هآرتس: المفاوضات عائقة، بين رغبة نتنياهو في العودة الى القتال، ومطالبة حماس بالضمانات

هآرتس 1/6/2025، عاموس هرئيل: المفاوضات عائقة، بين رغبة نتنياهو في العودة الى القتال، ومطالبة حماس بالضمانات
الرئيس الامريكي دونالد ترامب عاد واكد مساء السبت على أن اسرائيل وحماس قريبتان من صفقة تبادل جديدة. “اعتقد أنه توجد احتمالية. سابلغكم اليوم أو غدا عن ذلك”، قال الرئيس وتوقع ان اتفاق بين امريكا وايران ايضا حول كبح المشروع النووي الايراني ربما سيكون قريبا. حتى امس التحديثات التي وعد بها لم تصل. ربما ستعطى قريبا. الرئيس كالعادة لا يدخل الى التفاصيل، واكثر من ذلك، يبدو ان الامر يتعلق بالنرجسية المطلوبة من اجل جذب الانتباه الدائم لوسائل الاعلام. التوقع اليائس لكثير من الاسرائيليين والفلسطينيين لبشرى جيدة لانهاء الحرب في قطاع غزة، اقل اهمية بالنسبة له.
الاتصالات بين الولايات المتحدة واسرائيل لم تعد الان تجري مع طاقم المفاوضات الاسرائيلي، وتقريبا لا تقوم باشراك الوسطاء، مصر وقطر. ترامب ومبعوثوه يتحدثون مباشرة مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والمبعوثون يوجدون في اتصال مباشر ايضا مع قيادة حماس في الخارج، التي يوجد كبار قادتها في الدوحة عاصمة قطر. بعد ان اعلنت اسرائيل عن قبول الخطة الجديدة التي عرضها المبعوث الامريكي ستيف ويتكوف فان الكرة الآن بدرجة كبيرة مرة اخرى في يد حماس.
حماس اعطت امس بعد الظهر رد اساسه “نعم، لكن”. ربما يمكن التغلب على بعض التحفظات التي قالتها حماس، لكن المطالبة الاساسية لحماس هي تقديم ضمانات امريكية توفر لها مستوى امان مرتفع بان اسرائيل لن تعود الى القتال بعد الحصول على الـ 10 مخطوفين الاحياء والـ 18 جثة. امس رفض ويتكوف رد حماس وقال انه “غير مقبول”، واعاد المحادثات الى الوراء.
ازاء الصعوبة في مواصلة الحرب لوقت طويل بالاساس بسبب تحفظات ترامب، فان نتنياهو سيطلب التوصل الى صفقة جزئية. بعد وقف اطلاق النار الذي سيستمر لشهرين تقريبا فانه ينوي استئناف القتال. هذا هو السيناريو الذي يخشون منه في حماس، لذلك يطالبون بضمانات من ترامب ومن ويتكوف. السؤال هو هل سيكونون في حماس على قناعة بان الرئيس سيفي باقواله ويفرض على نتنياهو بعد ذلك انهاء الحرب وانسحاب شامل للقوات الاسرائيلية من القطاع مقابل تحرير جميع المخطوفين واعادة الجثث.
في اراضي القطاع القتال ما زال يجري ببطء، الى جانب هجمات جوية كثيفة. يبدو ان اسرائيل تستخدم في هذه الاثناء حركة القوات البرية للجيش الاسرائيلي، بالاساس كتهديد على ما يتوقع للفلسطينيين ولحماس اذا لم تتحقق صفقة التبادل. الجيش يبذل ايضا جهود كبيرة للدفع قدما بالخطة الجديدة لتوزيع المساعدات الانسانية. المراكز اللوجستية تواصل العمل بادارة امريكية، رغم تشويشات تنبع من تدفق الجمهور من اجل الحصول على المساعدة ورغم محاولة حماس تخريب هذه العملية. اسرائيل لا تنجح في تجنيد في هذه المرحلة الامم المتحدة لهذه العملية، والوكالات العاملة من قبلها ترفض التعاون معها.
في نفس الوقت حكومة نتنياهو تواصل ادارة حرب مانعة ضد اتفاقات اليوم التالي للحرب، بالاساس محاولة ان يشمل الحل في القطاع السلطة الفلسطينية. اليوم يتوقع ان يلتقي مع رئيس السلطة، محمود عباس، في رام الله وزراء خارجية لعدة دول عربية واسلامية، من بينها ذلك السعودية، قطر، مصر تركيا. اسرائيل قررت منع هذه الزيارة رغم اعتمادها على هذه الدول في ادخال المساعدات الى القطاع وبلورة تفاهمات بعد ذلك عند انتهاء الحرب.
الحوار الكثيف بين ترامب ونتنياهو يتناول ايضا المفاوضات مع ايران. امس نشرت الوكالة الدولية للطاقة النووية تقرير خطير جاء فيه بان ايران تمتلك الان كمية من اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة، الذي يكفي لانتاج 10 قنابل نووية بعد ان يتم تحويله الى المستوى المطلوب، 90 في المئة. الكمية التي توجد في يد ايران ازدادت 50 في المئة. حسب المعلومات الاستخبارية الاسرائيلية فان عملية انتاج القنبلة نفسها يمكن ان تستغرق 6 – 18 شهر اخر. نتنياهو اصدر بيان استثنائي في يوم السبت دعا فيه العالم للعمل. ولكن ترامب يمكنه استخدام هذه المعطيات ايضا في الاتجاه المعاكس والادعاء بأن هذا هو الدليل على أنه مطلوب وبسرعة التوصل الى اتفاق مع ايران.
ضريبة كلامية
في الوقت الذي فيه نتنياهو والوزراء يواصلون دفع ضريبة كلامية لتحرير المخطوفين وافشال تحقيق اتفاق بالفعل، فان الشعور العام في اسرائيل مختلف كليا، كما تدل على ذلك جميع الاستطلاعات التي تشير الى الدعم الكبير للصفقة التي ستشمل اعادة جميع المخطوفين مقابل انهاء الحرب. في الاسبوع الماضي تم الاحتفال بالذكرى السنوية الـ 47 على سقوط قادة سرايا في لواء المظليين، النقيب نير زهافي والنقيب يفتاح عين، اللذان قتلا في عملية “شليخت” للجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان.
ما كتبه اصدقاء غي زهافي، شقيق نير، تمت قراءته في هذا الاحتفال الذي جرى في ذكرى مرور 600 يوم على الحرب وعلى المخطوفين، حسب قوله. “قبل اسبوع قتل في غزة جندي من غولاني، دانييلو موكنو”، كتب غي. “لم استطع عدم التوقف عند جزء التحقيق في حادثة انهيار المبنى، التي بحسبها عمل الجنود لساعات من اجل انقاذ دانييلو من تحت الانقاض، والقادة المسؤولون لم يوافقوا على ترك المكان بدونه. هذه بالضبط القصة حول انقاذ نير في عملية شليخت من المبنى في قاعدة الكوماندو البحري لفتح بين صور وصيدا، الذي انهار عليه وعلى يفتاح.
يفتاح عثروا عليه بسرعة، أما نير فلم يعثروا عليه. قائد لواء المظليين امنون ليبكين شاحك قاد العملية على الارض. امنون رفض امر الاخلاء بدون نير وصمم على مواصلة البحث عنه. بوغي يعلون، قائد الدورية في حينه، ويئير رفائيلي، قائد الكتيبة في حينه، قاما بتنظيم القوات لرفع حجر وراء حجر واطلاق النار على الكتل الاسمنتية، وفي نهاية المطاف نجحوا في انقاذه. والدي اهتما بعناق هرلاء الاشخاص الرائعين. الاشخاص الذين كانوا معه في لحظاته الاخيرة وصمموا على اعادته الى البيت. انا لا استطيع ان لا اربط قصة انقاذهم بالتخلي عن المخطوفين. القيمة التي بحسبها لا يتم ترك جنود (بشكل عام اشخاص) في الخلف، يجب ان تكون قيمة سامية في شعبنا. الجميع في صفقة واحدة الآن”، كتب.
لا يتصرفون هكذا
روعي شارون كشف في الاسبوع الماضي في “كان” قضية مقلقة. جنديان من لواء الناحل، اللذان كانا على وشك التسريح وخدم كل منهما بصورة متراكمة مدة سنة ونصف في القطاع، ابلغا القادة بأنه لن يمكنهما اكثر، وهما يريدان اعفاءهما من دخول اخر الى الحرب. الاثنان حكم عليهما من قبل المسوؤلين عنهما بعقوبة السجن الفعلي، احدهما 15 يوم والاخر 20 يوم. كل محاولات شارون وغيره لالغاء او تقليص سوء هذا المصير ووجهت بمعارضة كبيرة من قبل الجيش الاسرائيلي.
الجنود هم بالفعل رجال احتياط شباب تجندا للخدمة الالزامية في اب 2022، ومؤخرا انهيا الخدمة النظامية. الجيش الاسرائيلي في الواقع قرر ان يمدد مجددا الخدمة النظامية لثلاث سنوات بدلا من 32 شهر. ولكن هذه الخطوة قوبلت بصعوبات تشريعية في الكنيست. لذلك، هو يتبع طريقة اشكالية التي فيها الجندي الذي على وشك التسريح يحصل على الفور على الامر 8 ويتم تجنيده للاحتياط، وبعد ذلك يذهب مباشرة للخدمة النظامية في اطار نفس الكتيبة النظامية التي خدم فيها.
البعض يفترضون أن الجيش يخشى من انهيار كبير اذا تعامل بتساهل مع رفض الجنود. مع ذلك، الصفوف غير كاملة. فعبء العمل وما يصاحبه من استنزاف الوحدات النظامية كبير جدا، ويتم تسريح الكثير من الجنود من الخدمة الحربية بسبب مشاكل صحية، خاصة بسبب صعوبات نفسية. هذه ظاهرة منتشرة ولا تحظى إلا باهتمام محدود مقارنة مع الصعوبات التي تواجه جنود الاحتياط، الذين يسهل عليهم هم وزوجاتهم التواصل مع وسائل الاعلام.
الغضب من سلوك الجيش يزداد على خلفية جهود الحكومة لتمرير قانون الاعفاء من الخدمة للحريديين. نتنياهو هدد مؤخرا باقالة رئيس لجنة الخارجية والامن، عضو الكنيست يولي ادلشتاين (الليكود) من منصبه لانه لا يتعاون مع خطوات رئيس الحكومة والحريديين. هذه ايضا هي الخلفية لغياب التشريع بشأن تمديد الخدمة الالزامية: الحكومة تخشى من الردود، في الوقت الذي تشرعن فيه تهرب شباب القوائم الحريدية.
هذا مثل وضع اصبع في عين الجمهور الذي يخدم، والنظرة القاسية للجنود الذين لم يعودوا يستطيعون مواصلة الخدمة، في حين ان الفجوات في الوحدات المقاتلة خطيرة جدا، وهذا احد مظاهر مشكلة اكبر، في المستوى السياسي وفي الجيش. يبدو أنه لن يكون امام رئيس الاركان ايال زمير أي خيار في القريب باستثناء تشديد الخطوات الرمزية، وعلى الاقل اصدار المزيد من اوامر التجنيد لعشرات آلاف الحريديين المتهربين من الخدمة برعاية القوة السياسية لممثليهم في الحكومة وفي الكنيست.
في بداية الحرب قرر قائد لواء نظامي تشديد القواعد مقارنة مع الالوية الاخرى ومنع جنوده من الخروج الى اجازة من القطاع لاشهر كثيرة. احتجاجات الاباء لم تساعد، واعتراضات الصحافيين وقادة اللواء كانوا حذرين من التدخل في اعتباراته لفترة طويلة. يجب الامل بأنه في هذه المرة ستستيقظ القيادة العليا بصورة اسرع وتعمل على تخفيف العقوبة على الاقل. العقوبة التي حكم بها قائد الكتيبة على الجنديين من الناحل مبالغ فيها بشكل واضح. هكذا لا يتصرف الجيش الذين مقاتليه يهمونه، وهكذا يعمل الجيش الذي من شأنه ان يصل الى التفكك.
يعملون الخير
احد الادعاءات التي طرحت في لواء الناحل من اجل تبرير التصميم امام الجنديين هو ان الامر يتعلق بمشغلي حوامات، وان الكتيبة بحاجة اليهما بسبب اهمية مهمتهما المحددة. رغم ان حجم استخدام الحوامات ازداد كثيرا في الحرب، إلا أن الجيش ما زالت تنقصه الحوامات للوحدات التي تعمل على الارض، ويتم الشعور ايضا بنقص الجنود الذين اجتازوا دورات تدريب على تشغيل الحوامات.
الجنرال احتياط يعقوب بنجو، الرئيس السابق لقسم التخطيط في هيئة الاركان، الذي تم تسريحه من الجيش قبل فترة قصيرة على اندلاع الحرب، نشر في الشهر الماضي مقال عن استخدام الحوامات في الحرب، في اطار مركز بيغن السادات في جامعة بار ايلان. بنجو، الذي كتب المقال هو واحد العاملين في شركة “البيت”، الذي لم يسمح بنشر اسمه، طلب انشاء وحدة حوامات في الجيش الاسرائيلي.
المقال تناول بالاساس الحوامات الانتحارية الرخيصة. حسب قول كتاب المقال فان الثورة التي احدثتها الحوامات في ساحة المعركة “تغير بشكل عميق الحرب البرية وكل ابعاد القتال. الحديث لا يدور عن وسيلة قتال جديدة اخرى أو تطوير تكنولوجي واسع الانتشار، بل عن ثورة حقيقية تؤثر على تقنية القتال، وطبيعة تنظيم القوات وادارة الحرب التكتيكية… الحوامة الهجومية، البسيطة كما يبدو، تقتضي من التفكير العسكري ان يتطور وترك نظريات الماضي التي كانت ذات صلة بعصر الحرب الباردة ولها علاقة بعمليات القتال ضد الارهاب، لكنها لا تقدم رد في ساحة القتال الحالية”.
بنجو وشريكه كتبا في المقال بان استخدام الحوامات في الجيش الاسرائيلي يجري حتى الآن من خلال دوافع ميدانية وليس بناء على نظرية منظمة. حسب قولهما هناك “تاخيرات ثقافية (أي الثقافة التنظيمية)، تعيق ملاءمة الحوامات حتى الآن واعتبارها جزء لا يتجزأ من منظومة القتال. ما يجب أن يحدث الان هو قفزة بنيوية: ليس مجرد تجارب او وحدات قليلة، بل اقامة سلاح حوامات مخصص يشمل تطوير وسائل قتالية، منظومة تدريب واجهزة محاكاة وانتاج ضخم”.