ترجمات عبرية

هآرتس: بدون استراتيجية شاملة، الجهود الكبيرة التي بذلها الجيش الاسرائيلي ستذهب هباء

هآرتس 15/12/2024، تشاك فرايلخ: بدون استراتيجية شاملة، الجهود الكبيرة التي بذلها الجيش الاسرائيلي ستذهب هباء

إن سقوط الديكتاتور والعدو اللدود هو أمر مفرح. ولكن السؤال العميق هو هل وكيف يخدم ذلك مصالح اسرائيل. اسرائيل فضلت دائما دولة ذات سيادة ومستقرة على حدودها على منظمات ليست دول، وبالتأكيد ليس منظمات اسلامية متطرفة. نظام الاسد على الاقل حافظ على حدود هادئة مدة خمسين سنة.

من المرجح أن المتمردين سيفضلون التركيز في البداية على ترسيخ الحكم وليس الانشغال بنا. ولكن البعض منهم اوضحوا في السابق نواياهم للمدى البعيد. لذلك، يجب استكمال هجوم الجيش الاسرائيلي الذي هدف الى حرمانهم امكانية السيطرة على القدرات العسكرية السورية، التقليدية وغير التقليدية، المعروفة وغير المعروفة (آلاف الدبابات، المدافع، الصواريخ، السلاح الكيميائي، وربما عناصر برنامج نووي مجدد). 

يجب على اسرائيل العمل الآن ايضا على استئناف التعاون (بما في ذلك الصحي) الذي جرى في حينه مع مجموعات متمردين معتدلة، وزيادة التعاون مع الدروز والاكراد كعوامل موازنة للمتمردين المسلمين، ونفوذ تركيا المتزايد في سوريا. في نفس الوقت يجب العمل على تقليص العلاقة المستقبلية بين سوريا وبين ايران وحزب الله.

سقوط النظام في سوريا أدى الى الاضرار بتواجد ايران وحزب الله العسكري في الدولة، واستبداله بجهات سنية متطرفة تصعب نقل المساعدات لحزب الله في لبنان. مع ذلك، يجب على اسرائيل مواصلة العمل على احباط نقل السلاح، ضمن امور اخرى، بواسطة القصف الجوي مثل الذي نفذته في السنوات الاخيرة، وبقدر الامكان من خلال التعاون مع عوامل القوة الجديدة في سوريا. 

انهيار محور المقاومة سيسهل على اسرائيل العمل على تثبيت وقف اطلاق النار، وحدود هادئة مع لبنان. وحتى أنه يشجع على عمليات لبنانية داخلية لاضعاف حزب الله. لقد اصبح من الواضح للجميع في لبنان بأن حزب الله، بدعم من ايران، لا يدافع عن الدولة بل هو يدمرها. عزل حزب الله في اعقاب الاحداث في سوريا والضربات التي تلقاها في الاشهر الاخيرة، يمكن أن تشجعه على احترام وقف اطلاق النار. ومن اجل تشجيع هذه التوجهات يجب علينا العمل امام الولايات المتحدة، فرنسا ودول اخرى، على تعزيز حكومة لبنان وجيشه وتخفيف الازمة الاقتصادية والسياسية في الدولة. ولكن ايضا فرض عقوبات عليها اذا لم تتعاون.

مخاوف النظام الايراني من انزلاق الاحداث في سوريا الى ايران، والمس بمحور المقاومة بشكل عام، وقدوم دونالد ترامب، كل ذلك يمكن أن يحث النظام في ايران على الاندفاع نحو الحصول على قدرة نووية عملية. في المقابل، ربما أيضا تشجيعه على اتفاق نووي جديد مع الولايات المتحدة. الطريقة الافضل لمنع اندفاع ايران نحو الذرة تمر في اتفاق نووي جديد. فقط في الاتفاق تكمن امكانية التوصل الى وقف بعيد المدى للمشروع النووي. يجب على اسرائيل العمل امام الادارة الامريكية الجديدة لتعزيز استعدادها لاجراء مفاوضات مع ايران حول اتفاق جديد، وفي نفس الوقت استيعاب نشاطها الاقليمي الخطير. 

سقوط النظام في سوريا هو ضربة شديدة لايران والمحور، العوامل الاساسية لعدم الاستقرار في المنطقة والاعداء المشتركين لنا وللدول السنية المعتدلة. مثلنا، هذه الدول تخشى من أن تثير الاحداث في سوريا موجات ارتدادية اقليمية تهدد استقرارها الاجتماعي والانظمة فيها، لا سيما الاردن. مثلنا، هذه الدول لا توجد لها علاقات مهمة مع المتمردين، لكن يوجد لديها الامكانية الكامنة لتطويرها، والاستثمار في اعادة اعمار سوريا، والعمل معنا من اجل استقرار الساحة الشمالية. مرتان في السنة الماضية هذه الدول عملت معنا من اجل احباط هجمات الصواريخ الايرانية ضد اسرائيل، والآن توجد فرصة لتعميق العلاقات معها. 

الحرب في الجنوب ستنتهي فقط بالاتفاق، وليس زيادة العمليات العسكرية. انهيارالمحور يزيد الضغط على حماس من اجل التوصل الى اتفاق يضع حد للحرب ويمكن من اقامة بديل حكومي في غزة مع الدول المعتدلة والسلطة الفلسطينية. الاتفاق سيمكن من انقاذ المخطوفين الذين التخلي عنهم من قبل حكومة اسرائيل يخرق كل المعايير. لو أن اسرائيل تعهدت بأفق سياسي في الساحة الفلسطينية لكان في ذلك ما يمكن أن يسهل على بلورة جبهة اقليمية ضد ايران.

الحفاظ على العلاقات الخاصة والتنسيق مع الولايات المتحدة مهم جدا، بالتأكيد في موضوع سوريا ومحور المقاومة كله. العلاقات مع الولايات المتحدة لا تقل عن كونها وجودية. وفقط بالتنسيق معها سنتمكن من منع الاخطار التي تكمن في انهيار سوريا. من جهة اخرى، استغلال هذا الانهيار لصد ايران وبحق، ومواجهة بصورة افضل مشروعها النووي. هذا التنسيق سيكون حاسم بشكل خاص مع الرئيس الامريكي القادم، المتقلب، الذي التزامه الوحيد هو بمصالحه الشخصية، وليس تجاه السياسة أو الدول أو القيم.

محور المقاومة تعرض لضربة شديدة، لكن بدون استراتيجية شاملة (ليس شعارات فارغة) ستتبدد جهود الجيش الاسرائيلي الكبيرة، التي جبت الكثير من الدماء، على يد مستوى سياسي فاسد أسير لنوايا مسيحانية. 

فقط بقي اسقاط نظام واحد آخر في المنطقة. من المفضل أن يكون في اسرع وقت.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى