ترجمات عبرية

هآرتس: اسقاط النظام في ايران هو حلم قد يصبح كابوسا

هآرتس 17/6/2025، تسفي برئيل: اسقاط النظام في ايران هو حلم قد يصبح كابوسا

في السنة الأخيرة توجه بنيامين نتنياهو عدة مرات للمواطنين الإيرانيين ودعاهم الى اسقاط النظام وإزالة نير الديكتاتورية القاتلة عنهم، التي انفقت مليارات الدولارات على وكلائها – أموال كان يمكن للدولة استثمارها في تحسين وضع المواصلات – حسب قوله. وحتى انه استخدم شعار حركة حقوق النساء التي أقيمت في 2022، “نساء، حياة، كرامة”، من اجل اثارة التماهي والتعاطف الإيراني للمهمة التي كما يبدو اخذها على عاتقه من اجل المواطنين الإيرانيين.

أيضا ابن الشاه رضا كورش بهلوي يريد ان تقوم إسرائيل باسقاط النظام. هو يقول لكل من يهتم بأن يستمع اليه، بانه توجد في ايران قوى وتيارات كثيرة قوية مستعدة للعمل من اجل اسقاط النظام (على الطريق يجب أن يضعوا على راسه التاج الملكي). بقايا “الحركة الخضراء” التي نشأت في 2009 اثناء الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها محمود احمدي نجاد، برئاسة مهدي كروبي الذي تحرر من الإقامة الجبرية التي خضع اليها منذ 2009، وصديقه مير حسين موسوي، الذي تنافس في حينه في الانتخابات، وهو أيضا معتقل منذ ذلك الحين في بيته – هما أيضا يريدان رؤية اسقاط خامنئي والأجهزة الديكتاتورية القمعية للنظام.

وراء الحدود ينتظر مجاهدو خلق، المعارضة المسلحة للنظام، والتي ساعدت الخميني على القيام بالثورة الإسلامية وطاردت وحتى قتلت معارضيه، لكنه تم ابعادها بأمر من الخميني الذي اعتقد أن الامر يتعلق بجسم يمكن ان يعرضه للخطر. هو لم يكن مخطيء. فهذا التنظيم، الذي حسب تقارير اجنبية ساعد إسرائيل لسنوات في نشاطاتها ضد ايران، يتطلع الى أن يكون جزء من النظام الجديد الذي سينشأ في ايران وتطبيق فيه عدد من المباديء التي لا تتساوق بالتحديد مع الديمقراطية الغربية.

في الغرب معروف جيدا المفهوم الضبابي “الإصلاحيون”، الذي يستخدم كمظلة واسعة جدا لكل من يريدون التغيير في ايران. موسوي هو إصلاحي، ربما رمز لكل الإصلاحيين، لكن في حينه سعى الى التوضيح بأنه لا يؤيد الديمقراطية على نمط الغرب، ويعارض التدخل الأجنبي في شؤون الدولة. حسن روحاني هو أيضا إصلاحي، رئيس ايران السابق، والزعيم الذي وقع على الاتفاق النووي في 2015 وأيد الحوار مع الغرب، لكنه عارض تغيير أسس النظام التي تقوم على الشريعة وعلى تفسيرات رجال الدين. حتى ان هناك رجال دين يحملون لقب الاصلاحيين. احدهم كان الرئيس محمد خاتمي، الذي قام بتجميد البرنامج النووي الإيراني عشية حرب الخليج الثانية، لكنه قام باستئنافه عندما لم يرد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن على اقتراحه للتفاوض حول المشروع النووي.

من بين طيف الإصلاحيين الذين يمكن ان يشكلوا العمود الفقري لتغيير النظام، ربما يكون مثقفين وطلاب جامعات ومنظمات حقوق انسان، الذين خرجوا في المظاهرات الكبرى مثل المظاهرة التي قامت بها “الحركة الخضراء” أو الاحتجاجات في 2019 و2022، وهي الاحداث الرئيسية التي انتجت في كل مرة اندلعت فيها نبوءات مجربة ومؤكدة بان النظام على وشك الانهيار. ولكن امامهم وضدهم تقف قوى قوية، مسلحة وعنيفة، لا تعرف الحدود مثل حرس الثورة الإيراني والشرطة “المدنية” والباسيج، مئات الالاف (البعض يقولون الملايين) من المتطوعين الذين تتم مشاهدتهم كثيرا في المظاهرات في الشوارع وهم يلوحون بايديهم ويهتفون “الموت لامريكا، الموت لإسرائيل”. هؤلاء هم الذين يفرقون المظاهرات ويكسرون الإضرابات، رأس الحربة التي يتم ارسالها الى الجمهور كلما شعر النظام بالتهديد.

أجهزة النظام تتكون من حركات وقوى ومنظمات، التي خلال عشرات السنين حصلت على مكانة واموال طائلة، تفعل كل ما في استطاعتها، وهذا ليس بقليل، من اجل الحفاظ على دفيئتهم الحكومية. يوجد بينهم رجال دين كبار وأعضاء في المجالس واللجان التي تصادق على ترشح أعضاء البرلمان والرؤساء ومن سينتخب الزعيم الأعلى القادم في ايران. هذه آلية بيروقراطية مبنية من طبقات، وهي تسيطر على كل اذرع الحكم، الذي هو كما يبدو مبني من “لبنة ديمقراطية” فيها الجمهور ينتخب الرئيس، وأعضاء البرلمان والمؤسسات البلدية، لكن كل انتخاب كهذا يخضع للتصفية المتشددة لمصادقة الزعيم ورقابته المتواصلة. الى جانب هذه اللبنة توجد المؤسسات المعينة، الجيش، حرس الثورة، الشرطة، جهاز القضاء ووزراء الحكومة، الذين المصادقة عليهم تخضع للبرلمان المنتخب، لكن عمليا هي تخضع لتوجيهات الزعيم الأعلى. وقتل خامنئي لا يضمن انهيار هذه المنظومات القوية، وحتى أنه يمكن أن يحدث حرب وراثة تتمثل في قمع اكثر تدميرا.

أمنية وليس اكثر من ذلك

يصعب وحتى من غير المحتمل معرفة متى ستحدث ثورة مدنية في الدولة. حتى عندما توجد علامات واضحة تدل على احتمالية حدوث ذلك. أي جهاز مخابرات لم يعرف متى سيتفكك الاتحاد السوفييتي. ولم تعرف أي جهة تحليلية ابلاغنا هل ومتى ستقوم ثورة “الربيع العربي” أو التنبؤ بأن نظام الأسد سيسقط مثلما سقط. هذه فقط امثلة قليلة، لكنها تكفي من اجل الفهم بأنه أيضا الامل في ان يسقط النظام في ايران يستند الآن على أمنية أسيرة لصور وتشبيهات تاتي من هناك. يجدر الذكر في هذا السياق بان ايران سبق لها وعرفت حرب وجودية امتدت لثماني سنوات مع العراق وأنها تخضع لنظام عقوبات شديدة منذ حدثت فيها الثورة الإسلامية. الازمة الاقتصادية العميقة والمزمنة كانت عامل لانهيار النظام في معظم الدول السليمة. ايران ليس فقط باقية رغم العقوبات، بل هي أيضا طورت تكنولوجيا متقدمة وسلاح حديث، وتستمر في بيع النفط ومنتجات أخرى.

نتنياهو أوضح للايرانيين وللعالم بأن “الواقع في الشرق الأوسط هو نتاج رد متسلسل، رد على الضربات التي تلقتها حماس، انهيار حزب الله وتصفية حسن نصر الله، هذه الضربات قمنا بتوجيهها لمحور الشر. في الوقت الذي تبحث فيه ايران عن احتلال دول أخرى من اجل ان تفرض فيها الديكتاتورية الأصولية، فان إسرائيل تبحث فقط عن الدفاع عن نفسها، ولكن بذلك نحن أيضا ندافع عن الحضارة في وجه البربرية”. هذه اقوال تأسر القلب، لكنها لا تضمن بان اسقاط النظام في ايران هو أمر ممكن بالطريقة التي تم فيها اسقاط الأسد أو تقويض حزب الله.

أيضا يجدر الذكر بان نتنياهو لم يسارع الى احتضان احمد الشرع “الإرهابي”، رئيس سوريا الذي اسقط الأسد، ولم يمد يده الى الحكومة اللبنانية بعد تصفية حسن نصر الله. أيضا الولايات المتحدة آمنت بأنه بعد اسقاط صدام حسين سيفيض نهر دجلة من كثرة الفرح، وفي شوارع بغداد ستحتفل الديمقراطية. النتيجة الفعلية معروفة جيدا. أيضا قبل الحرب في العراق كان هناك معارضون كبار عاشوا في لندن وباريس ووعدوا الولايات المتحدة بالنصر المطلق، ليس فقط على الديكتاتور القاتل، بل انتصار لقيم الديمقراطية الغربية.

الحرب ضد ايران لن اجل حماية إسرائيل هي مهمة ضخمة بحد ذاتها، هي لا تحتاج ارفاق اليها مهمة مقدسة على صورة الدفاع عن الحضارة. تصفية خامنئي أو زعماء وقادة كبار في ايران لا تضمن نتيجة افضل. ايران نفسها قدمت الدليل على ذلك عندما خرج الملايين الى الشوارع وقاموا بطرد الشاه وتتويج الخميني. اسقاط النظام الان هم حلم اصبح هدفا استراتيجيا، بدون أي دليل على انه قابل للتحقق. واذا تحقق فانه لا يضمن ان النتيجة لن تكون كابوس اكثر خطرا.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى