ترجمات عبرية

هآرتس: بدون حسم من يحكم غزة بعد حماس فانها مرشحة للفوضى

هآرتس 28/5/2025، جاكي خوري: بدون حسم من يحكم غزة بعد حماس فانها مرشحة للفوضى

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يكثر من التصريح بأن احد اهداف الحرب هو هزيمة حماس، لكن الجمهور يستحق شفافية ايضا فيما يتعلق بالقضية الساخنة بدرجة لا تقل عن ذلك – القرارات الاستراتيجية للحكومة فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة، هذا اذا وجدت قرارات كهذه. ما الذي سيحدث في القطاع في اليوم التالي لتحرير المخطوفين، وفي اليوم التالي للتدمير والكارثة؟ هل توجد لدى المستوى السياسي رؤية حقيقية أو أن اسرائيل تهاجم بدون توجه؟.

الواقع بسيط: قطاع غزة مع 2 مليون من سكانه لا يمكن ان يبقى في فراغ سلطوي لفترة طويلة. حكم حماس تصدع الآن، ومعه ينهار ايضا النظام المدني الاساسي. عائلات مسلحة، سارقون، مجموعات متطرفة، اصحاب مصالح، بقايا فتح والسلطة الفلسطينية، جميعها تتنافس فيما بينها في كل حي وعلى كل معبر وعلى كل مركز قوة لا توجد فيه حماس. اذا لم يتم اتخاذ قرار اسرائيلي حاسم فيما يتعلق بمستقبل القطاع فان الفراغ سيمليء بقوى اكثر خطرا.

واضعو السياسة يقفون امام ثلاثة احتمالات، كل واحد منها ينطوي على ثمن واخطار. الاحتمال الاول، الذي هناك من يتحدثون عن الآن بشكل علني، عودة الى سيطرة اسرائيلية في القطاع وحتى اعادة اقامة المستوطنات هناك. ولكن هذا الاحتمال هو رغبة خطيرة اكثر مما هو سيناريو قابل للتطبيق. أي محاولة لتحقيق هذا الحلم سيزيد العداء لاسرائيل والشعور بالاغتراب في اوساط الجمهور الفلسطيني. حكم عسكري مباشر لـ 2 مليون مواطن معاد سيحتاج الى مليارات من ميزانية الدولة وتخصيص عشرات آلاف الجنود وتشغيل ادارة مدنية وخدمات وبنى تحتية في غزة. اسرائيل ستضطر الى مواجهة انتقاد دولي لاذع، واحتمالية التوصل الى اتفاقات تطبيع مع الدول العربية ستتضاءل. شهية اليمين المسيحاني في اسرائيل ستزداد، وهو سيطمح الى تعميق الطرد والتطهير العرقي الذي يحدث الآن في الضفة الغربية من اجل تحقيق الهدف العلني – دفن حلم الدولة الفلسطينية.

بدلا من ان تتحمل اسرائيل السيطرة على القطاع، هي يمكنها السماح بعودة السلطة الفلسطينية بدعم مصر والسعودية والمجتمع الدولي. ولكن بدون افق سياسي حقيقي بالنسبة للفلسطينيين فان السلطة الفلسطينية ستعتبر قوة وساطة منفصلة في افضل الحالات، ومقاول من الباطن لاسرائيل في اسوأ الحالات. عودة السلطة الى غزة يمكن ان تنجح فقط اذا حدثت كجزء من عملية اوسع، تشمل المصالحة الفلسطينية الداخلية والتعهد باجراء الانتخابات والاعتراف بالحاجة الى التوصل الى تسوية سياسية. ليس ادارة اخرى للنزاع، بل محاولة حقيقية لحل النزاع. أي اقتراح وسط آخر لا يمكن ان يوفر الرد على المدى البعيد، وبعد بضع سنوات – عندما ستلتئم جراح الحرب الحالية، هذا اذا حدث ذلك – سنجد انفسنا مرة اخرى امام حرب.

الاحتمال الثالث هو الاكثر خطورة والاكثر واقعية. في ظل غياب حسم اسرائيلي بخصوص مستقبل القطاع، وبدون حكم عسكري اسرائيلي، وبدون دخول السلطة الفلسطينية، فان قطاع غزة سيتم تركه للمليشيات، وسيتحول بسرعة الى مقديشو الشرق الاوسط، فوضى مليئة بالسلاح، والايديولوجيا المتطرفة والمرتزقة الذين سيوزعون المواد الغذائية ويمكنون الجهات الانتهازية في اسرائيل وفي الساحة الفلسطينية من تحقيق مكاسب خاصة على حساب المدنيين.

هذا السيناريو المخيف لن يكون في الصومال، ليبيا والسودان، بل سيكون على بعد ساعة سفر من تل ابيب. من يعتقد ان هذه الفوضى ستبقى “لديهم” سيخيب امله. العداء تجاه اسرائيل سيزداد فقط، والجريمة والعنف سينزلقان الى ما بعد حدود القطاع، واسرائيل ستتضرر ايضا من التهريب. في سيناريو متطرف ايضا المعابر يمكن ان تنهار.

الجمهور في اسرائيل يستحق الحصول على اجابة على ما سيحدث في اليوم التالي للحرب. بدون قرارات استراتيجية ورؤية واضحة فان أي نصر تكتيكي سيكون قصير، وكل نجاح على الارض سيكون فقط المقدمة للمواجهة القادمة. الحكومة الاسرائيلية ورئيسها مجبرون على التوقف عن الاختباء وراء شعار “هزيمة حماس”، والبت بمرة واحدة فيما سيتم فعله في غزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى