ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم حيمي شليف – قضية ضرائب ترامب كفيلة بان تنقله ، من البيت الابيض مباشرة الى زنزانة المعتقل

هآرتس – بقلم  حيمي شليف – 30/9/2020

” من غير المعروف حتى الآن كيف ستؤثر القنبلة التي القتها صحيفة “نيويورك تايمز” عشية المواجهة الرئاسية على الوضع الانتخابي للرئيس. وهناك شيء واحد واضح وهو أن تورطه المحتمل في قضايا جنائية سيقود ترامب الى تطرف آخر حتى بمفاهيمه”.

صحيفة “نيويورك تايمز” عرضت في نهاية الاسبوع أدلة مزعومة بموجبها دونالد ترامب هو متهرب من الضرائب ورجل اعمال فاشل حول رئاسته الى ماكينة تسجيل الدفعات النقدية. ومع ذلك، سيكون قريبا مدينا بنصف مليار دولار تقريبا، والله وحده يعرف فقط لمن. الافتراض الاساسي تقريبا للجميع هو أن هذه الكشوفات لن تضر بمكانته في الاستطلاعات أو احتمالات نجاحه في الانتخابات. الى ما قبل بضع سنوات كان هذا يبدو مثل سيناريو خيالي عن فترة بائسة فيها امريكا تحولت الى سدوم وعمورا.

عشية المواجهة الرئاسية الاولى التي يحتمل أن تكون مصيرية والتي ستجرى في ليلة الثلاثاء، لا أحد يختلف على أن ترامب متأخر بصورة كبيرة عن بايدن بكل المعايير المحتملة. النقاش هو هل وصل الى النواة الصلبة التي لن تتخلى عنه مهما حدث، أو أنه في اوساط المصوتين له الاقل ثراء والذين يعملون بكد من اجل كسب مصدر رزقهم ويدفعون الضرائب كما يقتضي القانون، سيكون هناك عدد غير قليل من الاشخاص الذين سئموا من الخداع، أو على الاقل سيشعرون فجأة بأنهم مستغفلين من قبل دونالد ترامب. ايضا هم كانوا يريدون دفع ضريبة دخل سنوية تبلغ 750 دولار مثلما دفعها رئيسهم في الاعوام 2016 – 2017.

الامريكيون يعيشون منذ اربع سنوات مع تسلسل غير منقطع من الكشوفات عن ترامب، التي في معظم الدول الغربية الديمقراطية كانت ستؤدي منذ زمن الى استقالته أو اقالته. الفجوة الآخذة في الاتساع في معايير السلطة هي احد الاسباب التي أدت الى الهبوط غير المسبوق في شعبية الولايات المتحدة في الرأي العام في معظم دول العالم الحر. بالنسبة لنا هذا أقل ازعاجا لأن ترامب هو خالق اسرائيل ومخلصها، بالطبع. ولكن بالاساس لأنه يوجد لدينا رئيس حكومة دولته تتهمه بالرشوة والاحتيال وخرق الامانة، وهو ايضا ينتخب المرة تلو الاخرى، بدون اغلبية في الحقيقة مثل ترامب وناخبيه، ونظريا يمكن أن يعاد انتخابه.

من كشف “نيويورك تايمز” يتبين أن ترامب دفع ضريبة دخل فقط في 11 سنة من الـ 18 سنة التي حصلت الصحيفة فيها عن تفاصيل لمدفوعاته؛ حيث معظم مصالحه التجارية التي يتفاخر بنجاحها، بما في ذلك نوادي الغولف والاستجمام، تخسر الملايين الكثيرة حسب تصريحاته التي قدمها، وأن معظم ارباحه في السنوات الاخيرة التي بلغت 470 مليون دولار جاءت من البرنامج الواقعي “المتخصص” الذي قدمه، ومن بيع تفويضات لاعمال تجارية لاستخدام اسمه، ومن المصالح التجارية ومن الحكومات الاجنبية التي تضخ في اعماله الملايين منذ تم انتخابه.

وسائل الاعلام كما هو متوقع تشبثت بالحكايات المشوقة المبالغ فيها مثلما في المبالغ الضخمة التي حولها ترامب كـ “رسوم استشارية” لابنته افينكا، والتي سجلت بهذه الطريقة كخسائر قللت من ديونه الضريبية، وبالطبع تحولت الى المبالغ العالية والضخمة، من الـ 750 دولار التي تتصدر منشورات واعلانات بايدن وحتى الـ 70 ألف دولار سنويا التي دفعها ترامب لتصفيف شعره. خبراء في الامن القومي اشاروا من ناحيتهم الى دينه الشخصي الضخم والذي يحول ترامب الى خطر امني محتمل، في حين أن آخرين يؤكدون أنه عندما يكون هناك دين اكثر من 400 مليون دولار لدائنين مجهولين، فان امكانية وجود تضارب مصالح هي أمر لا حصر له.

وسواء اضر ما نشر في “نيويورك تايمز” بالدعم الانتخابي لترامب أم لا، فان خطره الاساسي هو تعميق التورط المحتمل في قضايا جنائية. ومقابل التحقيق الذي تجريه سلطات الضرائب بخصوص مصداقية تقريره وأحقيته في استرجاعات ضريبية تبلغ عشرات ملايين الدولارات التي حصل عليها ترامب، فان ما نشر يتهمه بالخداع من خلال تضخيم خسائره لغايات ضريبية واخفاءها عن طريق طلباته للحصول على قروض من البنوك. هذه القضايا وغيرها توجد في بؤرة تحقيقان في النشاطات واللذان تقوم باجرائهما ضد ترامب ومنظمته نائبة المدعي العام في الولاية الجنوبية في منهاتن والمدعية العامة في ولاية نيويورك..

محللون كثيرون يعتقدون أن التورط المحتمل في قضايا جنائية من جهة، والافلاس من جهة اخرى، يوفران تفسير جزئي على الاقل على استعداد ترامب من اجل تحطيم الادوات والقواعد في الحملة الانتخابية الرئاسية وتهديداته المتكررة بأنه سيرفض قبول نتائجها. ترامب بحاجة الى اربع سنوات اخرى في البيت الابيض التي يمكن أن تدر عليه الملايين الكثيرة التي ستساعده على استرجاع ديونه.

ترامب يستطيع نظريا أن يمنح نفسه عفوا رئاسيا عن المخالفات الضريبية الفيدرالية التي ارتكبها كما يبدو، لكن صلاحيته لا تتطرق الى انتهاك قوانين ولاية نيويورك التي يجري التحقيق فيها في نفس الوقت. واذا خسر في الانتخابات كما تتوقع الاستطلاعات الآن فان الرئيس الامريكي يمكن أن يجد نفسه ينتقل مباشرة من البيت الابيض الى زنزانة في نيويورك. المواطنون في اسرائيل يعرفون جيدا اكثر من غيرهم الى أي مدى يمكن للقائد أن يذهب هربا من هول القانون، حتى على حساب ازمة دستورية وانقسام في المجتمع وسحق الديمقراطية.

ترامب يدعي كما هو متوقع أن هذا الكشف هو بمثابة “اخبار مفبركة”، ينشرها خصومه السياسيون بواسطة الصحيفة الناطقة باسمهم، كما يتم الزعم، “نيويورك تايمز”، والتي يعتبرها الكثيرون اليوم الصحيفة الجدية والاكثر تأثيرا في العالم. ولكن طالما أنه يرفض أن ينشر بصورة منظمة تقاريره السنوية مثلما اعتاد أسلافه ويواصل الادعاء بدون أي اساس قانوني بأنه ممنوع بسبب التحقيقات الضريبية المفتوحة بشأنه، فان هناك شك كبير أن يكون أحد في امريكا عدا عن مؤيديه المخلصين جدا سيصدقه.

ليس من المؤكد أن ترامب قادر على الشعور بالحرج، لكن اذا كان الامر كذلك فان هذا الحرج يتضاعف ازاء المنشورات التي تقارن بين دفعاته الضريبية الضئيلة وبين المبالغ الضريبية الكبيرة التي تفوقها بمئات وآلاف المرات، التي دفعها من سبقوه وعلى رأسهم الرئيس الذي يكرهه أكثر منهم جميعا، براك اوباما. في سنته الاولى في البيت الابيض دفع اوباما ضريبة دخل فيدرالية تبلغ 1.8 مليون دولار عن دخله الذي بلغ 5.5 مليون دولار. وفي السنة الثانية دفع 450 ألف دولار عن دخل بلغ 1.7 مليون دولار. ترامب البعيد جدا عن الخجل، هاجم في حينه اوباما بسبب دفعاته الضريبية “المنخفضة”.

الكثيرون من المصوتين له يقنعون انفسهم الآن بأن نجاح ترامب في التهرب من دفع الضرائب هو دليل على الاحتيال المالي الذي فقط يعزز في نظرهم صورته. آخرون يصدقون افتراءات الفساد التي ينسبها ترامب ومن يرددون اقواله لبايدن وابنه هانتر في اوكرانيا والصين ويتوصلون الى استنتاج بأن “الجميع فاسدين”، وماذا في ذلك. من تبقوا يفهمون أنهم يتعاملون مع محتال ومخادع، لكنهم يرون في ترامب السور الواقي الاخير امام سلطة ليبرالية مهرطقة يحكمها فوضويون سود متطرفون ومتعطشون للانتقام.

الخبراء منقسون فيما يتعلق بمسألة هل في اوساط الـ 42 – 43 في المئة، الذين يواصلون تأييد ترامب في الاستطلاعات، ما زال هناك ناخبون يمكن أن يغيروا رأيهم ويصوتوا لصالح بايدن أو أن يمتنعوا عن التصويت تماما. المتشككون يقولون إن من تجاوز اخفاقات ترامب الفظيعة والمتواصلة في محاربة فيروس الكورونا ومحاربة الازمة الاقتصادية في اعقابه، ولا نريد التحدث عن اكاذيبه وعنصريته وتخليه عن سلطة القانون، ومحاربته للديمقراطية واستبدالها بنظام مهووس بالسرقة العلنية – سيتجاوز ذلك ايضا. آخرون ساذجون يعتقدون أنه في اوساط مؤيديه ما زال هناك امريكيون نزيهون سيشكل كشف “نيويورك تايمز” بالنسبة لهم القشة التي قصمت ظهر البعير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى