هآرتس: باكستان اشترت أدوات قرصنة متقدمة من شركة سليبرتي الإسرائيلية

هآرتس 3-8-2023، بقلم عوديد يارون: باكستان اشترت أدوات قرصنة متقدمة من شركة سليبرتي الإسرائيلية
المخابرات الفيدرالية في باكستان اشترت معدات اختراق للهواتف المحمولة من إنتاج شركة “سليبرتي” الإسرائيلية، هذا ما يتضح من وثائق رسمية في الدولة وسجلات إرساليات دولية. الباكستان لا تقيم علاقات مع إسرائيل، بل مكتوب على جواز سفرها بصورة صريحة جملة “ساري المفعول لجميع الدول باستثناء إسرائيل”. يتضح من تحقيق “هآرتس” أن المخابرات الباكستانية (FIA) ووحدات شرطة أخرى تستخدم أدوات “سلبرايت” على الأقل منذ العام 2012.
المنتج الأساسي لـ”سلبرايت” – وهي شركة عامة تباع في نازداك – هو تكنولوجيا باسم UFED، والتي تسمح لسلطات إنفاذ القانون بقرصنة رقمية بواسطة اختراق هواتف محمولة محمية برقم سري ونسخ كل المعلومات الموجودة فيها، بما في ذلك صور، ووثائق، وبيانات نصية، ومحادثات سابقة، وجهات الاتصال وغيرها.
تدعي “سلبرايت”، التي يقف على رأسها يوسي كرميل، بأن الأجهزة لا تباع إلا لأجهزة شرطة وقوات أمن من أجل مكافحة الجريمة الخطيرة والإرهاب. ولكن أجهزة الاختراق للشركة وصلت على مر السنين إلى أيدي جهات تقمع نشطاء حقوق إنسان وأقليات وطائفة المثليين. ومثلما نشر في “هآرتس” مراراً وتكراراً، فإن زبائن “سلبرايت” شملوا في حينه أنظمة قمعية تخضع لعقوبات، ومن بينها بلاروسيا والصين وهونغ كونغ وأوغندا وفنزويلا وإندونيسيا وفلبين، ووحدة التصفية سيئة السمعة RAB في بنغلاديش، وروسيا وإثيوبيا.
قوات الأمن في باكستان معروفة بمسها الشديد بحقوق الإنسان وحرية التعبير. تقرير حقوق الإنسان لوزارة الخارجية الأمريكية في 2022 وجد “تقارير موثوقة عن قتل اعتباطي أو مخالف للقانون، بما في ذلك أعمال قتل بدون محاكمة على أيدي الحكومة أو عملائها؛ وأعمال تعذيب وحالات من المعاملة، وعقاب وحشي وغير إنساني على أيدي الحكومة أو عملائها، واعتقالات في ظروف قاسية، وتعريض الحياة للخطر، واعتقالات اعتباطية؛ إضافة إلى معتقلين سياسيين واختراق غير قانوني أو اعتباطي للخصوصية؛ وقيود شديدة على حرية التعبير وعلى أجهزة الإعلام، بما في ذلك العنف ضد صحافيين، واعتقالات غير مبررة واختفاء صحافيين”.
في 2016 صودق على قانون ضد جرائم السايبر الذي يقيد حرية التعبير على الشبكة، وخاصة في كل ما يتعلق بانتقاد الحكومة. القانون يتيح ممارسة رقابة متشددة على الشبكة دون أمر من المحكمة، ويتيح للشرطة جمع معلومات من أجهزة مغلقة دون أمر محكمة. في العام الماضي، شددت باكستان القانون المرعب ووسعت تعريف المشبوهين المحتملين. “استخدم القانون لإسكات حرية التعبير على الشبكة بذريعة مكافحة الأخبار الكاذبة، والجرائم الإلكترونية والمعلومات الكاذبة”، قالت نادية رحمان، الشخصية الرفيعة في منظمة “أمنستي إنترناشيونال”. حسب منظمة “فريدوم نيت وورلد”، تعرض 23 صحافياً على الأقل في 2021 إلى ملاحقة على أساس هذا القانون، بسبب “التشهير” ضد قوات الأمن وجهاز القضاء وأجهزة المخابرات. واحد على الأقل اتهم بالخيانة.
المحامي ايتي ماك، وجه نقداً شديداً لشركة “سلبرايت” ولوزارة الدفاع الإسرائيلية، التي يتعين عليها –وفق أقواله- أن تراقبها. “باكستان ليست مجرد دولة غير ديمقراطية تخرق حقوق الإنسان، بل هي دولة يحكمها الجيش ووحدات مخابراته، الذين يؤيدون منظمات إرهاب وجريمة عالمية. منظومات “سلبرايت” من شأنها أن تستخدم ليس فقط لملاحقة نساء وأقليات دينية “دنست الإسلام”، بل أيضاً ملاحقة صحافيين ونشطاء معارضة يعملون على كشف علاقات الجيش مع منظمات إرهابية، مثل طالبان والقاعدة”.
وقد أجرت إسرائيل وباكستان في الواقع محادثات عبر قنوات سرية على مر السنين، وفي 2005 عقدت لقاءات بين وزير الخارجية في حينه سلفان شالوم ونظيره بمبادرة الرئيس الباكستاني برويز مشرف. حتى إن رئيس الحكومة في حينه أريئيل شارون، صافح مشرف في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. درس مشرف الاعتراف بإسرائيل في أعقاب تنفيذ خطة الانفصال، ولكنها خطة واجهت نقداً شديداً من الداخل، وتم حفظها.
مقاطعة الاتصالات مع إسرائيل تتعلق أيضاً بمواطني باكستان الذين مطبوع على جوازات سفرهم جملة “صالح لكل الدول باستثناء إسرائيل”. في الشهر الماضي، نشر أن خمسة مواطنين باكستانيين حكموا بالسجن بعد أن زاروا إسرائيل، وفي العام الماضي أقيل الصحافي أحمد قريشي بعد مشاركته في بعثة زارت إسرائيل. بعد عدة شهور من ذلك زارت إسرائيل بعثة أخرى، ويجري في باكستان نقاش صاخب حول إمكانية تسخين العلاقات بين الدولتين.
تقرير بريطاني رسمي من 2013 كشف أن إسرائيل باعت لباكستان معدات عسكرية، من بينها منظومات حرب إلكترونية ورادارات ومعدات متطورة لطائرات حربية. خلافاً لـ NSO وشركات أخرى منتجة للسايبر الهجومي، تعمل “سلبرايت” على خط التماس بين تصدير أمني واضح وتصدير مدني. في عام 2020 أصبح تصدير معدات الطب الشرعي مثل تلك الخاصة بشركة “سلبرايت” تحت إشراف وزارة الدفاع عقب إدراجها في ترتيب “فاسنار”، الذي يحدد المنتجات ذات الاستخدام المزدوج (الأمني والمدني)، الواجب مراقبتها.
في 2012 نشر في باكستان عن تزود شرطة إقليم السند بجهاز UFED Touch Ultimate من إنتاج شركة “سلبرايت”، ومنذ ذلك الحين توسع الاستخدام.
ثمة قرارات حكم في الدولة تتطرق لانتزاع أدلة تتعلق بالطب الشرعي من الهواتف، ولكنها لا تشير إلى التكنولوجيا التي استخدموها. تستخدم باكستان أيضاً منظومات للطب الشرعي لشركات أخرى، ولكن في مناقصة للمخابرات الفيدرالية لسنة 2021 لمنظومات شركات Belkasoft وكومبلسون، طلب منهما دعم الملفات التي تم إنشاؤها باستخدام تقنيات شركة “سلبرايت”.
وثمة كتالوج من العام 2021 لشركة الاتصالات والتكنولوجيا العسكرية الحكومية في باكستان (NRTC) يعرض الكثير من التقنيات المنتجة في الدولة، وفي الصفحة 17 تعرض الشركة جهازUFED Touch Ultimate لـ “سلبرايت”.
قالت “سلبرايت”، رداً على هذا، إن “الشركة لا تبيع لباكستان بصورة مباشرة أو غير مباشرة”، ولكنها رفضت أن تشرح كيف يتساوق هذا مع شهادات الإرسالية من “سلبرايت” – سنغافورة إلى باكستان، ومع المناقصات الرسمية في باكستان التي تظهر أن المخابرات والشرطة تستخدم تقنياتها. “سلبرايت ملتزمة بمهمتها في خلق عالم أكثر أمناً مع تقديم حلول لهيئات إنفاذ القانون، التي تمكنها من حل لغز جرائم بصورة أسرع. من أجل هذا طورنا وسائل رقابة مشددة تضمن استخداماً مناسباً بتقنياتنا في إطار التحقيقات التي تجرى طبقاً للقانون. كشركة رائدة عالمية في الذكاء الرقمي، فإن حلول “سلبرايت” تساعد آلاف وكالات إنفاذ القانون في تجريم من يعرضون أمن الجمهور للخطر، وتحقيق العدالة لصالح ضحايا الجريمة”.
وزارة الدفاع رفضت الرد.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook