أقلام وأراء

راسم عبيدات يكتب –  لا حرية ولا تحرير بدون تحرير العقول

راسم عبيدات 10/11/2021

ما جرى من احداث واستخدام للأسلحة الرشاشة في تلك الواقعة المخزية قرب جامعة القدس،هذا الأسم الكبير والذي يفترض في إدارة الجامعة ومجلس أمنائها الحفاظ عليه،فالسياسات الخاطئة قد تكون سبباً في إشعال ازمات وحروب عشائرية وقبلية،تضعضع الثقة بإدارة الجامعة والقائمين عليها، وما جرى يؤكد بأن المحتل الذي لا يبعد عشرات الأمتار عن ساحة المعركة والإشتباك،لو كان لديه شك 1%بالمئة بأن هذا السلاح قد يتحول ضد جنوده ومستوطنيه لحرث الأرض حراثة،ولم يترك احداً من القائمين عليه قتلاً او اعتقالاً، ولذلك هو يدرك تماماً بان هذا السلاح لن يكون يوماً من الأيام في خدمة الوطن او أنه سيوجه نحو جنوده ومستوطنيه،والذين يجثمون على أراضي البلدتين….

سلاح قبلي وعشائري دولة الإحتلال من سهلت الحصول عليه،وهي تدعم بقاءه بكل قوة،ما دامت وجهته “البطولات” الزائفة في حروب عشائرية وقبلية تغذيها المصالح ونزعات التسيد القبلي والعائلي …سلاح يراد له ان يسهم في تفكيك وتدمير النسيجين الوطني والمجتمعي وتهديد السلم الأهلي والمجتمعي …..

هذه المليشات ومافيات تجار السلاح التي تنمو وتكبر وتمارس البلطجة والعربدة في الضفة الغربية …السلطة القائمة هي من تتحمل المسؤولية عن ما وصلنا اليه من كارثة والوصول للقاع،لأنها هي من عززت من سلطة العشائر والقبائل، وجعلت حكمها وقراراتها فوق القانون والمساءلة والمحاسبة،وتعاملت مع تلك العشائرية والقبلية وفق منطق نفعي مصلحي…ما نشهده في الداخل الفلسطيني- 48 – من جرائم متصاعدة واستشراء للعنف،اعترفت مؤسسة الإحتلال الشرطية،بأن جزء كبير من تلك المافيات والعصابات التي تمارس القتل والعنف وترهيب وتخويف الناس والتعدي على اعراضهم وممتلكاتهم مرتبطة بجهاز الأمن العام الإسرائيلي ” الشاباك”،وهذا ما يصعب من محاربة الجريمة والعنف في المجتمع العربي ….

وما يحدث في مجتمعنا من تنامي ظاهرة العنف وتصاعد الجريمة،وخاصة في المناطق المصنفة (جيم) والمسيطر عليهاً امنياً ومدنياً من قبل الإحتلال،جعلها تتحول الى بؤر ومربعات امنية محمية ومرتع خصب لممارسة كل الموبقات من بلطجة وعربدة وزعرنة وسرقة السيارات والتعدي على الممتلكات وتزوير وثائق وعقود الأراضي والممتلكات وتسويق المنتجات منتهية الصلاحية وادخال بضائع المستوطنات …الخ،

هذه المافيات والعصابات ومن يسعّرُون من حدة الإشكالات والخلافات المجمعية والإجتماعية، يجري توظيفهم في إنهاك المجتمع داخلياً،بحيث يوصلون الناس الى مرحلة أن ترى في وجود الإحتلال” نعمة”….بحيث يصبح مطلب وجوده مشروعاً. ولذلك يجب شن حرب بلا هوادة على كل من يعملون على هتك وتفكيك والسعي لإختراق جدران النسيج المجتمعي… من قبل تلك الجماعات التي لا أشك بان لها حواضن منتفعة ومستفيدة تسهم في التستر عليهم وإفلاتهم من العقاب،في ظل فساد مستشري من قمة الهرم حتى قاعدته …

ولذلك لا بد من اتخاذ اجراءات رادعة في قضايا إمتلاك هذا السلاح والمحرضين على استخدامه…سواء عبر الإحتراب العشائري والقبلي أو “طخيخة” الأعراس” والجنازات” و”شوفيني يا بنت” …..

ويجب ان يكون هناك اجراءات وقائية،وكذلك السعي لإعادة تربية وتوعية مجتمعية في ظل تنامي الجهل والتخلف والنزعات القبلية والعشائرية وتقديم مصلحة العائلة او الحمولة والعشيرة على الوطن، فتلك الثقافة لن تبني لا اوطان ولا مجتمعات مدنية،بل تسهم في تنفيذ مشاريع ومخططات المحتل في تحويل السلطة في الضفة لصالح المليشيات والمافيات،أو ما يعرف بمشروع البرفسور الإسرائيلي مردخاي كيدار “الإمارات ” الثمانية.

العلاج يجب ان يكون بعيداً عن ” الطبطبه” و”تبويس” اللحى،وصلح عربي اصيل ومهرجان الوحدة الوطنية،وغيرها من العبارات الإنشائية لا تصمد في ظل واقع مخترق،يحتاج الى بناء واعادة بناء، يحتاج الى جهد جدي وحقيقي والى جرأة في المعالجات واتخاذ القرارات والمساءلة والمحاسبة ،و”فنجان” القهوة صاحب الحلول السحرية،يجب ان يترك جانباً،وكذلك يجب تجريد من يعملون على إثارة النعرات والفتن من حواضنهم العائلية والعشائرية ورفع الغطاء عنهم في أجهزتهم وأحزابهم وفي حواضنهم الأمنية والسياسية .

نحن في وضع تتعمق فيه أزماتنا الداخلية،نحن نعيش ازمات عميقة على كل الصعد وفي المقدمة منها نظام سياسي مأزوم بكل مكوناته ومركباته من السلطة للأحزاب وللمنظمة والمجتمع المدني ،وكذلك نحن نعيش ازمات اجتماعية عميقة، حيث تتنامى ثقافة الدروشة والجهل والتخلف ، ويجري تقديم مصلحة الفرد على المجموع والقبيلة على الوطن،ونشهد حالة إنهيار غير مسبوق لمنظومة كاملة من القيم،انهيار في الجوانب الأخلاقية والسلوكية،والحديث عن أن ما يحدث غريب عن سلوكنا وعاداتنا وتقاليدنا،أصبح غير مقنع لطفل صغير،فهذا يجب أن يلمس في الواقع وفي السلوك والأخلاق والحياة العامة،وليس في الشعارات والبيانات والخطب الرنانة .

واقعة أو “غزوة” الجامعة” وبالتأكيد هي ليست بالحجة على السواد الأعظم من أبناء البلدتين،فالغالبية الساحقة منهم ترفض مثل هذا النمط من السلوك الذي يدمر العلاقات الإجتماعية ويعمق من حالة الشرخ والإنقسام المجتمعي،وبالمقابل ادارة الجامعة ومجلس امنائها وكل القائمين عليها،يجب ان تكون قراراتهم وتصرفاتهم تتصف بالحكمة وبعد النظر،وبما يمكن من احتواء المشكلة والحد من تفاقمها،لأن أي صرف أو قرار خاطيء،قد يشعل لهيب احتراب عشائري وقبلي لا تحمد عقباه.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى