ذا كونفرسيشن: ماذا تعني حرب بين إسرائيل وحزب الله للشرق الأوسط؟

ذا كونفرسيشن 19/6/2024، سيمون مابون*: ماذا تعني حرب بين إسرائيل وحزب الله للشرق الأوسط؟

تقول الأخبار إن الجيش الإسرائيلي صادق على فكرة شن هجوم كبير ضد “حزب الله”؛ الميليشيا التي تنشط في لبنان، مما أثار مخاوف من أن الوضع قد يتحول إلى حرب شاملة. ويتبادل الجانبان إطلاق النار منذ بدء الصراع في غزة بالهجوم الذي شنته “حماس” على إسرائيل في 7 تشرين الأول (أكتوبر). لكن هذا التبادل تصاعد في الأسابيع الأخيرة بشكل كبير. وكان “حزب الله” قد أصدر مؤخرًا شريط فيديو مدته تسع دقائق يعرض لقطات صورتها طائرة من دون طيار للبنية التحتية العسكرية والمدنية الإسرائيلية، بما في ذلك مدينة حيفا الساحلية. وحذر وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، من أن حكومته “قريبة جدًا من لحظة اتخاذ قرار بتغيير قواعد العمل ضد ’حزب الله‘ ولبنان”.
وفي ما يلي، يجيب لنا سايمون مابون، خبير شؤون الشرق الأوسط في جامعة لانكستر البريطانية، عن بعض الأسئلة الرئيسية حول هذه الأزمة.
– ما مدى خطورة الوضع الآن؟
كان الوضع على الحدود بين إسرائيل ولبنان محفوفًا بالمخاطر منذ أشهر، حيث أصبح إطلاق النار المتبادل عبر الحدود حدثًا منتظمًا بين إسرائيل و”حزب الله”. وفي حين خشي الكثيرون من نشوب صراع صريح بين “جيش الدفاع الإسرائيلي” و”حزب الله” بعد هجمات 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ظل الجانبان يعملان، حتى الآن، ضمن معايير صراع منخفض الحدة. وسوف تكون عواقب أي تصعيد وخيمة، مع احتمال وقوع خسائر كبيرة وإصابات جماعية من جميع الأطراف.
وعلى الرغم من أن الصراع ظل عند مستوى منخفض، فقد قتل أكثر من 400 شخص في لبنان وقتل 30* شخصًا في إسرائيل. كما نزح ما يقدر بنحو 150.000 شخص من مناطقهم على جانبي الحدود.
وعلى الرغم من أن أحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر) وتداعياتها قد أثرت على الوضع، إلا أن “حزب الله” وإسرائيل ما يزالان منخرطين في صراع منخفض المستوى منذ تشكيل الحزب في العام 1982.
كانت حرب العام 2006 أهم لحظة في هذا التاريخ. وبدأ ذلك الصراع بعد أن اختطف “حزب الله” جنديين إسرائيليين من مكان قريب من الحدود في محاولة لتبادل الأسرى. وردا على ذلك، شرعت إسرائيل في شن حرب مدمرة تهدف إلى القضاء على “حزب الله”. وفي ذلك الوقت، قامت إسرائيل بالترويج للحرب على الصعيدين المحلي والدولي على أساس هدف مماثل لذلك الذي وضعته في الحرب الحالية ضد “حماس”.
ما تزال ذكريات الحرب التي جرت قبلما يقرب من عقدين من الزمن باقية. كان للحرب في العام 2006 تأثير مدمر على لبنان. وكلفت إعادة الإعمار أكثر من 10 مليارات دولار أميركي (7.86 مليار جنيه إسترليني) وقامت بتمويلها إلى حد كبير المملكة العربية السعودية وإيران ودول أخرى.
ومنذ ذلك الحين، تغير المشهد الجيوسياسي. وسيكون من الأصعب بكثير تمويل أي مشاريع لإعادة البناء في الوقت الراهن. وفي الوقت نفسه، يغلب أن تكون الخسائر في الأرواح كارثية -لا سيما في المناطق الحضرية المزدحمة في لبنان.
يخشى سكان حيفا في شمال إسرائيل هجمات “حزب الله”، بينما يخشى الناس الذين يعيشون في جنوب لبنان هجمات “جيش الدفاع الإسرائيلي”. وعلى الرغم من أن الهجمات اقتصرت إلى حد كبير على الأهداف العسكرية، إلا أن تداعياتها أثرت على المدنيين في جميع أنحاء جنوب لبنان، ودمرت الأراضي الزراعية وأجبرت الكثير من الناس على مغادرة منازلهم. وقد جعل هذا الواقع الوضع الاجتماعي والاقتصادي غير المستقر أصلاً في لبنان أسوأ بكثير.
ومن ناحية أخرى، أشارت التقارير الأخيرة إلى أن لدى “حزب الله” ترسانة أسلحة متطورة، معظمها مقدمة من إيران وروسيا، والتي تشمل أكثر من مليون صاروخ من أنواع مختلفة، إلى جانب الأسلحة المضادة للدبابات والطائرات الانتحارية من دون طيار ومجموعة من الصواريخ. وفي حين أن ترسانة إسرائيل من الصواريخ أكبر بكثير، إلى جانب البنية التحتية التي تدعمها، يظل الجيش الإسرائيلي يعاني من تحديات سياسية واستراتيجية ولاهوتية واقتصادية، كما يبقى الجمهور والسياسيون الإسرائيليون بعيدين عن الاتحاد حول كيفية التعامل مع التهديد.
تظهر استقالة بيني غانتس الأخيرة من حكومة الحرب -التي تم حلها منذ ذلك الحين- مدى خطورة الوضع بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يتعرض لضغوط للاستقالة والدعوة إلى انتخابات.
– ما مدى استعداد إسرائيل لخوض حرب على جبهتين -وربما حتى ثلاث جبهات، مع تصاعد العنف أيضًا في الضفة الغربية؟
هناك شكوك جدية حول ما إذا كان بإمكان إسرائيل الانخراط في صراعات كبيرة على جبهتين. ويشكل تصاعد العنف في الضفة الغربية تحدياً إضافياً لجهاز الأمن الإسرائيلي. وقد تعرضت بنية إسرائيل التحتية الأمنية لانتقادات بسبب “تفويت” هجوم “حماس” الشرس، في حين يواجه جيشها أيضًا ضغوطًا متزايدة بسبب أعماله في غزة، حيث قتل ما يقرب من 40.000 شخص، وشرد الملايين، وحيث تم تدمير الحياة.
تشكل الضفة الغربية المحتلة موطنًا لحوالي 3 ملايين فلسطيني، وبينما تمارس السلطة الفلسطينية درجة من السيطرة، فإن إسرائيل هي الحكم النهائي في جميع المسائل المتعلقة بالأمن هناك.
ويزداد الوضع صعوبة بسبب وجود ما يقرب من 700.000 مستوطن إسرائيلي، يعد وجودهم غير قانوني بموجب القانون الدولي. وينخرط هؤلاء المستوطنون بشكل روتيني في أعمال عنف ضد السكان الفلسطينيين ويعتمدون إلى حد كبير على جيش الدفاع الإسرائيلي لضمان سلامتهم والحفاظ على الهيكل الأمني الذي يفصل بين المجتمعين وينظم الوصول إلى إسرائيل.
سيكون من شأن أي تحول في المشهد الأمني في الضفة الغربية أن يشكل تحديات خطيرة للجيش الإسرائيلي، وللسلطة الفلسطينية التي تتعرض لضغوط متزايدة من الفلسطينيين والدول العربية على نطاق أوسع، وسوف يؤدي إلى تفاقم الانقسامات في السياسة الداخلية الإسرائيلية.
– ما مقدار الدعم الدولي الذي يمكن أن تعول عليه إسرائيل إذا شنت هجوما كبيرا ضد “حزب الله”؟
لطالما صور بنيامين نتنياهو منذ وقت طويل إيران على أنها تشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل، ودعمته في ذلك الإدارات الأميركية المتعاقبة. ولكن، على الرغم من الدعم الأولي الثابت من البيت الأبيض لبايدن، بدأ هذا الدعم يتضاءل نتيجة للاستياء الشعبي المتزايد في الولايات المتحدة والعالم من الطريقة التي تدير بها إسرائيل عملياتها في غزة.
وقال المسؤولون الإسرائيليون، مرارًا وتكرارًا، إنهم يستطيعون -وسوف يعملون- بمفردهم إذا استدعى الوضع ذلك. ولكن مع تزايد انتقاد الهيئات الدولية للحرب الكارثية في غزة وعدد القتلى المدمر، بدأ الحلفاء يترددون في دعمهم.
وتشير الأصوات في الأمم المتحدة إلى تزايد الغضب من سلوك إسرائيل، في حين تستكشف الهيئات الدولية السبل القانونية لإنهاء معاناة الفلسطينيين.
على غرار “حماس”، فإن “حزب الله” منظمة لا تحظى بشعبية كبيرة. وتثير علاقتها مع إيران قلق صناع السياسة في واشنطن ولندن وأماكن أخرى، كما حظرها عدد من الدول الغربية وصنفها كمنظمة إرهابية.
ومع ذلك، تحتل المنظمة دوراً مركزياً في السياسة والاقتصاد اللبنانيين. ولذلك، سيكون من شأن أي صراع مع إسرائيل أن يؤدي إلى تفاقم استقرار اتفاق تقاسم السلطة الهش في لبنان، مما يضع المزيد من الضغط على الوضع الاقتصادي، ويدمر المشاهد الحضرية والريفية في البلد.
الوضع قاتم، وهذه لحظة محفوفة بالمخاطر بلا شك. ومع ذلك، ثمة القليل من الشهية لنشوب صراع آخر في الشرق الأوسط، خاصة إذا كان ينطوي على إمكانية وقوع المزيد من الخسائر الكارثية في الأرواح والتصعيد الأوسع نطاقًا في الإقليم.
*سيمون مابون أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لانكستر، المملكة المتحدة.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
What would war between Israel and Hezbollah mean for the Middle East? Expert Q&A
*يُلاحظ على نطاق واسع أن عدد القتلى الذي يعلن عنه الكيان في صفوفه غير دقيق ومخفض إلى حد مبالغ فيه، ويتناقض مع الصور التي تبث عن الهجمات التي يتعرض لها جنوده ومستوطناته وقواعده العسكرية.