معاريف: عودة الى الوحل اللبناني

معاريف 18/2/2025، آفي أشكنازي: عودة الى الوحل اللبناني
في ظل صدمة شلل الدفاع العسكري في 7 أكتوبر، إسرائيل تعود لارتكاب الأخطاء القاسية التي سبق أن ارتكبتها في الماضي. فهي توجد الان في مسار انغراس متجدد في الوحل اللبناني – بعد 25 سنة من نجاحها في تخليص نفسها منه.
لإسرائيل لا توجد استراتيجية، هي تعمل مثل محطة إطفاء نار. الجيش والقيادة السياسية منشغلان باطفاء حرائق وليس ببناء خطوات بعيدة المدى تقوم على أساس نظرة واسعة، ردع وتغيير الواقع الأمني في ضوء النجاحات العسكرية. هكذا في الشمال، هكذا في غزة، وهكذا أيضا في الدائرة الثالثة.
قبل أكثر من 30 سنة بعد صدمة حرب يوم الغفران، بنت إسرائيل لنفسها قوة عسكرية ضخمة. مع فرق وفيالق، سلاح جو ضخم ومنظومات قتال لقوة عظمى. بعد سنوات تبين لنا جميعا ان إسرائيل لا تحتاج حقا لجيش مثل هذا الحجم – جيش يتطلب منها ميزانيات ضخمة وثقيلة على مقدرات الدولة. ما أدى الى ازمة اقتصادية كبيرة في الثمانينيات من القرن الماضي التي عرفها لاحقا الاقتصاديون كـ “العقد الضائع للاقتصاد الاسرائيلي”.
دخل الجيش الإسرائيلي الى لبنان في العام 1982 كي يبعد مخربي فتح الذين حولوا لبنان الى استحكام متقدم لهم. الجيش الإسرائيلي نجح بل انه أصدر صورة نصر لياسر عرفات والاف المخربين الذين يصعدون الى سفن الابعاد من مرفأ بيروت.
غير أن عندها علق الجيش الإسرائيلي في لبنان على مدى 18 سنة. بنى حزامين امنيين، لكن سرعان ما تبين أن الحزام الأمني الذي استهدف حماية بلدات الشمال اصبح شرك موت للجنود الذين خدموا في الاستحكامات. يكفي أن نذكر كارثة السفاري، كارثة السالوكي، كارثة الوحدة البحرية، كارثة المروحيتين، كارثة المجنزرات، غيرها وغيرها. 18 سنة سفكت إسرائيل دمها في بلاد الأرز اللعينة، بلا أي غاية حقيقية. الكاتيوشا والصواريخ اطلقت الى شمال البلاد من فوق رؤوس الجنود في الاستحكامات وكانت لنا أيضا تسللات من المخربين الى أراضي إسرائيل “ليل الطائرات الشرعية” مثلا.
والان نحن نكرر الخطأ ذاته. في ظل قصور 7 أكتوبر، يحاول الجيش الإسرائيلي أن يستعيد الثقة به وخلق امن واحساس امن للجمهور.
إذن أولا، صحيح فعل الجيش الإسرائيلي حين ضاعف قوته بثلاثة اضعاف في الدفاع في الشمال. ثلاث فرق مع الاف الجنود وقوة نارية كبيرة على نحو خاص، من البحر وحتى النهر. صحيح أيضا يفعل الجيش الإسرائيلي حين يثبت الان معادلة قتالية. هو سيعمل في كل ارجاء لبنان وسوريا امام كل محاولة من حزب الله وايران لترميم القدرات العسكرية لمنظمة الإرهاب. الهجمات على النشطاء ومخازن السلاح في لبنان هي بالتأكيد الطريق لترسيم الردع الإسرائيلي في لبنان وفي المنطقة كلها. مع ذلك فان إقامة الاستحكامات من جديد هي خطأ، لا بد ان أمهات وأباء كثيرين سيبكون عليه. ويا ليت، يا ليت، يكون كاتب هذه السطور هو المخطيء.