ترجمات عبرية

هآرتس: ايال زمير وهيئة الأركان ليسوا نتنياهو وحكومته، نتوقع منهم قول الحقيقة للجمهور

هآرتس 23/6/2025، يوسي ميلمانايال زمير وهيئة الأركان ليسوا نتنياهو وحكومته، نتوقع منهم قول الحقيقة للجمهور

من الذي قال بان البرق لا يضرب مرتين. صباح أمس بعد اربع ساعات على انضمام الولايات المتحدة للحرب فان الأمواج الارتدادية لضربة مباشرة لصاروخ قرب المكان اصابت بشكل طفيف منزلي في حي رمات افيف. أنا أعيش في هذا المنزل منذ العام 1958، وحتى قبل أسبوع كانت إصابة في البيت. الضربة من الحدثين بسيطة، نافذتان تحطمتا، اطار نافذة خرج من مكانه والواح الطاقة الشمسية تهشمت. ولكن عندما تجولت قليلا في الحي شاهدت مشاهد تذكر بمنطقة اصابتها كارثة بعد زلزال، مشاهد تذكر بقطاع غزة.

اكثر من 500 صاروخ بالستي ثقيل تم اطلاقها من ايران منذ بداية الحرب قبل عشرة أيام. حوالي 20 صاروخ منها أصاب بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر بسبب الاعتراض، وأدت الى اضرار كبيرة غير مسبوقة في ارجاء البلاد. حتى الآن تم إحصاء 25 قتيل واكثر من 2000 مصاب وحوالي 10 آلاف شخص تم اخلاءهم وآلاف المباني والشقق التي تضررت، وعدد غير قليل منها تم تدميره.

الجبهة الداخلية تواصل اظهار المناعة والصمود، لكن يبدو ان المستوى السياسي والمتحدثون بلسان الجيش الإسرائيلي يتحدثون عن قصة حرب أخرى وكأن الامر يتعلق بعالمين منفصلين. الجيش الإسرائيلي، بواسطة المتحدث بلسانه العميد آفي ديفرين، ينشر منذ بداية الحرب عشرات البيانات والاحاطات ويغرق الجمهور في التفاصيل. يبدو ان هذه ظاهرة مرحب بها، علامة على الشفافية والرغبة في اشراك الجمهور في سير المعركة. ولكن عن طريق زيادة بيانات الجيش الإسرائيلي  فانه لا يفسر ولا يوصل للجمهور الواقع المعقد، بالعكس، هو بالذات يعتم على قدرة فهم الصورة الشاملة، وبالاساس فهم الى اين تسير الحرب وكيف ومتى ستنتهي.

هاكم مثال واحد على ذلك. استنادا الى المعلومات التي قدمتها شعبة الاستخبارات “أمان” فان سلاح الجو قام بتصفية سعيد ايزادي، ضابط إيراني كبير كان قائد فيلق فلسطين في قوة القدس التابعة للحرس الثوري. رئيس الأركان سارع الى التفاخر بالاغتيال وقال ان “سعيد ايزادي، قائد فيلق فلسطين كان من المشاركين في تخطيط وتنفيذ المذبحة في 7 أكتوبر، ويديه ملطخة بدماء آلاف الإسرائيليين”. سيدي رئيس الأركان، ما الذي تقصده بالضبط؟ هل تقصد بان ايران كانت مشاركة في تخطيط وتنفيذ المذبحة في 7 أكتوبر؟.   

حتى الآن ادعى حزب الله وايران بانه لم تكن لديهم معرفة عن العملية، أيضا في الجيش الإسرائيلي لم يسمع مثل هذا الادعاء، سواء في قسم الأبحاث في “امان” أو في الموساد. ربما تكون في اقوال رئيس الأركان محاولة باثر رجعي لاعطاء مبرر آخر للحرب: محاسبة ضابط إيراني كان رجل الاتصال مع حماس وقدم لها السلاح ودرب رجالها واهتم بتحويل الأموال اليها. أيضا إسرائيل ايدت نقل الأموال لحماس لشراء الهدوء.

يجب عدم المبالغة في أهمية تصفية ايزادي، وايضا لا يجب المبالغة في التفاخر الذاتي. هذا يذكر بما تعود الجيش الإسرائيلي على القيام به لسنوات، المبالغة في أهمية الأشخاص الذين تمت تصفيتهم في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وفي لبنان، ورفع مستواهم.

رئيس الأركان قال أيضا بان “تصفية ايزادي هي نقطة رئيسية في الحرب متعددة الساحات، وستحول كل الشرق الأوسط الى مكان أكثر أمنا”. سيدي رئيس الأركان، مع كل الأهمية لتصفية ايزادي، هل حقا هذه التصفية هي من “النقاط الرئيسية”، كما حددت ذلك في تقدير الوضع في يوم السبت؟ بسذاجة انا اعتقدت ان قصف سبع منشآت نووية في ارجاء ايران وتصفية 17 من علماء الذرة، في معظمهم من “فرقة السلاح”، وقتل 18 قائد كبير، بينهم ثلاثة رؤساء اركان وبديلين، هي من إنجازات الحرب البارزة و”النقاط الرئيسية” فيها.

خلال الحرب قدروا في الجيش الإسرائيلي وفي المستوى السياسي، أي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، بان المعركة ستستمر لاسبوعين. التقدير استند كما يبدو الى اقوال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال بانه خلال أسبوعين سيقرر ما اذا كان جيشه سينضم للحرب. منذ ذلك الحين مر أسبوع والآن انضم ترامب للحرب وطائراته هاجمت فوردو وموقعين نوويين آخرين. ربما ان هذا هو السبب في ان الجيش الإسرائيلي يغير تقديره ويقلل التوقعات والتفاؤل. أي ان اهداف الحرب التي تتغير صبح مساء، تدل على ان إسرائيل لا تعرف الى اين تتجه وهي في انتظار “غودو”، الذي ربما مثلما في مسرحية صموئيل بيكيت لن يأتي أبدا.

الدولة لا تسمح لنفسها بشن حرب مصيرية جدا عندما لا تعرف مسبقا ما هي استراتيجية انهاءها. يبدو أنه في هذه المرة اكتفى نتنياهو بالضوء الأخضر الذي أعطاه إياه ترامب من اجل البدء في المعركة، وشاركه في عملية التمويه المدهشة ونجح في إدخاله الى الحرب. حتى الان من غير الواضح اذا كانت الولايات المتحدة ستواصل الهجوم في ايران.

في الواقع إسرائيل حققت إنجازات عسكرية مدهشة، وربما الى جانب ذلك أيضا تنزل عليها ضربات قاسية. مصفاة التكرير تم اغلاقها، هناك صواريخ وجهت الى مقر وزارة الدفاع والأجواء مغلقة، مطار بن غوريون مشلول منذ أسبوع، تكلفة الحرب ازدادت بشكل كبير والاقتصاد يتعثر، ملايين الإسرائيليين قريبين من الغرف الآمنة والملاجيء، الاعصاب متوترة، نسبة الخوف في تزايد والليل اصبح كابوس متواصل.

يجب ان لا تنجر إسرائيل الى حرب استنزاف طويلة مع ايران، التي سبق لها ومرت بحرب استنزاف مع العراق. مئات آلاف الإيرانيين، بينهم أطفال، تم ارسالهم الى الجبهة وقتلوا، والجنود في الجبهة تم قصفهم بالسلاح الكيميائي. ولكن مؤسس الجمهورية الإسلامية الخميني رفض وقف الحرب. فقط بعد ثماني سنوات، بضغط من قادته، قال انه اضطر الى ان “يشرب كاس السم” والموافقة على انهاء الحرب.

بعد 20 شهر من الحرب في قطاع غزة، الغارقة والمنسية، لم تعد توجد أي توقعات من أكاذيب ومكائد وانفصال وغطرسة نتنياهو والوزراء. ولكن هناك توقع بان يقول زمير وهيئة الأركان الحقيقة حتى لو كانت مؤلمة. والأكثر أهمية من ذلك هو ان يعملوا بحق وبجدية على انهاء الحرب.

يبدو ان معظم الجمهور اصبح لا يبالي بسماع الاخبار التكتيكية والماكروتكتيكية عن جنرال أو عن عالم تمت تصفيته، او عن هجوم آخر لطائرات سلاح الجو على موقع أو مخزن للصواريخ. من الأفضل إعطاء البيانات سياق استراتيجي، والتركيز على الأساس والشرح للجمهور ما يتوقع سماعه، ما هو معنى هذه البيانات وكيف انها حقا ستدفع قدما بانهاء الحرب، خاصة بعد الهجمات الامريكية في ايران.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى