ترجمات عبرية

هآرتس: ترامب يهدد من سيمنع عقد الصفقة،  ولكن ماذا اذا كانت هذه هي إسرائيل؟

هآرتس 6/12/2024، تسفي برئيلترامب يهدد من سيمنع عقد الصفقة،  ولكن ماذا اذا كانت هذه هي إسرائيل؟

“اذا لم يتم اطلاق سراح المخطوفين قبل 20 كانون الثاني 2025، وهو الموعد الذي سأتسلم فيه بفخر منصب رئيس الولايات المتحدة، فسيكون لذلك ثمنا باهظا في الشرق الأوسط، وبالنسبة لمن نفذوا الاعمال الفظيعة ضد الإنسانية”، هكذا تعهد في يوم الاثنين الماضي الرئيس المنتخب دونالد ترامب وأضاف، “المسؤولون عن ذلك سيتعرضون لضربة أشد مما تعرض له أي شخص في تاريخ الولايات المتحدة الطويل”. منذ ذلك الحين أقواله اثارت سلسلة طويلة من التكهنات. من الذي بالضبط يهدده ترامب، ما هي الأدوات التي يمتلكها وما هو نوع العقوبة التي يمكن أن يفرضها على هؤلاء المسؤولين؟ وماذا اذا تم اطلاق سراح المخطوفين؟ هل عندها سيتنازل ترامب عن العقوبة الموعودة؟.

يبدو أن العنوان الفوري هو الذين بقوا من قيادة حماس التي ما زالت تعيش في قطر. ولكن هذه الشخصيات الرفيعة، وعلى رأسهم خليل الحية، نائب يحيى السنوار، وموسى أبو مرزوق – هما في هذه الاثناء الجهة التي تتفاوض مع مصر وقطر امام إسرائيل، ولا يوجد أي تأكيد على أنهما يعرفان أي من المخطوفين بقوا على قيد الحياة أو اذا كانوا محتجزين لدى منظمات توجد لقيادة حماس سيطرة عليها. هذه قضية حاسمة لأنه حسب عدة تقارير فان جزء من المخطوفين أو الجثث تم احتجازهم لدى مواطنين في غزة، الذين قتلوا في الحرب أو أنه لم يعد بالإمكان العثور عليهم.

لكن على فرض أن حماس يمكنها أن تعرض تحرير جميع المخطوفين إلا أنه ما زالت هناك قضية النسبة، التي حتى الآن عرقلت تقدم المفاوضات – طلبات حماس الرئيسية: وقف الحرب بالكامل وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية بشكل واسع اليها والبدء في اعمار غزة. حسب تقارير إسرائيلية وعربية فان حماس وافقت على تليين موقفها في جزء من هذه الطلبات. فهي لا تربط اطلاق سراح المخطوفين بالانسحاب الكامل بمرة واحدة، وهو التنازل الذي تم الإبلاغ عنه قبل بضعة أسابيع. أيضا هي وافقت على تشكيل لجنة مهنية لادارة الشؤون المدنية في قطاع غزة، بالاساس توزيع المساعدات الإنسانية.

عمليا، منذ بداية تشرين الثاني نشر في “هآرتس” أنه تم التوصل الى اتفاق مبدئي على تشكيل هذه اللجنة، وأن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، سافر بشكل خاص الى القاهرة من اجل إعطاء موافقته على ذلك. حتى أنه كان يمكن أن يصدر أمر رئاسي حول تشكيل اللجنة. ولكن خلاف اللحظة الأخيرة حول توزيع المناصب في اللجنة والسيطرة عليها عرقلت هذه الخطوة. عباس عاد الى رام الله ولكن مصر واصلت الدفع قدما بهذه الفكرة في نقاشات كثيفة، ضمن أمور أخرى، من خلال المحادثات التي اجراها عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الأمريكي جو بايدن ومبعوثيه ومع ترامب.

في هذا الأسبوع نشر عن اقتراح مصري محدث، يشمل كما يبدو مرونة أخرى من ناحية حماس، بالأساس في كل ما يتعلق بالمرحلة الأولى في الصفقة، والفترة التي تستطيع فيها إسرائيل مواصلة التواجد في القطاع قبل الانسحاب الكامل. هذا الاقتراح يطور أيضا فكرة الإدارة المدنية والسيطرة على معبر رفح، التي يبدو أنها ستستند في معظمها على النموذج الذي نظم إدارة المعبر حسب اتفاق المعابر من العام 2005. ولكن حتى هذا الاقتراح شمل المطالبة بوقف الحرب، التي في نهاية العملية يجب على إسرائيل الانسحاب من القطاع. ويوجد أيضا في الاقتراح شرط جديد لحماس الذي بحسبه الولايات المتحدة هي التي ستضمن بأن تنفذ إسرائيل التعهدات التي سيتم الاتفاق عليها، بما يشبه التعهدات التي اعطتها واشنطن للبنان والتي شكلت الأساس لموافقة لبنان (وحزب الله) على التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار.

قضية الضمانة الامريكية، اذا كانت وبحق ستكون جزء من الصفقة، تثير صعوبة تشبه الصعوبة التي طرحتها ايران في المفاوضات التي أجرتها قبل سنتين حول استئناف الاتفاق النووي الجديد. طهران طالبت في حينه تعهد امريكي بعيد المدى بأن الاتفاق الجديد لن يتم خرقه مرة أخرى من قبل الرئيس الحالي، أو الذين سيأتون بعده. الرئيس جو بايدن كان على استعداد للتوقيع على هذا التعهد، لكنه أوضح لإيران بأنه قانونيا هو لا يمكنه الزام بذلك الإدارات الامريكية التي ستأتي بعده، لا سيما إدارة ترامب – الرئيس الذي انسحب من الاتفاق النووي في 2018. وهكذا فقد حرر مسار تقدم ايران ليصل الى حافة القدرة النووية العسكرية. مثلما في ايران هكذا الحال في غزة. فادارة بايدن يمكنها ضمان تنفيذ الاتفاق مع حماس حتى 20 كانون الثاني القادم، لكن هل ترامب سيكون مستعدا من الآن لاعطاء ضمانة للاتفاق مع حماس، وبالتالي، ضمان أن تنفذ إسرائيل نصيبها فيه؟.

خلافا للاتفاق النووي أو الاتفاق مع لبنان حول وقف اطلاق النار، فانه في غزة الحديث يدور عن اتفاق ثنائي، حتى لو كان غير مباشر، بين إسرائيل وحماس. في الاعداد له تنشغل دول الوساطة مثل قطر ومصر، وبشكل جزئي تركيا أيضا، لكنها ليست في مكانة “الدول الضامنة” أو “الدول الشريكة” مثل مجموعة “الخمسة زائد واحد” التي وقعت على الاتفاق النووي، أو مثل الشراكة الفرنسية والامريكة والأمم المتحدة، التي تعمل كشركاء نشيطين من اجل تنفيذ الاتفاق مع لبنان. ترامب، الذي يهدد بالاضرار بمن سيكون المسؤول عن عدم اطلاق سراح المخطوفين قبل 20 كانون الثاني القادم، يجب عليه الإجابة على أسئلة رئيسية: هل هو نفسه مستعد ليكون شريكا في الاتفاق ويتعهد بتطبيق الجزء الخاص بإسرائيل، أيضا قبل ذلك – كيف سيرد الرئيس المنتخب اذا تبين له بأن العائق امام تنفيذ الاتفاق يوجد بالذات في القدس وليس في غزة؟ هل عندها المسؤولون عن ذلك “سيتعرضون لضربة أشد من أي ضربة تعرض لها أي شخص في تاريخ الولايات المتحدة الطويل”.

عنوان آخر لضغط ترامب هو قطر، التي انسحبت من طاولة المفاوضات وعادت اليها. في إسرائيل تم تفسير هذه الخطوة كاشارة إيجابية على التقدم في المفاوضات، وبالاساس كنتيجة فورية لتهديدات ترامب. محللون إسرائيليون سارعوا الى عد سلسلة “العقوبات” التي يمكن أن يفرضها ترامب على قطر كي تستخدم كل أدوات ضغطها على حماس. لكن شبكة العلاقات بين قطر وعائلة ترامب لا تستند الى التهديدات. ففي ولايته السابقة اغدق ترامب الثناء على دولة الخليج التي حظيت في ولاية بايدن بمكانة الحليفة الاستراتيجية للولايات المتحدة، التي ليست عضوة في الناتو. 

في شهر أيلول الماضي، بعد اللقاء بين ترامب والشيخ تميم، حاكم قطر، قال رامب عنه: “الأمير اثبت بأنه زعيم كبير وقوي لدولته. وهو أيضا شخص يريد جدا السلام في الشرق الأوسط وفي كل العالم. كانت لنا علاقة جيدة وممتازة في فترة ولايتي كرئيس، وستكون افضل في الجولة القادمة”. ليس من نافل القول التذكير أيضا بالعلاقة الممتازة للملياردير ستيف فيتكوف، المبعوث الخاص لترامب في الشرق الأوسط، مع قطر، لا سيما مع صندوق التطوير الوطني للدولة، الذي في السنة الماضية اشترى من فيتكوف بمبلغ 623 مليون دولار فندق “بارك لاين” في نيويورك. وهو اكثر بقليل من الأموال التي حولتها قطر بالحقائب لحماس بموافقة من نتنياهو. نفس هذا الصندوق بالمناسبة، استثمر 200 مليون دولار في شركة الاستثمارات الخاصة لجارد كوشنر، صهر ترامب.

من يتوقع أن يفرض ترامب عقوبات على قطر وأن يقوم بتفكيك القاعدة العسكرية الأكبر في الشرق الأوسط الموجودة فيها، أو تحويل حاكم قطر الى شخص غير مرغوب فيه في الولايات المتحدة، سيكتشف بأن ترامب بالذات يريد تجنيد قطر لتمويل إعادة اعمار قطاع غزة، وربما أيضا الدفع قدما باتفاق تطبيع بينها وبين إسرائيل.

الاتفاق بين إسرائيل ولبنان، والاتفاق الذي يؤمل بتوقيعه بين إسرائيل وحماس، ما زالت لا توفر للرئيس جو بايدن الإنجاز السياسي الذي يمكن أن ينقش في هيكل هالته، وهي أيضا لن تترك طاولة نظيفة لترامب. الرئيس الذي يطمح أيديولوجيا الى ابعاد الولايات المتحدة عن الصراعات الدولية، ناهيك عن الإقليمية، سيرث اتفاقات تلقي عليه مسؤولية استمرار الاهتمام بتنفيذها. في لبنان ستبدأ مرحلة الاختبار الفعلية عند انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في الوقت الذي سيكون فيه ترامب في البيت الأبيض.

حتى لو تم في هذا الأسبوع توقيع اتفاق مع حماس، حسب الاقتراح الموضوع على الطاولة، من الأفضل حبس الانفاس، فان تطبيقه سيستمر الى داخل فترة ولاية ترامب. هذه المسؤولية هي التي ستحدد طول “اليد الحرة” التي من شأن ترامب أن يعطيها لحكومة إسرائيل – بالأساس لمن يخططون لـ “الاستيطان الشاب” في غزة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى