ترجمات عبرية

هآرتس: اسرائيل دولة عظمى، لكن كارثة 7 أكتوبر  كان يجب أن تعلمنا القليل من التواضع

هآرتس 30/7/2024، الكسندر يعقوبسون: اسرائيل دولة عظمى، لكن كارثة 7 أكتوبر  كان يجب أن تعلمنا القليل من التواضع

قبل 7 تشرين الاول كان من المقبول التحدث عن اسرائيل وكأنها دولة عظمى. جميع المعسكرات والتيارات كانت مشاركة في هذا الخطاب، كل لاسبابه الخاصة. بنيامين نتنياهو ومشجعيه كان من المهم لهم التأكيد على أنه هو الذي جعل اسرائيل دولة عظمى؛ صورة من بنى عظمة اسرائيل في كل المجالات وطور مكانتها الدولية كانت احد الاسس الرئيسية في صورته الجماهيرية. في المقابل، معارضي نتنياهو كان من المهم لهم القول بأن اسرائيل كانت دولة عظمى قبله، وبالتأكيد اسهام النخب التي يتم التشهير بها في القوة التكنولوجية والعسكرية والاقتصادية. 

لقد كان من المهم لليمين عرض اسرائيل كدولة عظمى من اجل القول بأنه يمكنها السماح لنفسها، خلافا لادعاءات اليسار، بمواصلة الاحتفاظ بالمناطق والاستيطان فيها. حسب هذه المقاربة فان كل الادعاءات حول الضغوط السياسية التي تملي كما يبدو سياسة تقديم تنازلات جغرافية، هي الاعيب يسارية فقط. بالنسبة لليسار كان من المهم له أن يعرض اسرائيل كدولة عظمى من اجل القول بأنه يمكنها السماح لنفسها بالتنازل عن المناطق. حتى لو ظهرت تهديدات من هذه المناطق بعد الانسحاب فماذا يمكن أن تكون قوتها امام قوة اسرائيل؟.

اليسار الراديكالي كان من المهم له عرض اسرائيل كدولة عظمى، لأنه حسب رأيه هي امبراطورية للشر، وكل ادعاءاتها حول التهديدات الامنية عليها هي ذرائع لا اساس لها استهدفت تبرير الاستقواء والاحتلال والقمع. من يؤيدون هذه المقاربة اعتادوا على سحب “القوة العظمى” لاسرائيل الى الخلف حتى الحرب في 1948. في حينه كان تفوق اسرائيل واضح للجميع ولم يكن يهددها أي شيء حقا، هذه الحقيقة التي انتصرت في نهاية المطاف. بالنسبة للصهيونية الدينية بالصيغة الاكثر “خلاصية”، والسائدة جدا في الوقت الحالي فان اسرائيل كقوة عظمى هي أمر ايماني وروحي في اساسه، الذي لا يمكن لأي تطور سياسي تغييره. واذا كانت دولة اسرائيل هي “اساس كرسي الله في العالم” فانه يمكن القول بأن القوانين العادية في الوضع السياسي والضغط والمعايير للعالم الذي نعيش فيه، لا تسري عليها ولا تقيدها.

مؤخرا سمعت تسفي يحزقيلي، محلل الشؤون العربية في القناة 13 الذي شاهد ضوء الخلاص، وهو يقول بأن “اصحاب التصور” هم ساذجون ومقطوعون عن الواقع في الشرق الاوسط. عندها اجاب على سؤال كيف يمكن حل مشكلة غزة حسب رأيه الحكيم وغير الساذج. هو ببساطة قال: “يوجد في غزة اكثر بقليل من 2 مليون شخص، يجب تقسيمهم على عشر دول، كل دولة تستوعب 200 ألف شخص، هكذا يتم حل المشكلة. في الواقع لا توجد الآن في العالم أي دولة عظمى، بما في ذلك الدول العظمى الكبرى، مستعدة لتجنيد عشر دول اجنبية من اجل تمكينها من القيام بالتطهير العرقي، لكن الدولة العظمى التي هي اساس “كرسي الله” في العالم بالتأكيد لن تجد صعوبة في ذلك، فقط اذا تحرر قادتها من قيود الليبرالية الغربية الزائدة.

كارثة 7 تشرين الاول وكل ما حدث في اعقابها يجب أن تعلمنا جميعنا، باستثناء الذين لديهم اعفاء ايماني – خلاصي من الامتثال لقوانين الطبيعة، تخفيف التحدث “بلهجة الدولة العظمى” ووضع الاقوال في تناسبها الصحيح. من الواضح أنه بالمفاهيم المهمة فان اسرائيل هي وبحق دولة عظمى. صحيح أنها تستمر في الوجود في الشرق الاوسط. لولا قوتنا العسكرية والتكنولوجية والسياسية والاقتصادية ببساطة لم نكن لنوجد هنا. لا يوجد أمر اوضح من ذلك. ولكن محظور طمس التأكيد على قوة اسرائيل نقاط الضغط الملموسة جدا لديها. أولا، حقيقة أنه تقف امامنا قوة اقليمية اخرى، كبيرة ولها قوة، متقدمة ومصممة، ويمكنها تشغيل ضدنا اذرع في ارجاء المنطقة. هذه الدولة العظمى تعتبر حربها الضروس ضد اسرائيل، بدون أي صلة بحدود 1967، واجب ديني وأداة رئيسية لتجنيد الدعم الاقليمي من اجل تجسيد حلمها الديني الامبريالي. التهديد من الدول العربية تقريبا تلاشى في العقود الاخيرة، لاسباب مختلفة، بما في ذلك السلام مع مصر. ولكن بدلا منه جاء تهديد ايران الذي يتبين بأنه أكثر خطورة.

اليوم حيث اسرائيل تحارب في الجنوب وفي الشمال، وحيث المليشيات الشيعية في اليمن تفرض عليها الحصار البحري وتقوم بمهاجمة تل ابيب، وحيث الولايات المتحدة ليس فقط تزود اسرائيل بالسلاح الحيوي للقتال، ورغم الخلافات السياسية إلا أنه للمرة الاولى في تاريخ النزاع هي تستخدم قوة عسكرية مباشرة للدفاع عن سماء اسرائيل من الصواريخ، لقد حان الوقت للأخذ بجدية خطورة التهديدات على اسرائيل وايضا الحاجة الحيوية لضمان دعمها سياسيا. مفهوم أنه يجب عدم التوقع بأن يوافق الجميع على ترجمة هذه الاقوال الى اللغة العملياتية. هناك امور تبدو لي واضحة مثل فكرة أن اسرائيل يمكنها السيطرة على الأبد على الفلسطينيين في المناطق، دون منحهم الاستقلال ودون منحهم الجنسية الاسرائيلية. هذه مقامرة على وجود الدولة. ومن جهة اخرى، من الواضح أنه بخصوص كل المناطق التي تقوم باخلائها، اسرائيل يجب عليها أن تصمم على حقها في العمل بصورة مبادر اليها حتى ضد تهديدات محتملة، التي بعد 7 اكتوبر بالتأكيد لا يجب الاستخفاف بخطورتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى