معاريف: في بلاد الخرق البالية
معاريف 18/9/2024، افرايم غانور: في بلاد الخرق البالية
“عصبة خرق بالية، انتم خرق من بلاد الخرق البالية”، هتف من فوق منصة الكنيست النائب جدعون ساعر من الليكود في حزيران 2008 ضد نواب حزب العمل الذين صوتوا في حينه مع كتلة كديما على رفض حل الكنيست. ساعر، الذي قضى في حينه بان الخرق البالية هو مفهوم برلماني مناسب يطيب له كما يتبين ان يحل محل الخرق البالية وفقا للاحتياجات والاستخدامات. كل خرقة في زمنها وغايتها، هكذا في آب من العام الماضي جعل رفيقيه السابقين وزيري الليكود نير بركات وغيلا جمليئيل خرقتيه الدوريتين حين قال عنهما: “هذه عصبة خرق بالية، هم يجلسون ويسكتون، حتى حين يكونوا لا يتفقون مع ما يحصل”.
حتى الأيام الأخيرة، حين تصاعدت الشائعات عن انضمامه الى حكومة نتنياهو. كان ساعر يعد سياسيا مصداقا، براغماتيا، مجربا، مخلصا لمواقفه اليمينية، واساسا مخلصا لمبدأ حماية الديمقراطية في إسرائيل، وان كان هذا لا يتجلى في استطلاعات السنة الأخيرة، لكن من تابع تصريحاته وتوقيعاته على مدى الزمن، والتي تعهد فيها الا ينضم الى حكومة نتنياهو مهما يكن، نشأ تجاهه إحساس من المصداقية. اما الان حين يكون ساعر على مسافة خطوة من التوقيع على انضمامه الى حكومة نتنياهو، يتبين انه ليس فقط خرقة سياسية بل وأيضا ليس ذكيا وبعيدا جدا عن الصورة الإيجابية التي نجح في خلقها لنفسه على مدى سنوات طويلة.
الانضمام اليوم الى حكومة نتنياهو هو خطأ رهيب ولا يغتفر. كسياسي قديم ومجرب، ما كان ساعر ليحتاج الى الكثير من التفكير والتردد كي يرفض كل اقتراح من جانب نتنياهو. كان يكفيه أن ينظر كيف انتهت ولاية وزراء الدفاع تحت حكومات نتنياهو على مدى سنوات ولايته الطويلة – اسحق مردخاي، موشيه بوغي يعلون، اهود باراك، موشيه آرنس، نفتالي بينيت – وعلى الطريق يوآف غالنت. احد منهم لم ينهِ ولايته كوزير دفاع مع مصافحة ودية ورفاقية مع نتنياهو بل العكس كل واحد منهم تقريبا اصبح بعد ذلك من اعظم خصوم وكارهي نتنياهو.
كل ذي عقل يفهم بان استبدال غالنت في ذروة حرب تتواصل حتى الان بنحو سنة ولم تحقق أيا من الأهداف التي وضعتها الحكومة لها، يستهدف هدفا واحدا فقط: تمرير قانون التجنيد للحريديم وفقا لسقوف يتيحها الجيش. أي، تمرير قانون تملص الحريديم من الخدمة والذي عارضه غالنت بشدة في هذه الساعات من الحرب والضائقة الكبرى في القوى البشرية. هذه الحقيقة كما اسلفنا ستجعل ساعر الخرقة السياسية الدورية، كمن سيعطي الشرعية لمواصلة تملص الحريديم من التجنيد ومن حمل العبء، وبالطبع كمن سيمنح حكومة نتنياهو حبل النجاة كي تواصل إدارة الدولة هنا، فيما هي تنشغل بمصالحها السياسية وببقائها.
اذا ما انضم ساعر رغم كل هذا في نهاية المطاف بالفعل الى حكومة الفشل هذه، فانه سيحسم في نفس الوقت مصيره السياسي. في واقع الامر هو سيحفر بنفسه قبره السياسي. صحيح أن في الواقع الحالي أيضا وضعه كما أسلفنا في الاستطلاعات سيء جدا، لكن هذا الانضمام سيقضي عليه.
فضلا عن كل هذا سيكون من الصعب على الفهم والهضم ان يكون جدعون ساعر وزير الدفاع لدولة إسرائيل في وقت الحرب الأصعب والأكثر اثارة للقلق في تاريخ الدولة. هذه حرب آخذة في التعقد وتثير قلقا وجوديا واسئلة قاسية حول قدراتنا على التصدي لها. الكثيرون من مواطني إسرائيل القلقين سيجدون صعوبة في ان يقبلوا هذا الواقع، ما سيشدد هنا الغضب في الجمهور. ستكون بالطبع لهذا تداعيات فيما أنه من الواضح في طهران، في بيروت وفي غزة سيفرحون ويحتفلون، حيث انهم بالتأكيد هناك يفضلون ساعر على غالنت.