ترجمات عبرية

هآرتس: إسرائيل تهاجم، لكن في نظر ايران وترامب الاتفاق النووي هو الحل

هآرتس 16/6/2025، تسفي برئيلإسرائيل تهاجم، لكن في نظر ايران وترامب الاتفاق النووي هو الحل

أعضاء القيادة العسكرية العليا في ايران، الذين تولوا بصورة مستعجلة مناصبهم بعد تصفية عدد من قادة النخبة، يحاولون ملاءمة الخطط الجاهزة مع التطورات التي تمليها الحرب، لكن ايران لم تتنازل عن القناة الدبلوماسية. بتوجيه من المرشد الأعلى علي خامنئي، يدير وزير الخارجية عباس عراقجي الجبهة الدبلوماسية لوقف الحرب وتشكيل تحالف دولي يضغط على إسرائيل من اجل وقف ما اصبح يسمى “حرب المدن”، وهو مفهوم معروف جيدا في ايران من أيام الحرب مع العراق.

ايران لا تريد أن تمتد مواجهتها مع إسرائيل الى دول مجاورة الا اذا فرض عليها الوضع ذلك… ردنا هو الدفاع عن النفس وهو امر مشروع تماما، والهجمات على إسرائيل ستنتهي عندنا ستوقف إسرائيل حملتها العسكرية ضد الجمهورية الإسلامية”، هكذا طرح امس موقف ايران في اللقاء مع دبلوماسيين غربيين. توجد مسافة كبيرة تفصل الان بين الخطاب المتغطرس للقيادة في ايران، العسكرية والسياسية، التي هددت في السابق بتدمير مؤكد لإسرائيل اذا هاجمت ايران، وبين الصياغة المهذبة لعراقجي.

الخط الجديد يمثل ايران كدولة مستعدة للتعاون والتوصل الى حل دبلوماسي، بالاساس كدولة تمت مهاجمتها بدون أي استفزاز من قبلها. في نفس الوقت عراقجي لا يخفي التهديد الذي تخشى منه دول المنطقة، بالأساس دول الخليج، الامر الذي سيؤثر بشلك دراماتيكي على الدول الأوروبية والاقتصاد العالمي. “من اجل المخرج الدبلوماسي الذي يتمثل بوقف اطلاق النار فان ايران مستعدة لأي اتفاق يستهدف ضمان انه لن يكون لها سلاح نووي. ولكن نحن لن نقبل باتفاق سيحرم ايران من حقها النووي”، قال عراقجي في نفس اللقاء. “الحق النووي” هو اللغم الذي منع حتى الآن التوقيع على الاتفاق النووي لأن ايران تقول بان تخصيب اليورانيوم في أراضيها هو بند أساسي في حقوقها القانونية على اعتبار أنها وقعت على اتفاق منع انتشار السلاح النووي وعلى الاتفاق النووي. ومن حقوقها السيادية لكونها دولة يحق لها تطوير صناعة نووية “للأغراض المدنية”.

لكن اذا كانت هذه القضية في بداية جولة المحادثات بين ايران والولايات المتحدة مختلف عليها أيضا داخل البيت الأبيض، فانه بعد ذلك أوضح ترامب بان ايران لن يسمح لها بتخصيب اليورانيوم في أراضيها. ربما ان الصياغة الغامضة التي استخدمها عراقجي تستهدف بث استعداد ايران للتنازل عن هذا البند، ولكنه أيضا أشار الى ان ايران مستعدة لأن تطرح على البعثة الامريكية ردها في دولة المحادثات في يوم الجمعة، التي كان مخطط لعقدها أمس في سلطنة عمان وتم تاجيلها بسبب الحرب، لكنه لم يتم الغاءها.

الموقف الذي بحسبه احتمالية بلورة بسرعة اتفاق نووي ما زالت قائمة وسارية المفعول، وقد تم التعبير عنه أيضا في اقوال ترامب. بعد ان حذر ايران من مهاجمة قوات واهداف للولايات المتحدة، أضاف: “نحن يمكننا بسهولة بلورة اتفاق بين ايران وإسرائيل وانهاء هذه المواجهة”. من المثير ان ترامب يتحدث عن اتفاق “بين إسرائيل وايران” وليس بينه وبين ايران. هذا كما يبدو ليس خطأ. يبدو ان الولايات المتحدة وايران توجدان على نفس الصعيد من الاتفاق والتفاهم. وبموجبه الاتفاق النووي يعني وقف القتال. المعنى هو انه اذا وقعت ايران فان ترامب “سيهتم” بان تحترم إسرائيل اتفاقه، أيضا اذا اعلن بنيامين نتنياهو عندها بان إسرائيل لن تكون ملزمة به وهي ستعمل لوحدها “حتى باظافرها” من اجل الدفاع عن نفسها.

اذا فسرت ايران اقوال ترامب كالتزام بالاتفاق وكضمانة لوجوده فان ذلك في هذه اللحظة “الذخر” السياسي الأهم الذي يوجد لديها، اذا ارادت تطبيقه. اقوال عراقجي في اليوم الثالث للحرب، بعد الضربات الثقيلة التي تكبدتها بلاده، تدل على الأقل على ان الرؤية الأساسية لخامنئي الذي صادق على المفاوضات حول الاتفاق النووي، لم تتغير. رغم قول ايران الذي بحسبه الولايات المتحدة عرفت ونسقت، “توجد لدينا دلائل على انها ساعدت في الهجوم الإسرائيلي”، فانه لا يوجد حسب اقوال عراقجي أي مناص من القناة الدبلوماسية. يمكن التقدير بأن ايران متاثرة أيضا من الفجوة في تحديد اهداف الحرب بين إسرائيل، التي تعلن بشكل علني عن نيتها اسقاط النظام كضمان وحيد لانهاء المشروع النووي، وبين ترامب الذي ما زال يتمسك بإمكانية التوقيع على اتفاق جيد مع النظام القائم. ما تم نشره بأن ترامب استخدم الفيتو على خطة إسرائيل لاغتيال خامنئي تعكس أيضا الفجوة في مواقف واشنطن والقدس فيما يتعلق بمستقبل النظام في ايران. وليس يقل من ذلك الفرق في تحديد هدف الحرب، بكونها رافعة لاتفاق نووي، حسب ترامب، أو قناة لاجتثاث التهديد الايراني من جذوره.

في هذه الاثناء ايران يمكن ان تكون راضية من ان موقف ترامب مقبول أيضا على الجارات العربية، السعودية، اتحاد الامارات وبالطبع قطر، الشريكة في حقل الغاز الأكبر في العالم، الذي تضرر بسبب الهجمات الإسرائيلية. وتنضم اليها الثلاث دول أوروبية، التي وقعت على الاتفاق النووي الأصلي، المانيا، فرنسا وبريطانيا، التي بدأت أمس في اجراء محادثات كثيفة مع ايران من اجل بلورة صيغة متفق عليها للاتفاق.

تدخل أوروبا اصبح مهم بسبب التهديد باستخدام بند الانسحاب من الاتفاق، الذي يسمح لأي دولة من الدول الموقعة عليه بالتوجه الى مجلس الامن والمطالبة بإعادة فرض العقوبات التي تم رفعها عن ايران اذا تم خرق جوهري للاتفاق من قبلها. هذا البند اصبح سوط يلوح به فوق رأس ايران، لأن استخدامه لا يخضع الى الفيتو من أعضاء مجلس الامن، ومن شانه أيضا ان يقضم بشكل كبير التعهد الذي يشمله الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، حيث أن الاتفاق الأمريكي – الإيراني يمكن أن يلغي العقوبات الامريكية، لكنه يبقي ايران تخضع لنظام العقوبات الدولية، الذي سيلزم أيضا الولايات المتحدة. التهديد الأوروبي يستند الى الاقوال التي بحسبها ايران لا تعرض للخطر إسرائيل فقط، بل أيضا تعرضها هي نفسها للخطر، لذلك فانه يجب عليها الاهتمام بمصالحها. ولكن ادعاء أوروبا لا يخلو من اعتبارات الكرامة والمنافسة. هذه الدول التي عملت، بدون نجاح، على مساعدة ايران على تجاوز العقوبات التي فرضها ترامب عليها عندما انسحب من الاتفاق النووي، والتي رفضت طلبه تفعيل بند خرق الاتفاق، توترت عندما بدأت المفاوضات الجديدة، وفجأة ظهرت مثل السور الحصين، وفي الولايات المتحدة تم تفسير ذلك كـ “عقاب على سياسة الرئيس في مسألة الجمارك”.

الحرب بين إسرائيل وايران تدفع الآن الدول الأوروبية الى تبني الاتفاق الذي طرحه ترامب، وهي تحاول اقناع بالموافقة عليه. صحيح أن موقف الدول الأوروبية لا يعتبر في إسرائيل له وزن، ليس فقط في قضية النووي الإيراني، ولكن تحالف أوروبي، عربي وامريكي، يمكن أن يتبين أنه عائق كبير جدا حتى بالنسبة لإسرائيل. على أي حال، هو من شانه ان يفعل جدول زمني مضغوط لن يتساوق مع خططها. هذه الخطوات ستلزم إسرائيل بفحص مواصلة خطواتها إزاء احتمالية أن تبلور ايران وواشنطن في القريب تفاهمات، التي بحسبها سيتعين على إسرائيل وقف اطلاق النار.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى