د. إبراهيم أبراش: على ماذا تتفاوض حركة حماس الآن؟
د. إبراهيم أبراش 28-12-2024: على ماذا تتفاوض حركة حماس الآن؟
السياسة ليست شعارات وتصريحات وليست شطارة أو فهلوة سياسية بل علم له مبادئ وقواعد تنطلق من الواقع وموازين القوى ومن هذه المبادئ أن نتيجة أي مفاوضات ستكون محصلة لموازين القوى بين الأطراف المتفاوضة.
وعندما تكون مفاوضات خلال الحرب أو تعقُبها فإن حسابات الربح والخسارة تعتمد على قوة كل طرف في الواقع وما تم إنجازه في الميدان وليس على قوة الحق الذي يدعيه كل طرف.
بالنسبة لما يُقال إنها مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحماس، وبعيداً عن تصريحات قادة حماس فإن موازين القوى في الميدان هي التي ستحدد مخرجات الصفقة، والميدان يقول إن العدو المجرم الإرهابي المدعوم أمريكياً دمر ٨٠% من قطاع غزة وقتل وجرح وأسر أكثر من ٢٥٠ ألف فلسطيني حسب إحصائيات الناطق باسم الدفاع المدني في القطاع كما دمر غالبية القدرات العسكرية لحركة حماس أيضاً فكك محور المقاومة ودمر جنوب لبنان والقدرات العسكرية لحزب الله كما استباح الدولة السورية. في المقابل كل يوم يسقط عشرات القتلى والجرحى في قطاع غزة ومن تبقى يعيش في الخيام جائعاً يفتك به البرد والأوبئة، وورقة القوة الوحيدة التي تملكها حماس، أو تعتقد ذلك، هي المخطوفين الإسرائيليين، وهي ورقة خاسرة لأن نتنياهو يهمه تحقيق أهدافه الاستراتيجية أكثر من مصير الأسرى، كما يبدو أنه لا توجد قيادة مركزية ميدانية لحماس قادرة على تجميع المخطوفين ومعرفة أسماء الأحياء والأموات بدقة وهناك صعوبة التواصل بين قيادة الداخل والقيادة السياسية في الخارج ،بالإضافة الى استمرار التخوف من استمرار الحرب بعد انجاز الصفقة.
بالرغم من استمرار مطالبتنا حركة حماس تحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية ولو في حدود إنقاذ ما يمكن انقاذه من بشر وحجر في القطاع وأن تسلم كل ملف المفاوضات وادارة غزة بعد الحرب لمنظمة التحرير والسلطة بكل ما بهما من عيوب أو لمصر وجهات عربية أخرى بكل ما عليهم من مآخذ، والقبول بتسليم سلاحها وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح، حتى وإن كان ذلك صعبا قبوله من حركة مقاومة اسلامية منزهة عن الخطأ كما تعتقد، فإنه في حالة الاستمرار بالمكابرة والحديث عن الانتصارات، فستتحمل الحركة مسؤولية عن منح العدو مزيداً من الوقت لاستمرار نزيف الدم واستكمال مخططاته في القطاع وفي الضفة وهي أهداف أكبر بكثير من اطلاق سراح المخطوفين، وهناك علاقة بين معاندة ومكابرة حماس فيما يتعلق بغزة مع ما يجري في مخيمات الضفة، ومع ما يجري من ترتيبات لتشكيل ما تسمى لجنة الإسناد المجتمعي بمشاركة حماس للعمل في القطاع في ظل وجود الاحتلال، بمعنى أن ما يهم الحركة وما تتفاوض عليه هو استمرار وجودها في المشهد السياسي وتجنب انتقام الشعب منها بعد وقف الحرب.