ترجمات أجنبية

فايننشال تايمز: الاستخبارات والقوات الجوية الإسرائيلية تستخدمان عقيدة النصر ضد حزب الله

فايننشال تايمز 25-9-2024، ميهول سيرفاستافا وجون بول راثبون: الاستخبارات والقوات الجوية الإسرائيلية تستخدمان عقيدة النصر ضد حزب الله

خاض إسرائيل وحزب الله عام 2006، معركة استمرت 34 يوماً، حيث استنفدت إسرائيل أهدافها في أسبوع، أما بقية أيام الحرب، فقد حلّق الطيران الحربي الإسرائيلي فوق لبنان، وضرب الأهداف الظاهرة، لا المواقع الإستراتيجية التي كشفت عنها التحريات الاستخباراتية العميقة والرقابة المستمرة. وقد انتهت تلك الحرب بمأزق للجيش الإسرائيلي، الأفضل تسليحاً بالمنطقة، و”حزب الله”، المدعوم إيرانياً، الذي زاد قوته على مدى الـ 18 عاماً الماضية.

وفي الجولة الجديدة من المواجهات التي تدفع الطرفين إلى حرب شاملة فالدروس التي تعلّمها الطرفان من تلك الحرب، أم لم يتعلموها، ستعيد تشكيل المنطقة، وتحدد النصر، إن تم تحديده لكل منهما.

قال إيهود أولمرت، الذي كان رئيس وزراء إسرائيل في تلك الحرب: “الدرس الأهم، والذي تعلّمناه عام 2006 هو تعليم أنفسنا”، مضيفاً: “النزاع الشامل مع حزب الله، والذي قد يتوسّع إلى حرب شاملة مع إيران سيكون مؤلماً ودموياً”.

إن عدم تحقيق نصر حاسم في 2006 ظلّ يلاحق فترة أولمرت في الحكومة. وفي السنوات اللاحقة دَرَسَ الجيش الإسرائيلي مظاهر فشله، وتعلّم من الحروب المتقطّعة مع “حماس”.

وكانت النتيجة ما وصفها أفيف كوخافي رئيس هيئة الأركان السابق “عقيدة النصر”. وفي قلب هذه العقيدة آلاف من الأهداف التي تم التأكد منها، مقارنة مع العشرات التي كانت للجيش مع بداية حرب 2006. وتم بناء قائمة الأهداف هذه على المعلومات الاستخباراتية التي استخلصها الجيش من المواجهات التي خاضها الجيش الإسرائيلي مع “حزب الله” أو “الحرب بين الحروب.

الجيش الإسرائيلي، وحدّثَ هذه الخزانة من الأهداف من خلال صور الأقمار الاصطناعية والمسيّرات وتقارير العملاء بالمنطقة. وكانت النتيجة، حسب شلومو موفاز، مدير وحدة الاستخبارات لمكافحة الإرهاب في الجيش الإسرائيلي، كمية من المعلومات، و”صورة” مكثفة عن أرصدة “حزب الله” من منصات الصواريخ إلى الهيكل القيادي. وبدأت إسرائيل بتطبيق “عقيدة النصر”، في يوم الإثنين، بغارات جوية استهدفت، كما يقول الجيش، أكثر من ألف موقع، وزرعت الخوف في قلوب اللبنانيين.

وقال موفاز إن الغارات التي ركزت على مخازن ومنصات “حزب الله” شكّلت الوجه الثاني من الحرب، أما الوجه الأول، فقد استهدف قيادة الحزب، بدءاً من قتل فؤاد شكر، في 30 تموز/يوليو، القيادي الأبرز لـ “حزب الله”، ومن ثم عدد من قيادات وحدة النخبة “الرضوان” أثناء لقاء سري ببيروت. وأضاف موفاز: “ترى نوعية المعلومات الاستخباراتية من طبيعة القتل المستهدف في الأسابيع الماضية”. وتزامنَ هذا مع تفجير أجهزة بيجر وتوكي ووكي التي قتلت 37 شخصاً، عدد كبير منهم مدنيون. والهدف النهائي للعملية هو إجبار “حزب الله” على سحب قواته من الجنوب بعيداً عن الحدود.

ولكي تنجح “عقيدة النصر” يجب تدمير قدرات “حزب الله” بسرعة، قبل بدء الشجب الدولي، وتزايد عدد القتلى، الذي تجاوز، يوم الثلاثاء، أكثر من 500 قتيل، وأكثر من 2,000 جريح. وقال هرتسي هاليفي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الإسرائيلي: “بالضرورة نحن نستهدف البنى القتالية التي يقوم حزب الله ببنائها منذ 20 عاماً”، مضيفاً: “هذا مهم، ونحن نحضّر للمرحلة المقبلة”.

 وكل هذا يعتمد على الحسابات السياسية لبنيامين نتنياهو، حيث أشار الدبلوماسيون الغربيون إلى أن الخيارات الدبلوماسية كانت متوفرة له منذ عدة أشهر، ذلك أن “حزب الله” ربط معركته بوقف إطلاق النار في غزة. كما يعتمد على ما يقصد به نتنياهو من “النصر الشامل”، ففي غزة، حيث لا تزال “حماس” تحتجز أكثر من 100 أسير إسرائيلي، ترفض الحركة الاستسلام، وبدون أي إشارة عن مخرج أو انتصار إسرائيلي.

جون سويرز، الذي قاد المخابرات الخارجية البريطانية “أم أي 6” حتى عام 2014: “في الوقت الذي فشلوا فيه “بتدمير” “حماس” تسبّبوا بضرر كبير لقدراتها العسكرية”، و”لو استطاعوا عمل أمر مشابه، ولو بشكل غامض، مع “حزب الله” فإنهم سيشعرون بأنهم أمّنوا أنفسهم لعدة سنوات قادمة”.

وفي الوقت الحالي، يقول نتنياهو إن العملية ضد “حزب الله”، والتي أطلق عليها الجيش “عملية سهام الشمال”، محدودة، وتهدف لتأمين عودة 60,000 شخص إلى بلدات الشمال شرّدهم “حزب الله”، المتضامن مع “حماس”.

ولتحقيق هذا الهدف، يحتاج الجيش الإسرائيلي إلى إنجاز هدفين رئيسيين، كما يقول المحللون: تقليص ترسانة “حزب الله” المقدّرة بنحو 200 ألف صاروخ وصواريخ باليستية قصيرة المدى، ودَفْع مقاتلي “حزب الله” إلى الشمال من نهر الليطاني.

ويتعلق تحقيق الهدف الأول بحملة جوية بدأت بالفعل. فقد كانت الأهداف الـ 1600 التي ضربتها إسرائيل يوم الإثنين هائلة الحجم بكل المقاييس. وكانت شدّة الضربات ضعف ما كانت عليه في اليومين الأولين من حملة القصف الإسرائيلية في غزة العام الماضي، وأربعة أضعاف المعدل اليومي المتوسط ​​لضرب 428 هدفاً في غزة، على مدى الأسابيع الخمسة التالية، وفقاً للأرقام الرسمية. كما أن هذا المعدل أعلى بنحو ثمانية أضعاف من متوسط ​​200 هدف ضربتها إسرائيل يومياً أثناء حرب لبنان عام 2006، عندما كانت هناك 70 طائرة إسرائيلية تعمل على ارتفاعات مختلفة، من مروحيات بلاك هوك، التي تحلّق على مستوى منخفض، إلى طائرات المراقبة من طراز غلف ستريم جي 550 التي حلّقت على ارتفاعات عالية.

 ويقول جان لوب سامان من معهد الشرق الأوسط بالجامعة الوطنية في سنغافورة إن معظم التفكير الإسرائيلي بعد 2006 كان يتركز على القوة الجوية، وخاصة أن الدفاعات الجوية لـ “حزب الله” محدودة، مقارنة مع القوة الإسرائيلية.

وبالمقابل؛ فقد تعلّمَ “حزب الله” من حرب 2006، وحصل على تكنولوجيا صواريخ ومسيّرات من إيران، ودرّبَ كوادره، وحَفَرَ شبكة من الأنفاق التي يعتقد أنها أضخم من أنفاق غزة. وعلى الرغم من حفر الأنفاق عبر رمال قاسية إلا أن تدمير أنفاق “حماس” كان صعباً ومقاوماً للرقابة الإلكترونية الإسرائيلية، وملجأ فعالاً للمقاتلين والأسلحة.

 إلى جانب هذا رسم “حزب الله”، وعلى مدار السنوات الماضي، خريطة للأهداف الإسرائيلية المحتملة، ودَرَسَ كيفية رد إسرائيل على المسيّرات، وخاصة التي تتحايل على الدفاعات الجوية الإسرائيلية. وحتى الآن، لم يطلق “حزب الله” أياً من صواريخه الباليستية الدقيقة، وتم اعتراض معظم طلقاته المحدودة، ولكن هذا قد يتغير.

فقد حذرت دراسة حديثة، أجرتها جامعة رايخمان في إسرائيل، من أن “حزب الله” قد يطلق ما يصل إلى 3000 صاروخ وقذيفة يومياً، مع وابل كثيف يهدف لإرباك الدفاعات الجوية الإسرائيلية، والتركيز على أهداف واحدة، تتراوح من القواعد العسكرية إلى المدن.

 وقال نائب مدير مركز كارنيغي الشرق الأوسط مهند حاج علي: “الأيام القادمة ستكون حرجة”، مضيفاً أنه إذا قبل “حزب الله” وقف إطلاق النار مع إسرائيل دون وقف إطلاق النار في غزة، فإن “كل القتلى حتى الآن سيكونون بلا قيمة. ولكن إذا أثبتَ الحزب قدرته على الرد بقوة، فقد يحدث ذلك فرقاً كبيراً.. وسوف يساعد في استعادة الروح المعنوية واستمرار القتال”. وربما دعا هذا لجولة تصعيد أخرى، حسب رأي عددٍ من المسؤولين الإسرائيليين على معرفة بخطط الجيش.

وقال مسؤول إسرائيلي إن استهداف “حزب الله” لوسط إسرائيل سيؤدي لاستهداف الضاحية الجنوبية في بيروت وزيادة الاغتيالات لقيادة “حزب الله”.

وعلى خلاف الغارات الجوية، فأي عملية برية ستكون معقدة. فالشريط الأمني الذي أقامته إسرائيل عام 1982 لا يزال ينظر إليه بأنه فيتنام إسرائيل، إضافة إلى أن الجيش منهكٌ بعد عام من الحرب في غزة.

ويرى موفاز أن الغزو البري هو “المرحلة الأخيرة”، وحذّرَ من أنها لن تمنح إسرائيل التميز. وأشار إلى أن إسرائيل لم تستدع بعد قوات الاحتياط، ولديها حالياً ثلاث فرق فقط في الشمال، وهو نفس العدد الذي نشرته أثناء حرب لبنان الفاشلة في عام 2006، وأقل من الفرق الأربع التي قاتلت في غزة. ويرى أن الهجوم البري “ليس مطروحاً على الطاولة خلال الأيام أو حتى الأسابيع القليلة المقبلة”.

وربما يأتي الغزو، ولو جاء، فأولمرت يعرف من سيفوز فيه، وسيكلّف الطرفين ثمناً باهظاً: ” في نهاية الأمر، ستنجو إسرائيل، وقد يعاني “حزب الله” من دمار هائل يعني نهايته، ويترك أجزاء كبيرة من لبنان أنقاضاً. ولكن إسرائيل ستعاني أيضاً، وبشكل كبير، وستكون معاناتها مماثلة لتلك التي لم نعان منها قط في كل حروبنا مع جيراننا منذ عام 1948″.

Military briefing: Israeli intelligence and air force use ‘victory doctrine’ against Hizbollah

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى