أقلام وأراء

لؤي عبده: لماذا انا فتح؟ دراسة مفاهيمية، نضالية، وطنية

لؤي عبده 8-1-2025: لماذا انا فتح؟ دراسة مفاهيمية، نضالية، وطنية

التحول الى نظام سياسي قبل التحرير، دفع الى التخلي عن اساليب ومفاهيم الثورة والكفاح والقبول بطريق المفاوضات دون نهاية لها، وعدم الوصول الى الحد الادنى من الاهداف والحقوق، جعل الساحة الفلسطينية عرضة للغزو الاجنبي بكل معاني وابعاده، والانشغال بامراض المجتمع وحركات التحرر الوطني التقليدية، والمشكلات التي لا حل او علاج لها الا بالحرية والاستقلال، طالما الاحتلال والاستيطان والتهويد مستمر .. وباقي .

تبدلت الاولويات والبرامج واصبح الواقع حالته عدمية، وفراغ مميت، وفقدان الثقة، مهما حاول هذا النظام المتواضع ان يبرر لنفسه كل قراراته وتوجهاته فالخطاب السياسي في واد والجماهير في واد اخر، بمعنى اخر اصبحنا نلهث ورائها ونناديها، بدلا من ان نكون في مقدمتها، وتلتف حول التوجهات المنشودة .

حركة فتح اما ان تكون حركة شعب او حركة سلطة ونظام، لا يمكن التنبؤ بان التحول الى نظام سياسي ان ينجح بمهمة تحقيق حق تقرير المصير (( ومايسمى ببناء مؤسسات الدولة )) لان النظام السياسي يجب ان يتغذى من مصادر حقيقية ذاتية تكون منابع حتى يستطيع ان ينمو ويعيش في مقدمة ذلك الارض الحرة، السيادة، الشعب، مقومات اقتصادية ذاتية مستقلة، فكيف يمكن ان يقيم فتح نظاما او يتحول الى نظام سياسي بدون ذلك .

فلماذا الاصرار المضي في طريق السراب والوهم، فتح وجدت لتحرير فلسطين او اقامة دولة مستقلة على جزء من الارض المحتل عام 1967، لكن ذلك لا يمكن ان يتحقق طالما الحقوق الوطنية مازالت غير منجزة، والاحتلال والمستوطنات الاسرائيلية في تمدد وانتشار ومليئة بالدم اليهودي، فكيف يمكن ان يتعايش مبدا الحرية والاستقلال مع الاحتلال ؟

وكيف يمكن ان تتحول سلطة الى نظام سياسي حر وذو ارادة ؟ وهو لا يمسك باوراق المعادلة، من المستحيل ان تعيش سلطة وطنية في ظل الاحتلال او معه، خاصة وان كل الاوراق بيده وميزان القوى كذلك .

صحيح ان الاستقلال الوطني للشعوب انتزع من الاحتلال والاستعمار، وبالنصر نصر النضال والكفاح، لكن اي كفاح الذي انتصر؟!

فتح لا تقبل هذا التناقض مع قوانين الطبيعة والحياة والمجتمع، لانها لا تخرج من التضاد، وانما من واقع القهر، والظلم والنكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني، فالتضاد للصراع الطبقي وليس للصراع الوطني، فلماذا هؤلاء يراهنون على قناعاتهم فقط، وان قرارهم المرتكز على الغير، ووعوده والمساعي الدبلوماسية المصحوبة بمصالحه وارضائه في ذات الوقت نخسر شعبنا وارضنا، ومستقبلنا فعامل الزمن ليس لصالحنا، ولا لصالح حقوقنا بالارض والحرية، وتحرير القدس، ونخسر الكثير من سياسة الامر الواقع والتهويد واحتواء المشروع الوطني، وخاصة حل الدولتين اذا مازال قائما، بعد ان غدرت اسرائيل وحكوماتها ليس فقط بالقيادة الفلسطينية وانما بالشعب الفلسطيني المنكوب والمقهور والمستبد به داخليا وخارجيا .

فتح لم تعد تحتمل طريق المناورة على حساب الاستراتيجية والحقوق والاهداف، ولم تعد تقبل ان تخسر وجودها وديمومتها بسبب مبجلي الاجتهاد والنفاق، والبرغماتية الفاشلة والتي لا تصلح لواقع شعبنا ومجتمعه، واخلاقه وقيمه ومبادئه وثقافته الوطنية القومية.

لذا فان الروح الوطنية النضالية التي سعت فتح ومناضليها ان تعم شعبنا واجياله المتواكبة تستمر حتى تصبح سلوكا جماعيا، وذلك عبر العمل الدؤوب، والالتزام المطلق بالحركة ومبادئها ومنطلقاتها واهدافها، واحترام نظامها الداخلي وهيكليتها وقيمها واخلاقها، ليس فقط اعتناق البرغماتية والمصالح وحب الشهرة وجنون العظمة، والصراع على المراتبية، وتنمية النفوذ الشللي، والوصول الى السلطة والسيطرة على مراكز قواها ومؤسساتها، طالما فتح صاحبة المشروع وهي التي اسست هذه السلطة التي لا قيمة لها اليوم امام حقوق شعبنا الوطنية، فما قيمة وجودها ومازال شعبنا تحت الاحتلال يعاني ويدفع الثمن غاليا، وهذا الاحتلال مستمر بسياسته التوسعية الاستيطانية، لا بد من ان نصحوا ونسال انفسنا ماذا نريد ؟ لاننا وبكل موضوعية القلق بات متمكن من صدورنا وتفكيرنا وهناك مازق حقيقي اخذ باحكام نفسه علينا وعلى مستقبلنا، ولم تعد نظرية السلام والحل السياسي وطريق المفاوضات تبعث على الامل، خاصة وان الامة العربية منشغلة بنفسها وفي صراعها مع انظمة الحكم وفي حالة من الفوضى الخلاقة ومؤشراتها انها ستدوم لوقت طويل مما يعني ان قضية فلسطين لم تعد القضية المركزية، الامر الذي يعطي للاحتلال الاسرائيلي وحكوماته المزيد من فرص الهيمنة والتمادي على شعبنا وتقرير مصيرنا وحقوقنا بالارض والحرية .

فلسطين اليوم مع حالة الانقلاب والانقسام في قطاع غزة، وتراجع الحركة الفلسطينية، في خطر ولم تعد من اولويات احد في هذا العالم لا من ناحية الحل، ولا من ناحية الضغط على حكومة اسرائيل لوقف سياساتها وعربدتها العدوانية .

نكرر سؤالنا كما ذكرناه سابقا ما العمل ؟

فتح قيادة وكوادر ومناضلين وكفاءات ملزمين ان يقدموا الجواب لشعبهم وامتهم .

واذا ما بقي الحال على ما هو دون اي جواب تسقط الثقة والسياسات وصناع قرارها، لكن حركة التحرر الوطني تبقى لانها شخصية شعب وحالة نضالية تسعى الى حق تقرير المصير، كما نصت قوانين المجتمع الدولي والطبيعة الانسانية وحتمية التاريخ، بالتالي من السابق لاوانه الانصهار بوهم النظام السياسي، والاكتفاء بملامح ومبادئ نظام سياسي تحرري وطني ديمقراطي عادل الى ان تصبح السيادة والارض والمجتمع ومكوناته في واقع الحرية والاستقلال، لكي نحافظ ونتمسك ونبقى في ثقافة التحرير الوطني كمغذي للتفكير والسلوك الجماعي، وحتى لا نفقد الارادة والوعي بقضيتنا وادوات التحرر والكفاح، هذه جدلية حقيقية وواقعية لا غنى عنها مقابل لا شيء فالحركة الصهيونية ( العدو الرئيسي ) لم تتوقف ولم تنتهي ولم تتخلى عن فكرها وادواتها ، ( حسب قادتها ) ومازالت تعمل في اسرائيل والعالم على تجميع اليهود في اسرائيل، والسعي التوسعي لها في المنطقة، بالرغم من امتلاكها قوة الردع والهيمنة ونيران قوى عالمي، فكيف للشعب الفلسطيني وقياداته يقبل ان يتخلى عن حقيقته ومازال يرزح تحت نير الاحتلال، ومقابل ماذا ؟

حكم ذاتي او سلطة لا سلطة لها .

صراع نفي النفي مازال مستمرا، فارضا نفسه على شعبنا وارضنا وامتنا العربية، والامة الاسلامية، وكل قوى التحرر والحرية في العالم، مهما كانت طبيعة المرحلة، او الظروف القائمة وحالة التراجع السلبية، فهذا لا يعني اننا فقدنا الامل والايمان بالحرية، والكفاح الوطني، وحتمية التاريخ والحق، والاسباب التي جاءت بحركة فتح مازالت ذات الاسباب، وان كان التغير الحاصل بالقشرة والشكل واللون، لكن جوهر الامور مازال ذاته، فالثورات التي يطول عمرها او التي تتوقف في مرحلة ما تقود وتستانف نفسها، كما حصل في الصين العظمى وروسيا، ونيكاراجوا في امريكا الجنوبية، وفي التاريخ سواء كان في الشرق او الغرب لان ارادة الشعوب ستنتصر حتى وان اصبحنا اخر شعب محتل في هذا العالم، لان الظلم والاضطهاد والقهر لا يتجزا، ولا يدوم من هنا جاءت مقولة ثورة حتى النصر .

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى