هآرتس: إسرائيل تنجر وراء عملاء الفوضى، تخليصها من غزة منوط بما سمعه ترامب في الخليج

هآرتس 18/5/2025، عاموس هرئيل: إسرائيل تنجر وراء عملاء الفوضى، تخليصها من غزة منوط بما سمعه ترامب في الخليج
في يوم الجمعة الماضي، بالضبط في الوقت الذي غادر فيه دونالد ترامب الشرق الاوسط عائدا الى بلاده، بدأ الجيش الاسرائيلي بتوسيع العملية البرية في قطاع غزة. حسب القوات المشاركة في العملية فانه حتى الآن الحديث لا يدور عن اعادة احتلال القطاع. ومن غير الواضح حتى الآن اذا كانت هذه العملية بتنسيق مع الادارة الامريكية، أو اذا كان ترامب تناقش مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حول موعد محدد لانهائها.
زيادة الضغط العسكري ساعدت على اعادة حماس الى طاولة المفاوضات، لكنها لا تضمن بالضرورة تقدم سريع في المفاوضات. العملية انطلقت في الوقت الذي ازدادت فيه التحذيرات من مجاعة جماعية في القطاع، وبعد قتل مئات الفلسطينيين الذين في معظمهم من المدنيين في عمليات القصف الاخيرة لسلاح الجو. في نفس الوقت يتوقع أن يزداد الخطر على حياة الجنود والمخطوفين.
الهجمات الجوية ازدادت بالتحديد في نهاية الاسبوع، واستهدفت المس بالقدرة العسكرية لحماس وبقادتها قبل البدء في العملية. الخطوة الحالية تفتتح بالفعل عملية “عربات جدعون”، التي في اطارها قوات منظمة بدأت تعمل – حتى الآن بشكل بطيء – بالتوازي في شمال ووسط وجنوب القطاع.
خطة العملية في القطاع مرت بعدة نسخ في الاشهر الاخيرة. عندما تسلم رئيس الاركان الجديد ايال زمير منصبه في بداية شهر آذار الماضي، عرض على الحكومة احتمالية القيام بعملية برية واسعة تشمل ست فرق، التي ستدمر بشكل نهائي حكم حماس واحتلال القطاع بشكل كامل. عمليا، الاستعدادات الجارية الآن تستهدف القيام بعملية مقلصة. الجيش الاسرائيلي في الحقيقة اصدر في الفترة الاخيرة أوامر تجنيد لعشرات آلاف رجال الاحتياط، لكن فقط عدد قليل منهم تم ارسالهم الى القطاع، معظم الوحدات تم ارسالها الى الضفة الغربية وعلى الحدود مع سوريا ولبنان، من اجل ارسال من هناك القوات النظامية الى الجنوب.
عائلات المخطوفين المحتجزين في القطاع عبروا مؤخرا عن القلق من القرار الذي يلوح في الافق، البدء في العملية، وآباء المخطوفين حذروا من أن ذلك يمكن أن يعرض للخطر بشكل كبير حياة ابنائهم. وقد قال نتنياهو وترامب مؤخرا بأنه يتم احتجاز في القطاع 20 مخطوف على قيد الحياة من بين الـ 58 مخطوف الذين ما زالوا لدى حماس. الاتصالات غير المباشرة بين الطرفين بوساطة قطر تم استئنافها أمس في الدوحة، حيث في الخلفية توجد العملية العسكرية الاسرائيلية.
في المستوى السياسي قالوا في الاسبوع الماضي بان استخدام الضغط العسكري والتهديد باحتلال القطاع هي التي اعادت حماس الى طاولة المفاوضات، وهي التي يمكن أن تجعل حماس تلين مواقفها. عمليا، موقف حماس معروف منذ فترة طويلة. كبار قادة حماس يريدون التوصل الى صفقة نهائية، يتم في اطارها انهاء الحرب وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع واطلاق سراح جميع المخطوفين مقابل اطلاق سراح آلاف السجناء الفلسطينيين. بعض الدول العربية، على رأسها السعودية ومصر، تريد اشتراط هذه العملية باقامة نظام جديد في القطاع يرتكز الى تدخل عسكري واقتصادي دولي، ويشمل دور ايضا للسلطة الفلسطينية. نتنياهو يرفض اعطاء أي دور للسلطة الفلسطينية في هذا الاتفاق. الاقتراح العربي يتحدث عن تنازل حماس عن السلطة، لكن يبدو أن بقايا قيادتها في القطاع ترفض في هذه المرحلة نزع سلاح حماس ونفي قادتها الى الخارج.
احتمالية وقف القتال تتعلق في هذه الاثناء بالاساس بترامب وبالامل في أن يواصل اظهار اهتمامه بما يحدث في غزة. الرئيس الامريكي يتحدث مع وسائل الاعلام كل يوم، أحيانا عدة مرات في اليوم. ولكن المشكلة هي في العثور على المعلومة الصحيحة بين التصريحات الكثيرة، المتناقضة احيانا، ومحاولة تقدير النوايا، مع المعرفة بأنها يمكن ان تتغير بين عشية وضحاها. أمس قال ترامب بأنه غير خائب الامل من خطوات نتنياهو، الذي وصفه بأنه “شخص غاضب ويوجد في وضع صعب” منذ المذبحة في 7 اكتوبر. قبل يوم قال الرئيس الامريكي “نحن نتابع غزة ونحن ذاهبون لعلاج هذا الامر. الكثير من الناس يموتون هناك بسبب الجوع”. في حين وزير الخارجية الامريكي ماركو روبيو تحدث في يوم الخميس هاتفيا مع نتنياهو، وبعد ذلك قال إن “الادارة تقلق من المعاناة في غزة”. اقوال روبيو يمكن أن تدل ايضا على خطورة الوضع في القطاع: حتى الان ادارة ترامب تقريبا لا تهتم بهذه القضية.
في المقابل، من الواضح الى أين يريد عملاء الفوضى جر اسرائيل. عضو الكنيست تسفي سوكوت (الصهيونية الدينية) شرح أول امس في مقابلة اجرتها معه اوفيرا ولفنسون في القناة 12 بان “الجميع تعودوا على أنه يمكن قتل 100 غزي في ليلة واحدة اثناء الحرب (كما حدث في اليومين السابقين)، وهذا لا يهم أي أحد”. ذات مرة كان يمكن تجاهل هذه الاقوال، ولكن الآن يتضح أنها تشير الى التوجهات المتطورة والمخيفة في سياسة الحكومة.
الجمهور في اسرائيل وبحق غير مبال في غالبيته بتأثير الحرب على المدنيين في القطاع ومعاناتهم، التي يتوقع أن تزداد ازاء توسيع العملية البرية والقيود الصعبة التي تفرضها اسرائيل على ادخال المساعدات الانسانية. لا يوجد أي مبرر حقيقي لاستئناف القتال، بالتأكيد منذ التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار في منتصف كانون الثاني الماضي. الوحيدون في الطرف الاسرائيلي، الذين لهم ما يكسبونه من الحرب الخالدة، هم نتنياهو الذي يأمل في البقاء هكذا سياسيا، وشركاءه الايديولوجيين في اليمين المتطرف الذين يريدون تحقيق طموحاتهم التوسعية.
في الكابنت وفي جهاز الامن ينشغلون مؤخرا في بلورة خطة جديدة لتوزيع المساعدات الانسانية على الفلسطينيين، تخرج السيطرة عليها من يد حماس. ولكن هذه العملية يتوقع ان تواجه صعوبات كثيرة، وفي الاصل يوجد الآن تفاقم كبير في نقص الغذاء في القطاع. مصادر امنية حذرت في الاسبوع الماضي من أنه خلال عشرة ايام الوضع يمكن أن يتدهور الى كارثة انسانية. واذا لم يوقف ترامب نتنياهو فان اسرائيل متجهة الى تورط دولي آخر، بعيد المدى، الذي يمكن أن يشمل فرض عقوبات عليها.
قرار ترامب حول التدخل والوقت الذي يختاره، سيتأثر بما سمعه في دول الخليج. الرئيس عاد راض من زيارته في السعودية، اتحاد الامارات وقطر، بعد التوقيع معها على صفقات بمبلغ اجمالي يصل الى تريليون دولار. المكاسب المستقبلية للولايات المتحدة وعائلة ترامب لا تقتصر على ذلك. ولكن زعماء الخليج غزة تزعجهم لأن استمرار النزيف والمعاناة هناك يمكن أن يشوش خططهم الكبيرة في ترسيخ نفوذ المحور السني في المنطقة. في الخطة التي ترسمها السعودية وشركاءها توجد بالتأكيد اخطار من ناحية اسرائيل. ولكن هذه الحرب يجب أن تنتهي قبل أن تصل الى كارثة انسانية اخرى، وتقضي بشكل نهائي على احتمالية اعادة المزيد من المخطوفين الاحياء من القطاع.