ترجمات عبرية

هآرتس: اغتيال هنية يوضح ان إعادة المخطوفين ليست على رأس سلم أولويات نتنياهو

هآرتس 2/8/2024، عاموس هرئيل: اغتيال هنية يوضح ان إعادة المخطوفين ليست على رأس سلم أولويات نتنياهو

سلسلة المتضررين بالاغتيالات في هذا الاسبوع، القيادي الرفيع في حزب الله فؤاد شكر في بيروت، وقائد حماس اسماعيل هنية في طهران وزميله محمد ضيف الذي تمت تصفيته في خانيونس، وأمس تم التأكد نهائيا من موته، أدت الى هزة اقليمية جديدة. اخراج هؤلاء الثلاثة من العمل سجل في ارجاء الشرق الاوسط كانجاز لاسرائيل، حتى لو لم يمحُ الانطباع الشديد الذي تسببت به مذبحة 7 تشرين الاول. الآن اسرائيل تستعد لصد، بدرجة معينة احتواء، هجوم رد على هذه الاغتيالات من ايران وحزب الله وحمس والحوثيين في اليمن. احتمالية استكمال صفقة التبادل، رغم الدعم الواضح للقيادة الامنية، تبدو ضئيلة ازاء تغير جدول الاعمال الاقليمي.

التهديدات بالانتقام من طهران وبيروت أدت الى رفع الجاهزية في الاجهزة ذات الصلة في الجيش الاسرائيلي. في الوحدات الحربية اعلن اول أمس عن الغاء جميع الاجازات. خطوة ايران وشركاءها يتوقع أن تكون منسقة. ربما أن الامر يتعلق بعدة موجات من الهجمات على مدار بضعة ايام ومن المرجح أن اسرائيل سترد عليها. ولأن اعضاء المحور يريدون الانتقام على قتل هؤلاء القادة وليس بسبب المس الجماعي بالمدنيين، يمكن التقدير بأن عملياتهم سيتم توجيهها لمنشآت عسكرية أو استراتيجية. وهذه المنشآت تنتشر ايضا في مركز البلاد وفي الشمال؛ اختيار اهداف في حيفا أو في غوش دان يمكن أن يعتبر رد مناسب على الاحداث الاخيرة.

إن اغتيال شكر وهنية، الذي نسبته ايران لاسرائيل في فترة زمنية هي سبع ساعات، اشعل خلافات صاخبة جدا. الاول يتناول جدوى الاغتيال في طهران. الثاني يجدد بدرجة أشد النقاش المتواصل حول صفقة المخطوفين. لم يكن تقريبا أي خلاف حول اغتيال شكر. حزب الله عرف أنه تجاوز قواعد اللعب غير المكتوبة عندما قتل 12 طفل وفتى في قرية مجدل شمس الدرزية في الجولان. حزب الله وجد نفسه في حالة محرجة حتى امام الطائفة الدرزية في لبنان (لذلك كذب ونفى بشكل استثنائي مسؤوليته عن الاطلاق). وضربة اسرائيلية محسوبة لهدف عسكري مميز، رئيس اركان الحزب، لا تبدو عملية يمكن أن تدهور الطرفين الى حرب.

لكن بعد ذلك جاء اغتيال هنية. عملية ثانية هذه المرة في ايران، بصورة ستضم حماس الى هذا التوتر خلال الاتصالات حول عقد صفقة التبادل. هذا يعتبر اصبع في عين النظام لأن هنية كان ضيفا لديه في احتفال تنصيب الرئيس الايراني الجديد. هي تضع ايران في بؤرة التخبط فيما يتعلق بعملية الرد. وليس من الغريب أن الزعيم الاعلى علي خامنئي اهتم بتسريب أنه أمر بتوجيه ضربة مباشرة ايرانية نحو اسرائيل. مع ذلك، متحدثون في كل اجزاء المحور اكدوا مؤخرا بأنهم غير معنيين بحرب شاملة.

بخصوص الصفقة يتبين شيئا فشيئا بأنه يوجد لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سلم اولويات خاص به، اعادة المخطوفين لا تقف في مكان مركزي فيه. نتنياهو يهتم باستمرار الحرب في القطاع بدون تغيير حجم القوات التي تعمل ضد حماس وبدون الانسحاب من ممر نيتساريم ومحور فيلادلفيا اللذان يسيطر عليهما الجيش الاسرائيلي. المواجهة مع حزب الله في منطقة الشمال ما زالت تحتل اولوية ثانوية لديه. فهو لا يريد التورط في حرب اقليمية، وبالتالي ايضا ليس في مواجهة كبيرة مع حزب الله. الوضع على الحدود في الشمال يمكن حسب رأيه أن يبقى ثابت حتى وقت طويل، رغم الخسائر المتراكمة والسكان الذين تم اخلاءهم.

المشكلة هي أن القليل فقط من ذلك قيل للجمهور في اسرائيل. نتنياهو يقلل من ظهوره، ويظهر امام الجمهور فقط عندما يمكنه أن يجني مكاسب على نجاحات عسكرية منها، في حين أن الكوارث والاخطاء هي امور يجب على الجيش الاسرائيلي تفسيرها. المتملقون لديه لم يعودوا يهتمون بالدفاع عنه امام انتقاده في هذا الشأن. فبالنسبة لهم هذا هو الواقع وليمت الحاسدين. في تصريحاته رئيس الحكومة يقوم بنثر ضبابية بشكل متعمد. في الاسبوع الماضي عندما كان في زيارة في واشنطن لالقاء خطاب في الكونغرس اصدر اشارات لعائلات المخطوفين بأن هناك تقدم في المحادثات حول الصفقة. وفي نفس الوقت، دون أن يتراجع، تشدد في طلباته في المفاوضات بشكل يضمن الجمود فيها. الضبابية موجهة ايضا نحو الجيش الاسرائيلي. فالضباط الكبار يشعرون أكثر فأكثر بأنهم مقاولو تفجيرات. مواقفهم غير مهمة بالنسبة له.

بعد موت هنية انتشر اعتقاد بأن رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، سيقوم بتأخير المحادثات – حتى كعقاب على عملية الاغتيال، ولأنه في حالة اشتعال اقليمي سيتم تطبيق خطته الاصلية، وليس لديه أي مصلحة في انقاذ اسرائيل من تورطها. في المقابل، رؤساء جهاز الامن يطرحون ادعاء معاكس. فحسب رأيهم بعد الاغتيالات حماس توجد في نقطة الحضيض. السنوار هو تقريبا الشخص الاخير بعد أن قتل معظم اصدقاءه (وخصومه) في قيادة حماس في الاغتيالات. تحقيق صفقة يمكن أن يجعل الوضع يستقر بدرجة معينة، ويعيد الى البلاد بالتدريج المخطوفين الى جانب جثث المخطوفين الذي ماتوا في الاسر، وتمكين الدولة والجيش من اعادة البناء على أمل أن يكون بالامكان تحقيق اتفاق مؤقت على الاقل على الحدود مع لبنان.

وزير الدفاع يوآف غالنت يقول هذه الامور علنية كل يوم تقريبا. جميع رؤساء الاجهزة يشاركونه رأيه في النقاشات الداخلية. نتنياهو يتآمر على اقالة غالنت واستبداله بجدعون ساعر. العمليات الاخيرة تحسن بشكل قليل مكانة نتنياهو في الاستطلاعات وفي القريب يمكن أن يقوم بهذه المقامرة.

السؤال الذي يحلق منذ فترة طويلة هو متى ستأتي اللحظة التي سيقف فيها رؤساء الاجهزة علنا الى جانب غالنت ويقولون رأيهم بشأن السياسة وطريقة اتخاذ القرارات. الحديث لا يدور فقط عن خلاف استراتيجي. يوجد هنا جدال اخلاقي حول مستوى التزام الدولة بمواطنيها وجنودها الذين تم اختطافهم نتيجة الفشل الامني – السياسي الاكثر خطورة في تاريخها.

بعيدون عن الحل

الخلاف حول صفقة التبادل ليس السبب الوحيد للتوتر الجديد بين نتنياهو والقيادة الامنية العليا، ورئيس الاركان هرتسي هليفي بشكل خاص. رئيس الاركان قطع مؤخرا خططه مرتين وسارع الى ساحتين جعلته يصاب بالصدمة، كل واحدة بطريقتها. في منتهى السبت ذهب الى مجدل شمس بعد بضع ساعات على سقوط الصاروخ الذي اطلقه حزب الله وقتل الاطفال. المشاهد التي رآها هناك كانت فظيعة، لكنه استقبل هناك بالتقدير الكبير. الدروز في هضبة الجولان كانوا بحاجة الى احتضان من الدولة، وهليفي قدمه لهم. نتنياهو كلف نفسه عناء الذهاب الى القرية بعد يومين واطلق شعارات فارغة؛ بعض السكان رافقوه بهتافات الاستخفاف.

في يوم الاثنين اقتحم نشطاء لليمين المتطرف بشكل عنيف منشأة سديه تيمان وبعد ذلك معسكر بيت ليد احتجاجا على اعتقال تسعة من جنود الاحتياط المشتبه فيهم بالتحرش الجنسي القاسي لشاب فلسطيني. وزراء واعضاء كنيست شجعوهم، وبعضهم قادوا الاقتحام الاول. رئيس الاركان وصل الى بيت ليد ووجد نفسه مع جنود كتيبة الدورية التابعة للواء المظليين، الذين اضطروا الى أن يصدوا بأيدهم اقتحام زعران “لافاميليا”، وهي منظمة مشجعي بيتار القدس. الضباط هناك قالوا بأنه لم يروا أي يوم كهذا. نتنياهو خلال يومين اصدر ادانات ضعيفة، في واحدة قارن بنية واضحة بين اعمال الشغب المهذبة جدا لليمين وبين اغلاق الشوارع المهذب لمتظاهري كابلان.  

الفجوة بينه وبين جهاز الامن ستتسع وستبرز كلما اقتربنا من الذكرى السنوية للمذبحة، وكلما تم نشر المزيد من تحقيقات الجيش الاسرائيلي. من المرجح أنه قبل الذكرى السنوية سيزداد ضغط الجمهور على هليفي للانسحاب (اذا لم تندلع حرب شاملة). مع ذلك، سلوك نتنياهو في هذا الاسبوع يطرح ادعاءات ايضا في الاتجاه المعاكس. انسحاب هليفي ورئيس الشباك، رونين بار، يمكن أن يفتح الطريق امام محاولة تعيين مقربين من هذين المنصبين، لا سيما اذا تمت ازاحة غالنت من الطريق لصالح بديل خاضع أكثر.

النجاح العملياتي والاستخباري الذي سجلته اسرائيل مؤخرا، والتقديرات حول ضائقة حماس والوعود الفارغة لنتنياهو بالنصر المطلق، كل ذلك لا يجب أن يشوش الجمهور في اسرائيل. تقريبا مرت عشرة اشهر منذ الهجوم المفاجيء في الغلاف والورطة التي وجدت اسرائيل نفسها فيها بعيدة عن الحل. ربما أنه لم يكن أي مناص من ذلك، منذ اللحظة التي تفاجأنا فيها. العمليات التي عملت ايران وشركاءها عليها لسنوات تم تسريعها دفعة واحدة ونضجت، بصورة تضع امام الدولة تحديات غير مسبوقة. نتنياهو لا يقوم ببلورة استراتيجية واضحة ولا يعرضها على المنظومة التي تخضع له. هدفه الاساسي والواضح هو ضمان بقاءه في الحكم مع ابطاء (تطلع نحو التحييد) الاجراءات القانونية ضده. في حين أن الميزان الاقليمي بقي على حاله، وفي هذا الوقت هو غير مشجع من ناحية اسرائيل رغم الانجازات المحددة المثيرة للانطباع. قناني الشمبانيا يمكن أن تنتظر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى