هآرتس: اسرائيل تمسك بالمفتاح لتحرير المخطوفين وايران ستحسم اذا كانت ستكون حرب اقليمية
هآرتس 15/8/2024، تسفي برئيل: اسرائيل تمسك بالمفتاح لتحرير المخطوفين وايران ستحسم اذا كانت ستكون حرب اقليمية
لقاء القمة الذي سيتم عقده اليوم في الدوحة يشبه “سيارة الانقاذ” التي يتعلق بها ليس فقط انقاذ المخطوفين، بل ايضا مصير كل الشرق الاوسط. اذا تم التوصل في القمة الى انعطافة قبل وقف اطلاق النار في القطاع فان ذلك سيعيد فتيل القنبلة الموجهة من قبل ايران وحزب الله ،وربما ايضا وكلاء آخرين لايران، الى مكانه، ووقف المواجهة الطويلة على الحدود في الشمال، والبدء في حملة تحرير المخطوفين وعودة عشرات آلاف المخلين من الشمال الى بيوتهم. ولكن هذا اللقاء يعتمد على معادلة فيها على الاقل ثلاثة مجاهيل، كل مجهول فيها مبني مثل المترويوشكاالروسية، عائق داخل عائق، لغم داخل لغم، الى حين أن لايبقى أي هامش للتفاؤل.
من غير الواضح ما هو مدى المرونة الذي اعطاه نتنياهو للوفد الاسرائيلي، هل حماس ستكون راضية من ذلك؛ هل ايران وحزب الله سيوافقان على تبني وقف اطلاق النار مع حماس كذريعة للتنازل عن تصفية الحساب؛ ماذا يتوقع أن يحدث اذا كانت الاجابة على كل هذه الاسئلة سلبية. سؤال آخر يتعلق بمشاركة وفد حماس في المفاوضات. في بداية الاسبوع حماس اعلنت بأنها لن تشارك، وبعد ذلك نشرت بيان قالت فيه بأنها تنوي المشاركة، وأمس قال أحد اعضاء حماس بأنها لا تنوي المشاركة في المحادثات، الى أن نسمع بأن الطرف الاسرائيلي ينوي الموافقة على طلباتنا. حماس تطلب من اسرائيل طرح خطة عمل لتنفيذ وقف اطلاق النار حسب الخطة التي تم الاتفاق عليها في 2 تموز الماضي.
اذا تم التوصل الى الاتفاق فان اللقاء يتوقع في افضل الحالات أن ينتهي ببيان نوايا ملزم، وتحديد جدول زمني لمواصلة المفاوضات وتنفيذ خطة العمل. ازاء الجمود الطويل في المحادثات، الذي جبى خلال ذلك ثمنا باهظا بحياة المخطوفين، جنود ومدنيين، فان هذا غير قليل. هذا الناتج يمكن أن يعتبر انجاز كبير للدبلوماسية الامريكية التي دمجت استعراض غير مسبوق للقوة العسكرية الى جانب مكبس الضغوط السياسية. مع ذلك، من غير المؤكد أن يكون هذا كافيا من اجل استكمال كل العملية، بالاحرى في فترة زمنية قصيرة، وهو العامل الحاسم لجميع الاطراف ولا سيما بالنسبة للمخطوفين.
رغم أن لقاء القمة يستهدف تمهيد الطريق لاعادةالمخطوفين فانه في المركز سيقف التهديد باندلاع حرب اقليمية، الذي جاء في اعقاب اغتيال فؤاد شكر واسماعيل هنية. ايران تمسك بيدها رزمة من الاوراق، التي منذ الثورة الاسلامية لم تكن في حوزتها. بمساعدة اسرائيل نجحت في ترجمة المواجهة المحلية، وهي المواجهة التي تجلس فيها على كرسي المشاهد لاشهر كثيرة وتقوم بتفعيل وكلاءها، الى ذخر استراتيجي.
هكذا فان ايران غير مطلوب منها حتى التهديد بالنووي، بل فقط بحرب تقليدية. ونتيجة لذلك فان اسرائيل تمسك بمفتاح تحرير المخطوفين، أكثر من حماس كما يبدو. ليس الولايات المتحدة أو اسرائيل، بل ايران هي التي ستحسم اذا كانت الحرب في القطاع ستشعل كل المنطقة.
يبدو أن سوق الشائعات والرهانات في الشرق الاوسط وصلت الى الذروة في الاسبوع الماضي. المقامرة الاكثر اثارة بشكل طبيعي، تتركز حول سؤال هل ايران ستقوم بمهاجمة اسرائيل، متى وبأي نطاق. الاسهام الاكثر اثارة لهذه السوق هبط في موقع صحيفة “الجريدة” الكويتية، الذي قدم أمس معلومات طازجة. الصحيفة التي يملكها الصحفي ورجل الاعمال محمد الصقر نشرت بأنه في يوم الاحد الذي اجتمع فيه في طهران ممثلون عن حرس الثورة ووكلاء ايران، من بينهم الحوثيين والمليشيات الشيعية في العراق وحزب الله، حرس الثورة طلب منهم العمل بضبط للنفس، عمليا، تأجيل الرد. تقرير الصحيفة يستند الى مصدر رفيع في “قوة القدس” في حرس الثورة.
حسب قوله فانه في اللقاء تطور نقاش شديد شمل تبادل الاهانات بين ممثلي حرس الثورة و”الفروع” التي طلبت العمل “على الفور وبنطاق واسع ولفترة طويلة وبشكل يجعل الاسرائيليين ينزلون الى الملاجيء لفترة طويلة كي يشعرون ببعض ما يشعر به سكان قطاع غزة”. ممثل حماس في اللقاء، الذي لم يتم ذكر اسمه، طلب أن تضع ايران على لوح الاهداف رأس رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، كرد على اغتيال اسماعيل هنية. وقد قال ايضا، حسب التقرير، بأن “تصفية شخصيات اسرائيلية بمستوى أدنى مثل ضباط كبار أو علماء لن تؤثر على نتنياهو الذي سيواصل اشغال منصبه”. حسب التقرير هذه الاقوال وصلت الى درجة المواجهة التي اوضح فيها ممثل حرس الثورة للضيوف بأن “القرار هو بيد ايران وليس بأيديهم”.
بعض المشاركين في اللقاء قرروا المغادرة بذريعة أنهم جاءوا الى ايران لتنسيق عملية الرد وليس تأجيلها. الآن يخشون في ايران من أن هذه التنظيمات ستقرر بشكل مستقل، بدون تنسيق عملياتها مع طهران. مثلا، في الاسبوع الماضي هاجمت المليشيات الشيعية في العراق القاعدة الامريكية في عين الاسد التي توجد في العراق. تقرير الصحيفة الكويتية هو “استثنائي”، لأنه حتى الآن لم ينشر في أي وسيلة للاعلام عن عقد لقاء كهذا، خلافا للقاءات مشابهة تم عقدها، واحد منها في شهر ايار، بعد جنازة رئيس ايران السابق ابراهيم رئيسي، ولقاء آخر عقد في شهر آذار.
في تقرير آخر نشر في نفس الموقع في يوم الاحد كتب أنه بين واشنطن وطهران تجري محادثات مباشرة وليس فقط من خلال الوسطاء. وكتب في التقرير ايضا بأن ايرانوافقت على “خط ساخن” مباشر مع واشنطن. وحسب هذا التقرير فقد طلبت الولايات المتحدة من ايران تأجيل ردها ضد اسرائيل لاسبوعين أو بضعة اسابيع من اجل عدم المس بفرصة المفاوضات بين اسرائيل وحماس. ورغم أنه لا يوجد أي تأكيد على هذا الطلب، فان وفد ايران في الامم المتحدة اعلن بأنه لا توجد أي صلة بين وقف اطلاق النار في غزة وبين حق ايران في الرد على اغتيال اسماعيل هنية، وهي تأمل بأن لا يضر هذا الرد بفرصة المفاوضات.
في تقارير اخرى تمت الاشارة الى أن ايران مترددة ليس فقط حول مسألة موعد الهجوم المناسب، بل ايضا حول اختيار الاهداف الاسرائيلية التي سيتم ضربها. هل يجب العمل ضد تل ابيب والتجمعات السكانية، وفقا لتعليمات الزعيم الروحي علي خامنئي، حسب التقارير؛ أو ضد اهداف نوعية مثل قادة كبار وشخصيات عامة وسفارات. حسب الايرانيين الذين اجريت معهم المقابلات، من بينهم شخصيات رفيعة في حرس الثورة الايراني واعضاء في البرلمان وجهات في مجلس الامن القومي الايراني، ايران لا تريد أن تقف مرة اخرى في وضع فيه ينتهي هجوم كبير بالصواريخ والمسيرات على اسرائيل بفشل ذريع كما حدث في شهر نيسان. في المقابل، عملية “جراحية” لاهداف أو شخصيات تحتاج الى اعداد طويل وجمع معلومات، الامر الذي سيؤجل تنفيذ العملية، وهكذا يمكن أن يبدد تأثير “الانتقام الفوري”.
تقدير هذه الاعتبارات تم شمل فيه التأثير المحتمل لوقف اطلاق النار، اذا تم التوصل اليه. للوهلة الاولى “التنازل” عن معاقبة اسرائيل من اجل وقف الحرب في غزة، يبدو عملية رابحة بالنسبة لايران. هكذا، هي لن تخاطر بوضع قواتها في امتحان فعلي في مواجهة عسكرية؛ وستوفر على نفسها رد مضاد لاسرائيل وامريكا، الذي يمكن أن يضر باقتصادها، وربما بمشروعها النووي، وسيمنع هجوم شامل على لبنان، وهكذا تحافظ على ذخرها الاستراتيجي الاقليمي. وما لا يقل عن كل ذلك أهمية هو أن ايران ستحظى بفرصة تشبيهها بالدولة العظمى، التي رغم أنها في الجانب المحق إلا أنها وافقت على منع حرب اقليمية، وكل ذلك بدون أن تتنازل عن مكانتها كتهديد محتمل. ولكن الاعتبارات المنطقية لا تحل قضية الكرامة. الفتيل الذي اشعلته اسرائيل عندما قامت باغتيال هنية، الآن لا يوجد من يستطيع تقدير ثقله.