هآرتس: الازمة في سوريا تفتح الباب، لكن إسرائيل تتصرف بقصر نظر
هآرتس 13/12/2024، درور زئيفي: الازمة في سوريا تفتح الباب، لكن إسرائيل تتصرف بقصر نظر
اسقاط النظام في سوريا توجد له أهمية في الشرق الأوسط. فسوريا هي حجر الزاوية للعروبة، وفيها بدأت ثورة النهضة العربية في أواخر عهد تركيا، وفيها شكل زعيم الثورة العربية فيصل مقر حكمه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وفيها تشكلت القومية العربية عند إقامة حزب البعث في الاربعينيات.
سكان المنطقة يدركون الأهمية الرمزية للشام، وأن ما يحدث هناك سيؤثر على كل المنطقة. تصريحات وافعال القيادة الإسرائيلية فقط هي تضر.
من بين المتمردين الذين سيطروا على سوريا يوجد سلفيون وجهاديون، معتدلون مؤيدون لتركيا، وأعضاء منظمات كردية، درزية وإسلامية – سنية. ولكن جميعهم يعلنون الولاء لسوريا في حدودها الحالية. في هذه الاثناء هم يحاولون رسم للجمهور السوري مستقبل بدون بشار الأسد ومساعديه. الديمقراطية تظهر على لسان الجميع، وحتى التنظيمات الراديكالية تظهر الانفتاح.
زعيم المتمردين احمد الشرع (أبو محمد الجولاني) اعلن من فوق كل منصة عن سعيه الى تأسيس نظام تمثيلي وتسامح، حتى تجاه العلويين المتماهين للنظام السابق. ربما سنكتشف أن الشرع في نهاية المطاف هو إرهابي، سيقود رجاله الى الهجوم على إسرائيل. ولكن الهستيريا في هذا الشأن مبالغ فيها. فإسرائيل أقوى من كل هذه التنظيمات معا. فمنذ اللحظة التي قصف فيها سلاح الجو السلاح الكيميائي والسلاح الاستراتيجي فانه لم يعد لديهم أي شيء يمكن أن يهدد إسرائيل. إضافة الى ذلك نجاحهم في اسقاط النظام يدينون به بشكل كبير لانجازات الجيش الإسرائيلي في المعركة ضد حزب الله وايران، وهم يدركون ذلك.
نظام ديمقراطي أو شبه ديمقراطي في سوريا، يعارض تدخل ايران، هو ميزة مهمة بالنسبة لإسرائيل. فهذا سيضمن توقف نقل السلاح الى حزب الله، ويطرد المليشيات الإيرانية التي استقرت في سوريا، وسيجتث منها خطة ايران للعمل المندمج ومتعدد الساحات لتدمير إسرائيل. وهو أيضا سيفتح الباب امام السلام في المستقبل.
الازمة السورية تفتح الباب: الاستقرار في سوريا هو اهتمام مشترك لإسرائيل وتركيا، الامر الذي يمكنها من العودة والتحاور فيما بينها. أيضا توجد فيها مصالح مهمة لروسيا والولايات المتحدة، التي تضع إسرائيل في موقف تأثير امام الدول العظمى. إضافة الى ذلك بعد الضربة التي تعرضت لها ايران وانهيار وكلائها فانه توجد في ايران جهات قوية جدا، معنية بفحص السياسة العسكرية. صحيح أن الزعيم علي خامنئي يستمر في هذه العملية، لكن صوت المعتدلين يرتفع. مقابل كل ذلك، إسرائيل تتصرف بوحشية وقصر نظر. فهي تقوم باحتلال الأراضي وتضع نفسها من البداية في موقف المعادي لسوريا. على الفور بعد اسقاط النظام كان يجب على قادة الدولة تهنئة الشعب السوري على استبدال نظام الشر لبشار الأسد، والاعلان عن سرورهم لإقامة علاقة سلام واخوة بينهم.
التفكير الاستراتيجي السليم سيحتضن سوريا الجديدة ويطلب منها الانضمام الى الكتلة المعتدلة. هذه المقاربة يمكن أن تساعد على إعادة بلورة “تحالف إبراهيم”، والتقارب والتطبيع مع السعودية، وربما حتى تخفيف الحماسة في العالم ضد إسرائيل. مع مستوى سياسي قصير النظر فان من سيوجه السياسة هو جهاز الامن، الذي يجب على قادته الانحراف عن عادتهم في رؤية كل تطور عبر فوهة البندقية، وبدلا من ذلك التفكير بشكل استراتيجي.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook