نواف الزرو: من ارشيف الادبيات والمصطلحات الحربية المتعلقة بالإبادة الصهيونية
نواف الزرو 8-9-2024: من ارشيف الادبيات والمصطلحات الحربية المتعلقة بالإبادة الصهيونية ..!..
للحملة الحربية العدوانية الإبادية الصهيونية الجارية على غزة، جذور وامتدادات فكرية ايديولوجية وكذلك سياسية استراتيجية، فهي ليست مجرد حملة عسكرية جاءت ردة فعل او انتقام كما يزعمون، او من اجل وقف “الصواريخ الفلسطينية”، او وقف تهريب الاسلحة، وانما يقف وراءها بالاساس تلك الثقافة التي يمكن ان نطلق عليها ثقافة المحرقة…!، فكثيرة هي نصوص “العهد القديم” التي تتحدث عن الحرب والقتل والتدمير والابادة كأساس لاخلاقياتهم في التعامل مع “الاغيار” وهنا (شعب الجبارين) عرب فلسطين، وهي نصوص تحمل مضمون الوصايا والتوجيهات لما يجب ان يكون عليه سلوك الغزاة اليهود، حيث تحض على الحقد والكراهية والقتل والابادة. وترتقي نزعة العنف والقتل والارهاب لديهم الى مستوى فلسفي مع جابوتنسكي وتلاميذه من امثال بيغن وشارون ونتنياهو وباراك واولمرت وموفاز ويعلون وبن غفير وسموترتش وغيرهم حيث جاء في ادبيات هؤلاء مثلا: “ان قوة التقدم في التاريخ ليست للسلام بل للسيف” و”انا احارب اذن انا موجود”، و”اولا وقبل كل شيء يجب ان نقوم بالهجوم عليهم – اي على العرب”، و”لا يمكن الوثوق بالعربي باي حال من الاحوال، وبالتالي فان الطريقة الوحيدة للتعامل معه هي قتله”. وفي هذا الصدد كذلك تحديدا كان الجنرال موفاز وزير الحرب الاسبق قد اطل علينا ايضا في عهده معربدا : “ان غزة ستهتز وترتعد تحت وقع “اول الغيث”، وخاطب ضباط وجنرالات الجيش موجها :” لا ترحموا احدا من العرب لان امن اسرائيل فوق كل شيء /يديعوت”.
ثم ليأتي “آفي ايتام” المتشدد زعيم حزب “هئيحود هليؤومي”سابقا ليطالب ب”قطع رؤوس الفلسطينيين”، يضاف الى ذلك سلسة لا حصر لها من التهديدات والعربدات الحربية على لسان كبار جنرالات الجيش والسياسة في ” اسرائيل ” في سياق الحرب العدوانية المفتوحة ضد الشعب الفلسطيني . .. الى ان وصلت فتواهم الدموية الى مستوى تشريع “قتل الاطفال والاجنة الفلسطينيين حتى وهم في بطون امهاتهم”، ما يبين لنا اننا امام مجتمع ارهابي متعطش للدماء العربية-الفلسطينية وملوث بالعنصرية والنزعة الدموية الاجرامية، وهي الحقيقة الدامغة التي اكدها “د.يحيعام شورك”الكاتب والمؤرخ والمحاضرالاسرائيلي في ” بيت بيرل ” في دراسة حملت عنوان ” جذور البلطجة والقوة في المجتمع الاسرائيلي” حيث قال :” ان نزعة القوة في المجتمع الاسرائيلي ليست وليدة الامس فهي ترجع الى زوايا الماضي المعتمة قبل تجسيد الفكرة الصهيونية”.
وتترجم دولة الاحتلال هذه الثقافة على الارض الفلسطينية عبر جملة من الخطط الحربية، وعبر سلسلة متصلة لا حصر لها من المحارق المفتوحة…! . فان كنا اليوم امام حملة”السيوف الحديدية” وقبلها”الرصاص المصهور- المسكوب” التي تحولت الى محرقة حقيقية لاطفال ونساء غزة، فقد سبقها على مدى السنوات القليلة الماضية خطط حربية عديدة حملت اسماء مختلفة ولكنها كلها مستوحاة من ذلك الفكر العنصري المتطرق ومن تلك الثقافة الارهابية ..!.
لقد تدحرجت خططهم الارهابية تباعا بلا توقف.. فبدأت بخطة “حقل الاشواك” المبيتة منذ ايام نتنياهو.. لتتبعها الخطة الجهنمية / الجحيمية فالخطة المتدحرجة.. ثم “الخطة الكبرى للجيش الاسرائيلي” ف “الخطة الكبرى حقا”.. ثم تدحرجت الى “خطة الجنرال داغان” التي اشير الى انها الرئيسية التي تبناها شارون في سياسة الاغتيالات الارهابية..! ثم جاءت”حملة السور الواقي – 1 /عام 2002 “، ثم اطلقوا عليها لاحقا بعد فشل الاولى :”حملة السور الواقي – 2 –” التي حملت معها لاهلنا الصامدين هناك مجازر دموية تدميرية مفتوحة بلا سقف وبلا حدود.. وبلا اخلاق.. وبلا روادع.. وعلى مرأى من العالم كله.. ودون ان يتداعى المجتمع الدولي ودون ان يرف لاحد جفن..!، ثم فرخت جملة الخطط الفاشلة (رغم الدمار والقتل الذي خلفته وراءها) “خطة كبار الجنرالات”.. ثم “سيناريوهات الحرب مع الفلسطينيين التي شارك في وضعها جنرالات هيئة الحرب الاسرائيلية ثم انتقل جيش الاحتلال الى “خطة الطريق الصارم” وبعدها الى خطة “حملة الموت البطيء في جنين”.. ثم انتقل ذلك الجيش الى “حملة العلاج الجذري في رفح وبيت حانون وبيت لاهيا”…ثم شن جيش الاحتلال الإسرائيلي يوم 23 يونيو/حزيران 2002 عملية أطلق عليها اسم “الضغط الخانق”، استهدفت مدينة نابلس والمخيمات والقرى الفلسطينية المحيطة بها، كان من أبرزها مخيم بلاطة وبيت فوريك، وانسحب يوم 19 أغسطس/آب من العام نفسه.
تلك الحملة الطويلة المثقلة بالتضحيات الفلسطينية المتصلة منذ الاسبوع الاول من تشرين اول 2003. ثم انطلقوا في اعقاب عملية “الوهم المتبدد” بحملات حربية لا حصر لها وحملت من الاسماء الحربية ما لايخطر بالبال و التي توجت ب”امطار الصيف” ..ثم ب “غيوم الخريف”…واي غيوم صهيونية حمراء هذه…!، وكانوا اطلقوا على بعض حملاتهم المجازرية ايضا اسماء مثل “فوق اعناق الورود الحمراء” ..تصوروا…!، وكذلك “ايام الندم” ، ويقصدون في الصميم وفي التطبيق الاجرامي على الارض حصد اكبر كم من الارواح الفلسطينية وقطف اكبر عدد من رؤوس الاطفال والنساء والشيوخ والمقاتلين على حد سواء.
وصولا الى يوم 31 مارس/آذار 2022 حيث بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانا على الضفة الغربية وامتداد جدار الفصل العنصري، وأطلق عليه اسم “كاسر الأمواج”، بهدف الحد من عمليات المقاومة التي ينفذها الفلسطينيون.تركّزت العملية على مدينتي جنين ونابلس، وأدت لاستشهاد أكثر من مئة فلسطيني، وخلال الاقتحام استخدمت قوات الاحتلال الطائرات المسيرة، في خطوة لم تعهدها مدن الضفة منذ عملية السور الواقي.وحشد جيش الاحتلال في هذه العملية حوالي 25 كتيبة من القوات البرية، إضافة لقوات الوحدات الخاصة لمهمات الاعتقال والتصدي لعمليات المقاومة.وبلغ عدد القوات التي حشدها الجيش الإسرائيلي نحو 5 آلاف جندي، و8 آلاف من أفراد الشرطة، واستعان بوحدة 8200، وسلاح الجو للرصد والمراقبة.ولم تعلن القوات الإسرائيلية عن انتهاء العملية رسميا، فبقيت المنطقة في حالة تصعيد، وخلالها ارتفعت وتيرة الاعتداءات والاعتقالات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
ثم اخيرا وليس آخرا، وصولا الى العملية العسكرية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر يوم الأربعاء 28 أغسطس/آب 2024، واطلقت عليها اسم”خيام الصيف” وشملت حصارا وهجوما على مدن جنين وطولكرم وطوباس وبلدات شمالي الضفة الغربية المحتلة، بهدف استهداف المقاومين فيها، ووصفتها إسرائيل بأنها الأوسع منذ عملية “السور الواقي” عام 2002.وشارك في العملية لواء كفير (لواء للمشاة)، و4 كتائب تابعة لحرس الحدود ووحدات من المستعربين وقوات النخبة، ووحدات من الهندسة العسكرية، بتنسيق مع جهاز الأمن العام (الشاباك) ودعم من سلاح الجو الإسرائيلي الذي دفع بمروحيات عسكرية ومقاتلات ومسيرات لتوفير غطاء للقوات البرية.وفي جنين قطعت قوات الاحتلال الطرق المؤدية لمستشفى ابن سينا، ووضعت سواتر ترابية حوله لتغلقه بشكل كامل، كما حاصرت مستشفى خليل سليمان، وأخلت مستشفى جنين الحكومي بعد تدقيق هويات الموجودين فيه، وشرعت آليات الاحتلال في تدمير البنية التحتية لمخيم جنين، واستكملت اقتحامها.أما في طولكرم، فقد دمرت قوات الاحتلال خط المياه الرئيسي لمخيم نور شمس، وفرضت حصارا على المخيم، ودخلت في اشتباكات مع كتيبة طولكرم.
اذن – تراث هائل من الفكر الارهابي الاجرامي/ الدموي الصهيوني يقف وراء الخطط والحملات والاجتياحات الحربية الدموية الابادية المنفلتة التي يمكن القول وبالمعلومة الموثقة انها كلها تسميات حربية مستوحاة من صميم فكرهم التوراتي والسياسي الذي يعتمد السيف فقط في التعاطي مع “العماليق” العرب. وعقول جنرالاتهم ومفكريهم وباحثيهم الاستراتيجيين تتفتق دائما عن ابداعات جهنمية شيطانية ارهابية جديدة لتبلغ ذروتها في الحملة الحربية –المحرقة- الجارية في غزة الصامدة الصابرة المثابرة على نحو اسطوري، هذه الحملة التي اطلقوا عليها”السيوف الحديدية”.
ولذلك نتساءل في الخلاصة المفيدة باندهاش كبير : في ضوء هذه الخلفيات –الادبيات الابادية المجازرية الصهيونية المتوجة في هذه الايام بمحرقة غزة: لماذا يلتزم العرب الصمت والفرجة على حروب “السور الواقي ” و “اول الغيث”و”امطار الصيف” و”الشتاء الساخن” و”تقطيع الاوصال ” و”الرصاص المصهور”في فلسطين..؟!!.