هآرتس: حرب اليمين المتطرف الاولى

هآرتس 31/10/2024، جدعون ليفي: حرب اليمين المتطرف الاولى
عندما يبكي بتسلئيل سموتريتش يمكن فقط الضحك بشكل مرير. عندما اوريا بن نتان يبكي على قبر شقيقه شوفال ويقوم بتأبينه يجب استدعاء الشرطة من اجل اعتقاله. عندما تستمر حرب وحشية جدا ولانهائية بسبب سموتريتش وبن نتان وامثالهم، فانه لا يمكن مشاركتهم في حزنهم. عندما يصبح الحداد تحريض مريض على المزيد من جرائم الحرب فانه لا يمكن المرور مر الكرام، حتى عندما يدور الحديث عن شقيق فقد الآن شقيقه. الصواب السياسي يجب أن يتوقف هنا، ومعه مقولة “لا يجب لوم شخص في حالة حزن”. حزنهم ليس حزني. وحزنهم ليس حزن جميع الاسرائيليين.
وزير المالية اجهش بالبكاء في هذا الاسبوع في جلسة قائمته في الكنيست على “ابناء حكماء، ابناء توراة ابرار، الذين سقطوا وهم يدافعون عن الدولة”. إن من يدفعون الى مواصلة الحرب وتوسيعها ويمنعون حتى الآن انهاءها بقوة ابتزاز الائتلاف، لا يستحقون المشاركة في حزنهم. سموتريتش يأسف بشكل رئيسي على ثمن الدماء التي دفعتها الصهيونية الدينية في الحرب، وهو ثمن لا يناسب نسبة هذا القطاع في السكان. ولكن لا يمكن تجاهل دور هذا القطاع في اذكاء الحرب واستمرارها المجرم.
هذه حرب قطاع سموتريتش. هذه حرب اليمين المتطرف الاولى. اسرائيل لم تمنع في أي يوم حرب اثر اليمين الكهاني بشكل كبير على سيرها. في الواقع الاغلبية الساحقة من الاسرائيليين أيدوا ويؤيدون الحرب، في الواقع هي لا تدار من قبل شبيبة التلال، في الواقع معظم جرائم الحرب يرتكبها قادة، طيارون وجنود، ممن يؤيدون اليسار الصهيوني والوسط. صحيح ايضا أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يتحمل بالاساس المسؤولية والذنب عن الحرب. ولكن لم يكن لاسرائيل حرب، كان للمستوطنين ومن يساعدوهم فيها تأثير حاسم على سيرها. لذلك، عندما يبكي شخص رفيع في هذا القطاع فهو لا يثير أي تعاطف أو رحمة في قلب من يعارضون الحرب. بسبب سموتريتش وامثاله يوجد الآن ملايين الاشخاص الذين يبكون بلا توقف، من بيروت وحتى رفح، بما في ذلك في اسرائيل. بسببهم اصبحت اسرائيل دولة منبوذة، التي أي رحمة وانسانية تجاه الآن ليس فقط غريبة عليها، بل هي تعتبر فيها خيانة.
سموتريتش قام بالبكاء على القتلى من قطاعه (ذكر ايضا الآخرين)، برعايته ودعمه وتشجيعه وتمويله ازداد عدد القتلى من امثال شوفال. الجندي شوفال بن نتان قتل في الاسبوع الماضي في لبنان، وهو من سكان مستوطنة رحاليم. جنازته التي كانت في جبل هرتسل، وشارك فيه آلاف الاشخاص، تحولت الى استعراض للتحريض والعنف اللفظي غير المسبوق في اسرائيل. برعاية الحداد والثكل تمت ازالة القناع الاخير. في جبل هرتسل خرج المارد من القمقم، المارد الذي هو عنيف وعنصري ومجرم ويحب المذابح ونازي جديد. السموتريتشيون شجعوا هذا المارد.
“شوفي الحارق” كان لقب بن نتان بسبب عادة له، وهي احراق البيوت من اجل خلق جو. اصدقاؤه تحدثوا عن ذلك في جنازته باعجاب ومحبة. قبل سنة تم اعتقاله بتهمة قتل فلاح فلسطيني، كان يقطف الزيتون ببراءة. بن نتان تم اطلاق سراحه بسرعة، الذي تم بروحية فترة سموتريتش.
هكذا قام شقيقه اوريا بتأبينه: “أنت دخلت الى قطاع غزة من اجل الانتقام بقدر الامكان، كي تقتل النساء والاطفال وكل من تراه، بأكبر قدر ممكن، هذا ما أردته… نحن اعتقدنا أننا سنذبح العدو، سنذبح الجميع، سنطردهم جميعهم من البلاد… وكل شعب اسرائيل سيحظى بالانتقام لك… انتقام دموي وليس انتقام باحراق البيوت أو احراق الاشجار أو احراق السيارات. انتقام لدماء عبيدك التي سفكت”. في لحظة ظهرت الشخصية الحقيقية للمستوطنين العنيفين، الذين في ظل الحرب لا يهيجون فقط في غزة، بل ايضا في الضفة الغربية، مثلما لم يهيجوا في أي يوم، وذلك برعاية من سموتريتش.
من نافل القول تخيل ماذا كان سيحدث لو أن شقيق فلسطيني ثاكل قال اقوال مشابهة على قبر شقيقه. هذا أمر زائد لأن جثة المخرب الفلسطيني، خلافا لجثة المخرب اليهودي، لم تكن لتتم اعادتها الى عائلته.