هآرتس: تعيين دافيد زيني استهدف إرضاء القاعدة المسيحانية لرئيس الحكومة

هآرتس 23/5/2025، عاموس هرئيل: تعيين دافيد زيني استهدف إرضاء القاعدة المسيحانية لرئيس الحكومة
الحياة كجنون مستمر، البيان المفاجيء لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمس حول تعيين الجنرال دافيد زيني في منصب رئيس الشباك، قبل لحظة من انتهاء النشرات الإخبارية في التلفزيون، استهدف خدمة هدفين في نفس الوقت. من جهة، نتنياهو يصعد المعركة امام المحكمة العليا والمستشارة القانونية للحكومة، بعد لحظة من قول المستشارة القانونية للحكومة في اعقاب قرار المحكمة العليا بأنه محظور عليه الانشغال بتعيين رئيس جديد للجهاز بدلا من رونين بار. من جهة أخرى، اعلن عن تعيين مختلف عليه بطبيعته، إزاء ما هو معروف عن آراء المرشح وعن مستوى مناسبته المقدر لهذا المنصب. بالنسبة لنتنياهو هذا مكسب مزدوج: الأساس هو أن قاعدته السياسية، بالأساس المعسكر الحريدي – المسيحاني سيكون راض. واذا تلقى معارضوه اصبع في عيونهم فان الخير سيكون اثنين.
من محادثات قصيرة مع عشرة ضباط كبار متقاعدين وعاملين، الذين كانوا قادة له، أو مرؤوسين له أو زملاء لزيني، طرحت امس صورة موحدة جدا. كل من سئل قال انه كان قائد حربي ممتاز على مستوى الميدان، وتمتع بالشجاعة التي تستحق التقدير. وعن أدائه كضابط كبير الآراء كانت إيجابية اقل. بالأساس تم طرح علامات استفهام كبيرة حول مستوى تجربته المطلوبة للمنصب الجديد، وحول الآراء التي طرحها في منتديات مختلفة. المفاجأة من التعيين كانت مطلقة. وفي معظم الحالات رافقها انتقاد شديد.
في مقابلة مع افيحاي بكار في “هآرتس”، عندما كان قائد لواء غولاني في 1999، اقترح غادي ايزنكوت على القراء تذكر الأسماء التالية من مرؤوسيه، قادة السرايا في اللواء: دافيد زيني، عميت فيشر وغاي هليفي. بعد اكثر من عشر سنوات تاثر اهود باراك الذي كان في حينه وزير الدفاع، من تميز قائدي الكتيبة في غولاني على حدود القطاع، زيني وفيشر. مرت خمس سنوات وزيني تم تعيينه لتاسيس لواء الكوماندو في الجيش الإسرائيلي، وفي حينه نشر في الصحيفة اليمينية “المصدر الأول” مقال امتدح شخصية قائد اللواء، الذي هو من سكان هضبة الجولان وابن لحاخام، ووصل الى غولاني من دورية هيئة الأركان.
الثناء على زيني كان دراماتيكي حتى بمفاهيم صحف هذا القطاع، المليئة بمقالات كهذه. “هذا قائد كتيبة يضع الرصاصة للمخرب بين عيونه ويواصل التقدم في الوقت الذي يفحص فيه الخرائط”، هكذا وصفه بانفعال ضابط خدم تحت قيادته في غولاني. شخص آخر أجريت معه مقابلة، حاخام في مدرسة دينية في هضبة الجولان، وصف هواية زيني للحمام البارد في ذروة فصل الشتاء. في نهاية المقال الطويل فان القاريء كان يمكن ان يتولد لديه الانطباع بأنه يتعامل مع بار كوخبا عصري.
لكن ليس في ذلك يكمن اعتبار نتنياهو في قرار تعيينه. امس تبين ان إجراءات التعيين جرت بصورة ملتوية جدا. زيني ما زال جنرال في الخدمة الفعلية، وقائد الجيش التابع لهيئة الأركان. رئيس الأركان ايال زمير اكتشف بشكل متأخر جدا نية نتنياهو تعيين زيني في هذا المنصب، وصباح امس قام باستدعاء الجنرال لمحادثة استيضاح لأنه لم يبلغه عن ذلك من قبل. قبل أسبوعين زار رئيس الحكومة تدريب للواء احتياط في قاعدة تسالم في النقب. زيني وجنرال آخر هو قائد ذراع البر نداف لوتين رافقا الزيارة كمندوبين عن الجيش. اثناء الزيارة تم استدعاء زيني الى سيارة رئيس الحكومة، والاثنان تحدثا بالسر خلال ساعة. فقط بعد ذلك انضم اليهما الجنرال رومان غوفمان، السكرتير العسكري لنتنياهو.
قبل بضعة اشهر طرح اسم زيني، أيضا في حينه بصورة مفاجئة وبدون صلة بالمناصب التي شغلها حتى الآن، كمرشح لرئاسة هيئة الأركان. يارون ابراهام نشر في حينه في “اخبار 12” بأنه من وراء هذا الاقتراح وقفت سارة نتنياهو، وان زوجة رئيس الحكومة طلبت الدفع قدما بهذا التعيين على خلفية معرفتها لشقيق زيني، المستشار المقرب من أبناء عائلة بالك الثرية والمقربة من الزوجين نتنياهو. زيني لم يتم استدعاءه لمقابلة نتنياهو، ولم تشمله قائمة المرشحين النهائية لرئاسة هيئة الأركان. في تلك الفترة نشر غوش براينر بأنه في السابق لم يرغب نتنياهو في ان يكون زيني سكرتيره العسكري بذريعة انه “مسيحاني جدا”.
صفة “مسيحاني” انتشرت أيضا في الردود على بيان نتنياهو الذي صدر أمس. أصدقاء زيني وصفوه بـ “الشخص الأسود – الأبيض”، الذي لا يستطيع ملاحظة الفروق، وانه يتمسك بالاحكام التي يقضي بها حاخاماته، لذلك فهو يدير حياة مع معضلات ضئيلة. في بيان مكتب رئيس الحكومة عن التعيين تمت الإشادة بتقرير عسكري داخلي اعده زيني في اذار 2023، بعد زيارة مفاجئة له في فرقة غزة، حدد فيها نقاط ضعف أداء الفرقة وحذر من اقتحام حماس بشكل مفاجيء. هذا جدير بالتقدير بالطبع، لكن غير واضح لماذا نتنياهو أو مكتبه يعتقدون أنه يكفي هذا الحادث من اجل تبرير تعيين في منصب رئيس الشباك ضابط تولى فقط ولاية واحدة في هيئة الأركان (في الواقع كان تعيين مزدوج – قائد قيادة التدريب أيضا)، الذي لم يعمل طوال حياته بشكل عميق في اعمال الاستخبارات، ناهيك عن الجوانب الناعمة والمعقدة في نشاطات الشباك اليومية.

زيني لن يكون الجنرال الأول الذي سيتم جلبه من الخارج لرئاسة الجهاز. ولكن في ماضيه لا يوجد الكثير من العلاقة بالمنصب الذي سيتولاه.
في نقاشات داخلية في هيئة الأركان، خلال الحرب، اتبع زيني خط هجومي فيما يتعلق بالهجوم في قطاع غزة. أحيانا تجادل مع أصدقائه في هيئة الأركان العامة حول مسالة العلاقة بصفقة المخطوفين، عندما وضع امامهم هدف مفضل وهو الحاجة الى هزيمة حماس. أصدقاء له من الفترة التي عمل فيها كقائد لواء يتذكرون الخلاف منذ بداية العقد السابق: طاقم القيادة العليا في قيادة المنطقة الوسطى عقد ندوة حول وثيقة روح جيش الدفاع الإسرائيلي. زيني هاجم في النقاش الوثيقة وقال انها لا تعكس قيم شعب إسرائيل. لذلك فانه يجب ان يتم تعديلها وملاءمتها مع “قيم القومية”، لأن الجيش الإسرائيلي هو “جيش الشعب”. هذه الاقوال اثارت انتقاد قادته له. قبل ذلك، عندما كان زيني قائد كتيبة فقد وجدت ضابطات شابات في هيئة أركان الكتيبة صعوبة في التقدم في لواء غولاني لأن عدد من قادة الوحدات من معتمري القبعات فضلوا عدم العمل مع النساء.
ذات ليلة، في منتصف الليل تقريبا، في نهاية شهر اذار اعلن نتنياهو عن قراره تعيين الجنرال احتياط ايلي شربيط، قائد سلاح البحرية السابق، في منصب قائد الشباك. شربيط حصل في حينه على المديح من ايزنكوت، رئيس الأركان السابق، لكن نتنياهو تراجع عن هذا التعيين خلال بضع ساعات. وقد تم التخلي عنه بعد اكتشاف احد أبناء عائلة نتنياهو بأنه تم توثيقه في المظاهرات في كابلان في تل ابيب في احتجاج ضد الانقلاب النظامي وهو يلف نفسه بعلم إسرائيل. يمكن الرهان بشكل آمن بأنه لا توجد مثل هذه الصور المدينة في ماضي زيني، وايزنكوت الذي يقدر زيني كضابط ناجح لم ينشر في هذه المرة بيان مشابه يمتدحه. في هذه الاثناء ادان زعماء أحزاب المعارضة، بني غانتس ويئير لبيد، قرار نتنياهو التراجع عن التعيين رغم حكم المحكمة العليا وتحذير المستشارة القانونية للحكومة، بدون التطرق الى مستوى ملاءمة زيني لهذا المنصب.
إزاء قضية قطر وقرار المحكمة العليا الذي صدر أول أمس بأن نتنياهو كان موجود في تضارب مصالح عندما قام بإقالة بار، فقد أعلنت المستشارة القانونية للحكومة بأن رئيس الحكومة محظور عليه الانشغال أيضا بتعيين وريث بار. في قراره أمس استخف نتنياهو بشكل كبير بالمستشارة القانونية للحكومة وبالتشكيلة الرفيعة للمحكمة العليا. هذا الامر كان بشكل متعمد بالطبع، وقد تم بمعرفة أنه يتوقع أن تكون التماسات جديدة كثيرة، التي من شانها ان تؤخر إجراءات التعيين. في الفترة القريبة القادمة سيتضح اذا كان زيني يمتلك طول النفس المطلوب، واذا كان مستعد لتحمل خيبة الامل اذا قررت المحكمة العليا التدخل. في نفس الوقت من غير المستبعد ان نتنياهو يقوم باعداد خطة بديلة، تعيين قائم بالاعمال مؤقت بدلا من بار من داخل الجهاز، أو جلب بديل آخر من الخارج.