معاريف: الفرصة اللبنانية

معاريف 10/3/2025، ميخائيل هراري: الفرصة اللبنانية
التطورات في لبنان تبعث على الدوار وتحمل إمكانية دفينة إيجابية، لم تشهد الدولة لها مثيل لسنوات طويلة. هذه التطورات شقت الطريق لانتخاب رئيس جديد وإقامة حكومة جديدة ليست متعلقة بفيتو من جانب حزب الله مثلما كان حتى الان. الرئيس عون ورئيس الوزراء سلام اطلقا في الأيام الأخيرة رسائل لم نسمع مثلها من قبل. فقد أوضح سلام في خطابه في البرلمان: “نحن نريد دولة قرار الحرب والسلم في يدها، ولا تنتهج عقلية هجومية بل دفاعية”، وأضاف: “سنعمل على تحقيق الانسحاب الإسرائيلي الى الحدود الدولية التي تقررت في اتفاقات الهدنة في 1949”. وتبعه الرئيس وفي مقابلة واسعة لصحيفة “الشرق الأوسط” شدد قائلا: “قرارات الحرب والسلم ليست بيد الدولة. لن نسمح لاحد بان يقوم بهذه الوظيفة”.
قبل بضعة أيام من ذلك جرت جنازة حسن نصرالله، بعد خمسة اشهر من مقتله. كان يمكن أن نرى فيها انهاء فصل تاريخي في تاريخ المنظمة. مقال نشر في مجلة New Line Magazine بقلم شيعي جسد بشكل مشوق الإحساس بالطائفة الشيعية التي اسماها “كاثوليك العالم الإسلامي”. وصف الكاتب كيف أخذته امه في 1997 حين كان طفلا لمشاهدة زيارة البابا الى لبنان، مثابة تشبيه مع جنازة نصرالله. “قديس” الطائفة الشيعية. وتناول علنا ضعف المنظمة التي فقدت قيادتها وقوتها العسكرية وببعض الاستخفاف بالقيادة الجديدة.
من ناحية إسرائيل، يدور الحديث عن بداية مسير ارادتها منذ سنوات طويلة. قوات الجيش الإسرائيلي انسحبت من لبنان وفقا لاتفاق وقف النار، باستثناء خمس نقاط قرب الحدود. الحذر وعلامات الاستفهام في القدس بشأن قدرة حكومة لبنان على التنفيذ الكامل لقرار 1701، ونزع سلاح حزب الله مفهومة. مع ذلك، فان الرئيس ورئيس الوزراء في لبنان يشخصان لحظة مناسبة ولا يخفيان نيتهما لاستغلالها واستعادة خيوط السيطرة الى ايديهما. وهما يتمتعان بدعم هام من جانب لاعبين خارجيين كالولايات المتحدة، فرنسا والسعودية، ومن جانب الجمهور الغفير الذي ملت نفسه الازمة الاقتصادية الخطيرة ومشاركة لبنان في حروب ليست لها.
ان السياسة الإسرائيلية الواجبة يجب أن تبدي نضجا، طول نفس بل واخذ مخاطر محسوبة، لا تمس بالجهود اللبنانية لاستقرار الدولة. صحيح ان ولاية الحكومة قصيرة جدا، نحو سنة، حتى الانتخابات للبرلمان في 2026، لكن ولاية الرئيس تستمر ست سنوات. الظروف اللبنانية الداخلية والإقليمية توفر مجال مناورة وعمل، وان كان ليس محدودا، للحكم اللبناني. المصاعب كثيرة، لكن هذه إمكانية كامنة هائلة ملزمة إسرائيل بان تسمح باستنفادها. جدير هو الامتناع عن خطوات تحرج الحكم الجديد او الجمهور اللبناني – طيران سلاح الجو في اثناء جنازة نصرالله مثلا لم يكن ضروريا لاجل التذكير بالتفوق العسكري لإسرائيل. الإنجاز العسكري وفر فرصة لانجاز سياسي، خسارة تفويتها.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook