هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – الجنازات تكشف مهزلة الحكومة
هآرتس – بقلم عاموس هرئيل – 1/2/2021
“ الصور التي تمت مشاهدتها في القدس تقوض بقايا ثقة الجمهور بالحكومة. ايضا الحدث الذي شارك فيه عدد كبير من الاشخاص والذي أقامه الجيش الاسرائيلي في قاعة مغلقة في القدس يدل على الاستخفاف بالمعطيات القاسية بالنسبة لعدد الاصابات “.
كانون الثاني الاسود في ازمة الكورونا في اسرائيل انتهى بمشاهد كئيبة بشكل خاص. اكثر من 1400 حالة وفاة تم احصاءها في الشهر الاكثر قسوة والتي تسبب بها الوباء هنا حتى الآن، أكثر من 45 حالة وفاة بالمتوسط يوميا. يضاف الى ذلك تقارير كئيبة من المستشفيات والتي تواجه عبء غير مسبوق من المصابين بالمرض. كما أنه من اجل تأكيد عدم قدرة الحكومة على معالجة الازمة، جاءت أمس الجنازات الحاشدة في القدس والتي احتشد فيها عشرات آلاف المتدينين دون أدنى خوف من قيام الشرطة بانفاذ القانون.
الجنازات في القدس استهزأت بادعاءات الحكومة بأنها تدير سياسة موضوعية أو مساواتية في صراعها ضد الفيروس. ايضا أمس تم توثيق رجال شرطة وهم يضايقون المارة في وسط تل ابيب بسبب “الخوف من التجمع” لعشرات الاشخاص، في حين أن الشرطة خشيت من مواجهة الجمهور الواسع في القدس، وببساطة اختفت من الساحة.
ورغم أننا شاهدنا تجمعات حاشدة طوال فترة الوباء، إلا أن جنازة الحاخام دافيد سولوفيتسك وجنازة الحاخام اسحق شاينر ظهرت أكثر دراماتية. فقد جاءت بعد اسابيع كثيرة فتحت فيها مدارس كثيرة لتعليم التوراة في الاحياء الدينية و”في اعقاب حملات عديمة الاهمية” وعنيفة لانفاذ القانون للشرطة في القدس وبني براك في الاسبوع الماضي. هذه الصور تقوض بقايا الثقة الجماهيرية بخطوات الحكومة، وتزيد الغضب والاغتراب تجاه الجمهور المتدين. هذه الصور يجب أن تقلق أولا وقبل كل شيء الاصوليين أنفسهم، في الوقت الذي فيه الاصابة بالمرض أكبر بثلاثة اضعاف من نسبتهم في السكان.
في نفس الوقت توجد هنا مشكلة سياسية آخذة في الاشتداد بالنسبة لرئيس الحكومة. فبنيامين نتنياهو بنى حملته قبل الانتخابات في 23 آذار على نجاح عملية التطعيمات، واعلان “انتصار” آخر على الكورونا وتحرير الاقتصاد قبلها. الآن، ليس فقط أن التخفيف في الازمة يتأخر، بل الاستهزاء في اوساط الاصوليين بالتعليمات يجذب المزيد من الاهتمام للحلف غير المقدس بين نتنياهو واحزابهم. والعجز الذي يظهره أمام الخروقات ينبع من اعتماده المطلق على دعم الاحزاب الدينية بعد الانتخابات. نقطة الضعف هذه سيستغلها في الفترة القريبة القادمة جميع معارضيه، بدء بئير لبيد وافيغدور ليبرمان وحتى بني غانتس. بالنسبة لنتنياهو الجنازات في القدس كانت عملية تخريبية سياسية جماعية. وهو بالتأكيد كان أول من شخص ذلك.
تشاؤم مبالغ فيه
مع ذلك، التشاؤم الذي ميز النقاش حول الكورونا في اسرائيل يبدو أنه مبالغ فيه قليلا. عملية التطعيمات لم تفشل، رغم أن عدد الاصابة وعدد الوفيات ما زال لم ينخفض بالوتيرة التي توقعتها التنبؤات المبكرة. وقد شارك هذا الخطأ في تنبؤات جميع النماذج التي تستخدمها الحكومة. مصدر الخطأ، كما يبدو بنظرة الى الوراء، هو تحليل سرعة التأثير المتوقعة للتطعيم على عدد المرضى في حالة صعبة.
ولكن التطعيمات مع ذلك تؤثر بشكل ايجابي، هذا ببساطة يستغرق وقت اكبر مما تم توقعه مسبقا. النتائج المؤقتة التي تنشرها صناديق المرضى تدل على أن مستوى المناعة المرتفع يتم تحقيقه كما يبدو فقط بعد اسبوع على تلقي جرعة التطعيم الثانية. وحتى ذلك الحين يضاف عدد غير قليل من الذين تلقوا التطعيمات الى قائمة المرضى. ربما أن عددا منهم قد تمت اصابتهم بسبب عدم معرفة درجة الخطر التي ما زالت تواجههم في الفترة الفاصلة.
في هذه الاثناء ورغم العدد المرتفع والثابت للمرضى في حالة صعبة (1200 شخص) فقد بدأ تغيير نحو الافضل في متوسط عدد المرضى الجدد في حالة صعبة. هذا العدد هو في حالة انخفاض طوال اسبوع تقريبا، من 200 حالة في اليوم في حالة الذروة الى 120 تقريبا الآن. واذا استمر هذا الميل فسيتم قريبا استشعار انخفاض أولي في العبء الكبير على المستشفيات. المعطى المهم الآخر هو أن اكثر من 82 في المئة من المجموعة السكانية الاكثر تعرضا للخطر، أبناء ستين فما فوق، تلقوا الجرعة الاولى من التطعيم، وأكثر من نصفهم تلقوا الجرعة الثانية. رويدا رويدا وبصورة واثقة، المزيد من الاسرائيليين يحظون بالحماية من الفيروس.
الخبراء ينسبون الجمود في مستوى الاصابة بالمرض على الصعيد القطري ايضا للانتشار الواسع لسلالة الكورونا البريطانية الاكثر عدوى. ولكن ربما يكون الامر مرتبط ايضا بالطريقة التي يجري فيها الاغلاق الثالث، حتى بعد أن تم تعزيزه في منتصف الشهر الماضي. فعليا، مستوى انفاذ القانون منخفض نسبيا. وليس هناك تقريبا حواجز للشرطة في الشوارع والحركة تسير دون ازعاج. ايضا جمع معطيات من الهواتف المحمولة يدل على أن مستوى حركة السكان مرتفع أكثر مما كان في الاغلاقين الاولين.
ليس فقط الشرطة هي المتعبة، بل ايضا الجمهور متعب. فقد مرت على الاسرائيليين سنة لا تحتمل. وليس من الغريب أن الناس لا يسارعون الى التوقف ايضا حتى عندما يشرح لهم وزير الصحة خطورة الوضع (رئيس الحكومة على الاغلب ينشغل باحتفالات نجاح التطعيمات، وهو الامر الذي يجعله لا يتطرق الى ذلك).
أمس قررت الحكومة تمديد الاغلاق حتى يوم الجمعة القادم ازاء الجمود في عدد الاصابة. ومن الارجح أن الاغلاق سيتم تمديد لاسبوع آخر بعد ذلك. على المدى البعيد، على فرض أن الاصابة بالمرض ستنخفض في النهاية، ستكون هناك معضلة الاختيار بين طرق العمل الثلاث، مثلما عرضها رئيس كابنت الخبراء، البروفيسور ران بلاتسر: فتح سريع للاقتصاد، فتح بطيء ومراقب، أو محاولة طموحة لتقليد نموذج نيوزيلندا مع الوصول الى “صفر اصابات”.
على فرض أن الدولة ستقوم بتطبيق برنامجها لتطعيم اكثر من خمسة ملايين شخص حتى منتصف شهر آذار، سيبقى حتى ذلك الحين أكثر من ثلث السكان بدون تطعيم: اولاد تحت سن الـ 16 (الذين تعليمات الشركة المنتجة للقاح “فايزر” تمنع في هذه الاثناء تطعيمهم)، واشخاص بالغين أكثر لم يتلقوا التطعيم لاسباب مختلفة. هذا ما زال يشكل مسافة واسعة عن نسبة حصانة القطيع، التي تقدر الآن بنحو 80 في المئة. الامر الذي يعني بأن المرض سيعود كما يبدو الى التفشي عند رفع القيود.
تبني النموذج الاول مع عودة كاملة تقريبا لروتين الحياة، يعني كما يبدوامكانية العدوى الجماعية للاطفال والشباب. المرض في الحقيقة ليس خطيرا على غالبيتهم المطلقة. ولكن يكفي اصابة عدد صغير بصورة قاسية بالمرض، وبالاساس اصابة البالغين، من اجل أن يؤدي ذلك الى تفشي آخر لاصابة واسعة، التي ستعود وستشكل عبء على المستشفيات.
النموذج الثالث، رغم اضافة اتباع له في الفترة الاخيرة، يبدو أنه صعب جدا على التطبيق. بقي الحل المؤقت وهو فتح مراقب مع الحرص على معامل العدوى منخفض، الى مستوى أقل من 1، لكنه بحاجة الى خطوات معقدة من القيود والرقابة، ويقتضي تجند الجمهور.
ملاحظات للخلاصة
سعادة المراسيم. الحرج ازاء الفيروس يخلق افكار ابداعية ومتطرفة من وزارة الصحة. فقط مؤخرا تم ذكر احتمالية الغاء الاعفاء من الحجر للحاصلين على وجبتي التطعيم، واقتراح وضع اصفاد الكترونية للقادمين من الخارج والملزمين بالحجر. في هذه الاثناء لم يتم تبشيرنا بعد بتبني اسرائيل للاقتراح الصيني الثوري وهو أخذ العينة من المؤخرة.
معظم هذه الاجراءات يتم تسريبها لمراسلي القنوات التلفزيونات، وهم بدورهم يقومون بنشرها بسعادة علنية في بداية النشرات. هذه هي الصفقة العادية مع المصادر، التي فيها يتم اعطاء معلومات حصرية مقابل الانكشاف. ولكن كان يتوقع من زملائنا اظهار القليل من البهجة واثارة المزيد من علامات التساؤل حول المس المستمر بخصوصية السكان وحقوقهم.
المتدينون ليسوا وحدهم. ينيف كوفوفيتش كشف أمس في الصحيفة بأن كلية الامن القومي أجرت فعالية احتفالية بمشاركة عشرات الضباط الكبار في القدس خلافا لتعليمات الكورونا وبدون ارتداء الكمامات. المتحدث بلسان الجيش قال ردا على ذلك بأنه لم يكن هناك انحراف عن الاجراءات في هذه الفعالية.
العفو، الجيش يسخر هنا من العمل. وزير الدفاع بني غانتس، الذي يطالب بانفاذ القانون ضد المتدينين، يعيش هو نفسه في بيت من الزجاج. هذا احتفال تم التخطيط له مسبقا، بمشاركة موظفين عامين كبار وبدون أي مبرر عملياتي. وهذه ليست المرة الاولى خلال الازمة التي تم فيها ضبط الجيش الاسرائيلي وهو يظهر الغطرسة، المقطوعة عن الواقع السائد في الدولة.
هيئة الاركان العامة يجب أن ترى بالصور التي نشرها كوفوفيتش جرس انذار. فهي تدل على الاستخفاف وعدم الانضباط في ظروف غير امنية، ولكن هذه الاجواء يمكن أن تنزلق بسهولة ايضا الى صفوف الجيش الاسرائيلي في مجال عمله الرئيسي.