ترجمات عبرية

هآرتس: اذا لم تخف الحكومة من الجمهور فلن تكون هنا ديمقراطية

هآرتس 5/12/2024، تسفي برئيلاذا لم تخف الحكومة من الجمهور فلن تكون هنا ديمقراطية

“عندما تخاف الحكومة من الشعب تكون هناك حرية. وعندما يخاف الشعب من الحكومة فان هذه ديكتاتورية”، هذه هي المقولة المنسوبة لتوماس جيفرسون. لا يوجد أي دليل على أنه قالها حقا. ورغم ذلك هي لم تفقد صلاحيتها. حسب هذه المقولة فانه في إسرائيل تسيطر حكومة مستبدة لا تخاف، لأنه لا يوجد جمهور يهددها.

يبدو أنها تدير نظام ديمقراطي، فيه الكنيست تشرف على اعمال الحكومة وقراراتها؛ تخضع لجهاز القضاء؛ تدير إجراءات تحقيق منظمة؛ وسائل الاعلام حرة والمظاهرات غير ممنوعة؛ الشرطة تطبق القانون؛ وحتى أن رئيس الحكومة يتم تقديمه فيها للمحاكمة. 

لكن هذه الواجهة هي جوهر عهد الرعب الذي تستخدمه الحكومة، التي شنت حرب صليبية ضد مواطنيها. ففي عملية سريعة ووحشية قامت بحبس آلية الديمقراطية وقيمها ورموزها داخل تعريف جديد قامت بصياغته بشكل حصري. 

بحسبه فان فصل السلطات، الذي هو حجر الأساس في أي دولة ديمقراطية، آخذ في التلاشي. البرلمان اصبح جزء لا يتجزأ من الذراع التنفيذي، ويعطيها الأساس القانوني لأي جنون، قوانين شخصية مثل “قانون فيلدشتاين” وحتى قانون شطب ترشح العرب؛ المحكمة العليا تعرضت للهجوم بالمناجيق وأصبحت قلعة مثقبة آيلة للسقوط؛ المستشارة القانونية للحكومة تنتظر في الطابور على المقصلة؛ الشرطة تشبه بالفعل مافيا يديرها مجرم مدان ومتعطش للسلطة ومتخصص في إرهاب من يعارضون النظام؛ وسائل الاعلام لم تعد تتجرأ على النظر في المرآة، لأنها تعرف أن الصورة التي ستظهر فيها ستكون فظيعة، ناهيك عن انها تثير الاشمئزاز، لأنها أصبحت في معظم الحالات جزء لا يتجزأ من الحكومة: جندية مخلصة، مجندة وتقوم بالتجنيد.

في ظل الشعور العميق باليأس إلا أنه ما زال هناك من يتمسكون بضرورة الدفاع عن حراس العتبة على اعتبار أنهم خشبة النجاة. ولكن هذه الدعوات لا تثبت إلا فقدان الثقة بآليات النظام الديمقراطي، لأنه في ديمقراطية الخوف اصبح التماهي العلني مع قيم الديمقراطية الأساسية أمر خطير بحد ذاته، والوهم أن حراس العتبة ما زال يمكنهم الانقاذ اكثر خطورة، لأنه من المضلل الاعتقاد أنه فقط اذا تم وقف قانون مشوه، واذا تم الامتناع عن التعيين الفاسد أو احباط التمويل الفاسد، فانه سيتم علاج الديمقراطية في إسرائيل. ولكنها، ونقول ذلك بتفاؤل، هي في مرحلة المرض الثالثة. 

في ثقافة الخوف فان مشرعين حكماء وجديين، ليس فقط القلائل الذين بقوا في الائتلاف بل أيضا من يسمون المعارضة، يجب عليهم التساوق مع “مشرعي النظام” اذا كان مستقبلهم السياسي مهم لهم؛ القضاة النزيهون والمتأكدون من أنهم يحملون راية سلطة القانون، لكنهم عندها يكتشفون أن القانون نفسه اصبح مجرما، وهم مضطرون الى أن يكونوا شركاء فيه؛ رجال الشرطة الذين تجندوا لخدمة المواطن والدفاع عنه، يوجد الكثير منهم، اصبحوا ملزمين بـ “ثقافة المافيا”؛ المعلمون في المدارس والمحاضرون في الجامعات يفحصون طوال الوقت ظلهم كي لا يكونوا قد غردوا بشيء “خطير” أو قالوا ملاحظة “سياسية” اثناء محاضرة، أو كتبوا بحث “غير مناسب”. قبل بضع سنوات قالت لي طالبة دكتوراة بأنه طلب منها تغيير عنوان بحثها لأنه تضمن مصطلح “النكبة”. الآن كما يبدو كان سيتم التحقيق معها واعتقالها بتهمة التحريض أو المس بأمن الدولة.

النتيجة هي أن الاستبداد الديمقراطي في إسرائيل اصبح يمكنه تجاهل جميع حراس العتبة الرسميين، في الحكومة وفي الكنيست، لأنه ها هي تستكمل اجتثاث حراس العتبة الذين يكمنون بشكل طبيعي في قيم وأسلوب حياة المجتمع الديمقراطي الحقيقي. ولكن بالمقارنة مع احداث الانقلاب النظامي فانه في هذه المرة الحديث يدور عن تهجير تحت التخدير، تهجير يهدف الى إخفاء حجم الكارثة التي تنتظر المجتمع الإسرائيلي، وتعويده على الوضع الجديد. هذا الامر يوجد له علاج واحد وهو جعل الحكومة تبدأ في الخوف من الجمهور.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى