هآرتس: برعاية الحرب الحكومة تقرر تصفية الصحافة ومحكمة العدل العليا بالتوازي
هآرتس 28/11/2024، عيدو باوم: برعاية الحرب الحكومة تقرر تصفية الصحافة ومحكمة العدل العليا بالتوازي
عندما بدأ في الدفع قدما بالانقلاب النظامي اجرى وزير العدل ياريف لفين مقابلة وعد فيها بأنه بعد معالجة جهاز القضاء سنستطيع معالجة الاعلام والاكاديميا. برعاية الحرب حدث تغيير في المقاربة. لماذا يحارب في كل مرة جبهة واحدة اذا كان يمكن ادارة حرب متعددة الجبهات؟ لماذا ينتظر تصفية الصحف الحرة عندما يكون بالامكان خنقها مرة واحدة مع السيطرة على المحكمة العليا وهزيمة المستشارة القانونية للحكومة؟.
حكومة نتنياهو تستخدم بشكل منهجي مشاريع قوانين خاصة، يبادر الى تقديمها لصالحها اعضاء كنيست في الائتلاف، وتدفع بها قدما بكمية تجارية ومسارات تشريع مسرعة. الحديث يدور عن نفس اساليب الانقلاب التي استخدمها فيكتور اوربان في هنغاريا في 2010، وحزب “قانون ونظام” في بولندا في 2015، التي استهدفت فرض نظام غير ليبرالي. مؤسسات الاتحاد الاوروبي والمحاكم فيه التي فحصت هذه الاجراءات قررت بأن اجراءات التشريع المسرعة أدت الى المس الكبير بأسس الديمقراطية وسلطة القانون.
وتيرة المبادرات التي يقدمها الائتلاف لتدمير حرية الصحافة في اسرائيل تساوي فقط وتيرة قصف سلاح الجو في الضاحية الجنوبية في ذروة الحرب. عمليا، اكتشف لفين ووزير الاعلام، شلومو كرعي، بأن سحق حرية التعبير في اسرائيل يساعد الحكومة على استكمال خطة تصفية جهاز القضاء وترسيخ بنية النظام الديكتاتوري على طريقة اوربان، التي يشكلها نتنياهو في الدولة منذ الانتخابات الاخيرة.
هيئة الاعلام الرئيسية التي توجد في مرمى النار الآن هي هيئة الاذاعة. كرعي يدفع قدما الآن بثلاثة مشاريع قوانين خاصة، اقترحها نيابة عن اعضاء الكنيست في الائتلاف، وجميعها تهدف الى تصفية الاستقلالية الصحافية لهذه المؤسسة.
المبادرة الاكثر بروزا هي مشروع قانون خاص لخصخصة وبيع الهيئة، الذي اقترحه كرعي نفسه في كانون الاول 2022. والآن تقترحه عضوة الكنيست تالي غوتلب. اللجنة الوزارية للتشريع برئاسة لفين أيدت المبادرت، وقد تمت المصادقة عليها الآن بالقراءة الاولى في الكنيست. في نفس الوقت وفي مشروع قانون خاص آخر لعضو الكنيست افيحاي بورون (الليكود) تم اقتراح اخضاع ميزانية الهيئة لسيطرة الحكومة.
عندما تولى وزير الاعلام كرعي منصبه حاول الدفع قدما بمشروع قانون بث اذاعي حكومي، استهدف نقل الرقابة على قنوات البث الى مجلس اشراف بتشكيلة سياسية تخضع للائتلاف. هذا الاقتراح بقي عالقا، كما يبدو بتأثير من المستشارة القانونية للحكومة. ولكن كرعي ينوي الدفع به قدما من خلال مشاريع قوانين خاصة. ليس فقط هيئة الاذاعة في مرمى النار. فمشروع قانون خاص جديد، بادر اليه في هذا الاسبوع عضو الكنيست نسيم فاتوري، يطالب بخصخصة “صوت الجيش”، وكأن هذه المحطة العسكرية في الراديو نجحت في التعافي من العار الذي تسبب به لها يعقوب بردوغو.
اضافة الى اضعاف هيئة الاذاعة فان الحكومة تدفع قدما بسيطرة رجال اعمال مقربين من الائتلاف على قنوات البث في الراديو. وحسب مشروع قانون خاص لعضو الكنيست ايلي دلال (الليكود) فان محطات الراديو الاقليمية يمكنها الحصول على موجات لبث قطري، وستصبح بالفعل محطات قطرية. المستفيدون من ذلك هم رجال الاعمال المقربين من الائتلاف، الذين يوجد لهم امتياز لبث محطة راديو اقليمية، مثل ايلي عزور ودافيد بنبست وتسفيكا شالوم واسحق ميرلشفيلي، الذي يسيطر ايضا على القناة 14.
اذا لم يكن هذا كاف فانه يوجد على الطاولة مشروع قانون خاص لعضو الكنيست شالوم دنينو (الليكود)، يستهدف نقل قياس نسبة المشاهدة من هيئة مستقلة الى مسؤولية الحكومة. هذه السيطرة ستمكن الحكومة من التأثير على توجيه ميزانيات الدعاية الى قنوات مقربة، وهي عملية قام بها اوربان من اجل وضع المقربين منه على رأس وسائل الاعلام في هنغاريا عندما تولى الحكم.
ليس هذا فقط، الى جانب التهديد للتلفزيون والراديو فان الحكومة تبث الرعب ايضا على الصحف المكتوبة. في بداية الاسبوع صادقت الحكومة بالاجماع على الاقتراح الذي قدمه كرعي، والذي جاء فيه بأن كل الهيئات الحكومية أو التي تمولها الحكومة يجب أن لا تنشر في صحيفة “هآرتس”. هذا القرار تمت المصادقة عليه الى جانب عدم اطلاع المستشارة القانونية على ذلك خلافا لاجراءات عمل الحكومة.
إن اسكات انتقاد الصحافة يسير بتناغم مع الاسلوب العنيف للشرطة في تعاملها مع المظاهرات ضد الحكومة، وهو يستهدف خفض صوت الاحتجاج والانتقاد العام. كم من السخرية يوجد في تصريحات وزراء الحكومة الذين يقولون بأنهم يعبرون عن ارادة الناخب، في حين أنهم ينشغلون باسكات صوت مواطني الدولة.
الصورة التي تتشكل من كل خطوات الائتلاف ضد حرية الصحافة تشير الى أي درجة هو كاذب ادعاء الدفاع عن نتنياهو في محاكمته. ادعاء النيابة العامة بأن نتنياهو عمل في كل قضية من القضايا التي توجد في لائحة الاتهام من خلال دافع السيطرة على وسائل الاعلام في اسرائيل. ونتنياهو من ناحيته يقول بأنه حاول تنويع مضامين البث.
نتنياهو يعرف سوق الاعلام اكثر من أي وزير في الحكومة، وحتى ربما اكثر منهم معا. هو يعرف جيدا بأن خطوات الائتلاف الحالية ستدهور تصنيف حرية الصحافة في اسرائيل الى مكان يشبه المكان الذي توجد فيه دول زعماؤها اشخاص مثل اوربان أو بوتين. يبدو أن هذا هو المكان الذي يريد نتنياهو أن يكون فيه وبحق. في الايام التي فيها الهستيريا تغطي على المسلمات الاساسية للديمقراطية فانه ليس من نافل القول التذكير بأنه “بدون صحافة حرة لا توجد ديمقراطية”. رئيس الحكومة يقود الدولة الآن الى هذا المكان عن طريق أدواته، لفين وكرعي.