ولبنان، وعمليا فكك وحدة “جبهة الدعم” لحماس، ربما لم تكن المفاوضات حول الاتفاق ستتقدم على الاطلاق. تغيير هذا الموقف هو ثمن باهظ من ناحية ايران، ويمكن أن يؤثر ايضا على علاقاتها مع وكلائها، ولكن الخوف من فقدان الذخر اللبناني هو الذي رجح الكفة كما يبدو.

  هكذا، اذا كانت الولايات المتحدة هي الضامنة لأن تنفيذ اسرائيل دورها، فان ايران حتى بدون صفة رسمية أو مشاركة في لجنة الرقابة على تنفيذ الاتفاق، ستكون الضامنة لأن ينفذ حزب الله دوره. وهكذا فهي تستطيع ايضا ضمان مكانة الحزب في النسيج السياسي في لبنان وحجم تأثيرها فيه.

  الاتفاق، حتى بعد خروجه الى حيز التنفيذ، هو فقط المرحلة الاولى والرسمية في استقرار منظومة العلاقات العسكرية بين اسرائيل ولبنان. وحتى الآن ستكون حاجة الى بناء “كتالوج” للخروقات، سيستخدم كمحك لتطبيقه، وهو يتوقع أن يثير خلافات كبيرة على الصعيد السياسي الداخلي في اسرائيل أو بين اسرائيل ولبنان، وبينهما وبين اعضاء لجنة الرقابة الدولية. وليس فقط على تفسير الخروقات، بل ايضا على الرد المسموح عليها. من المهم، بناء على ذلك، أن نذكر بأن الحديث لا يدور عن اتفاق سلام بين اسرائيل ولبنان، بل عن وضع بنية تحتية متفق عليها لتثبيت وقف بعيد المدى لاطلاق النار يمكن من العيش بأمان نسبي على جانبي الحدود.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى