حسين ابو الهيجاء: الفصل الاهم من هرمجدون (1): من ايران بداية الحرب الاقليمية
حسين ابو الهيجاء 7-10-2024: الفصل الاهم من هرمجدون (1): من ايران بداية الحرب الاقليمية
* اسرائيل تقصف محيط القاعدة الروسية :
.. منذ الحرب الاهلية في سوريا التي اندلعت شرارتها عام 2011 ، ثم سرعان ما تحولت الى حرب اقليمية فحرب دولية بالوكالة على الارض السورية ، كان من النادر جداً أن توجه اسراائيل ضربات الى محافظات الساحل السوري ، و خاصة اللاذقية ذات الاغلبية العلوية ، و التي كانت خارج العمليات العسكرية نسبياً ، و هي منطقة نفوذ روسي ، باعتبار وجود اكبر قاعدة روسية فيها على مستوى العالم ، منذ الإرث السوفيتي .. ، و هي ايضاً تخلو من التواجد الايراني او المليشيات المستهدفة اسرائيلياً .
القصف الاسرائيلي الجريء على محيط القاعدة الروسية في اللاذقية مؤخراً ، جاء بعد رفض الرئيس الروسي بوتين استقبال اتصال من نتنياهو اثناء القصف الايراني لاسرائيل بعشرات الصواريخ ، التي كان بعضها بالستياً
من المؤكد ان اسرائيل لم تقُم بهكذا احتكاك ناري مع روسيا ، خاصة في اهم قاعدة روسية ، و على اهم منطقة جغرافية بالنسبة لروسيا ( اقتصادياً و عسكرياً ) ، على المياه الدافئة و ساحل المتوسط ، دون تنسيق و اوامر امريكية مباشرة !
* رسائل واشنطن لموسكو ..
هدفت امريكا من الضربة الاسرائيلية على محيط القاعدة الروسية في اللاذقية ، إلى إبراق جملة من الرسائل إلى موسكو :
الرسالة الاولى :
كان بوتين يحاول ، و عبر ايران و اذرعها ، ان ينقل المعركة من شرق اوروبا الى الشرق الاوسط ، و استعمال ايران كحائط صد ، و إشغال الغرب بحرائق الشرق الاوسط ، و بالتالي تصبح حربه في اوكرانيا بمثابة الحرب المنسية ، غير انه من الواضح ان الغرب التقط الفكرة ، و انتبه إلى ان تحركات ايران في المنطقة ، ما هي إلاّ حرباً روسية بالوكالة ، و من هنا لاحظنا قسوة الغرب في تعامله مع ايران ، سواء اقتصادياً عبر الحصار و العقوبات بحجة البرنامج النووي و حقوق الانسان و دعم الارهاب ، و أمنياً عبر الاداة الاسرائيلية التي تنوعت بين تثوير الشعب الايراني ضد النطام ، و التقارب مع مجاهدي خلق و فصائل المعارضة الايرانية ، الى الضربات الجراحية للمنشآت النووية و الصناعات العسكرية ، حتى التصفيات الجسدية للقادة و العلماء ، في رسالة واضحة من العم سام الى حاكم طهران مفادها (دع روسيا تنفعك ) ، و في إطار اوسع ، فإن الرسالة الغربية شملت اذرع ايران ايضاً ، و خاصة حزب الله و حماس والحوثي وقادة الحشد الشعبي في العراق ، الذين حاولوا التنسيق مع موسكو علناً قبل و اثناء الحرب .. كما ان الغرب من جانب آخر ، بدأ بزيادة دعمه للجيش الاوكراني تسليحا و تخطيطا و تنسيقاً ، و تمريراً لاسلحة استراتيجية، مع السماح لاوكرانيا باستخدامها حتى باتجاه العمق الروسي ، و تدعيم اكثر من هجوم اوكراني مضاد ضد القوات الروسية ، برسالة واضحة ومباشرة مفادها ( ان الحرب الاوكرانية لن تصبح حرباً منسية ابداً بالنسبة للغرب ) .. ! كما قالت واشنطن لموسكوا من خلال استهداف اللاذقية ، أن قواعدكم العسكرية في المنطقة ، لن تكون خارج الحرائق ، اذا فكرتم التحرك في الاقليم !
الرسالة الثانية:
استهداف ( مقر قيادة الفرقة الرابعة السورية ) التي يقودها ( اللواء ماهر الاسد ) ، شقيق الرئيس السوري ، و هي الفرقة الضاربة في الجيش السوري ، و التي تعادل نصف عديد الجيش السوري تقريباً ، و تمتلك احدث الاسلحة و اكثرها تطورا ، و يحظى منتسبوها بدورات تدريبية متقدمة جداً، فاستهداف مقر اللواء ماهر الاسد ، يحمل رسالة واضحة للقيادة السورية مفادها ( أن على سوريا البقاء محايدة في الصراع الدائر ، و إلاّ فان عائلة الاسد ليست بعيدة عن الذراع الامريكية في المنطقة ) . و كان من الملاحظ للجميع ، ان سوريا نأتْ بنفسها عن مخطط ( طوفان الاقصى ) ، و لا زالت كذلك حتى الآن ، رغم كسر العمود الفقري للمحور السوري الايراني في المنطقة ( حزب الله ) ! و لا تزال الدولة السورية تلتزم الصمت الكامل حتى الآن على الأقل .. !
الرسالة الثالثة:
إبعاد روسيا عن حماية ايران ، و انتزاع ايران من التبعية للمحور الشرقي ، او اسقاط نظام الملالي في حال خرج عن الوصاية الامريكية لصالح نظام اكثر موالاة للغرب، و ان على روسيا اذا فكرت بوضع أي خط أحمر امام اوروبا في حال استهدفت ايران، ان لا تنسى ان نقطة ارتكاز القوات الروسية في محور دمشق اللاذقية ، تحت مرمى الذراع الاسرائيلي ، و باوامر امريكية !
و من الملاحظ وفق التحركات و التصريحات الايرانية الاخيرة ، ان النظام الايراني فقد قدرة اللعب على التوازنات ، فجنح باتجاه الغرب ضمن صفقة تضمن له الحفاظ على برنامج نووي سلمي ، و برنامج صاروخي رادع ، و ضمان العبور الى النظام العالمي الجديد ، مقابل التخلص من اذرعه المليشياوية ، و رجالاته المتطرفة ، و التوقف عن صراعات و محاولات تقسيم النفوذ في الاقليم مع دولة اسرائيل.
و هنا ينفجر السؤال الأهم :
– هل ستقف موسكو مكتوفة الايدي فيما لو نجح الغرب في استقطاب ايران ، او فيما لو حاولت امريكا إسقاط النظام الايراني في حال تمرده عليها ؟
خاصة اذا علمنا أن الشعب الايراني هو شعب متعدد القوميات ذات الامتداد في الجمهوريات الآسيوية ( السوفيتية ) ، الامر الذي سيشعل النار في جمهوريات آسيا الوسطى و القوقاز الروسي ، و خاصة طاجكستان و افغانستان ؟ ، و قد لاحظنا ذلك مؤخراً في اقليم بلوشستان و أذربيجان و البشتون !؟
ايران التي دأبت على ازدواجية اللعب بين الشرق و الغرب ، لا تزال بعض مؤسساتها تلعب على تسخين المنطقة من خلال اذرعها ، رغم تفاهمات النظام الاخيرة مع الغرب
سوريا التي حاولت النأي بنفسها عن الصراع ، غير انها تجد نفسها متورطة به رغماً عنها ، فكما أن روسيا تستخدم ايران كحائط صد للامن القومي الروسي ، فان ايران ايضاً تستخدم سوريا كحائط صد لها ، من خلال وجود اذرعها في الداخل السوري و على الحدود السورية العراقية ، و السورية اللبنانية ، و السورية الفلسطينية
كما ان وجود القاعدة الروسية على ارضها ، بمثابة استدعاء للحرب على الساحة السورية ، و بالتالي سيجد النظام السوري نفسه متورطاً بالحرب من خلال تصديه للتمدد الاسرائيلي على اراضيه !
و ما تصفية (قائد حزب الله العراقي ) ، و قادة بعض المليشيات الشيعية في العراق ، و كذلك كسر العمود الفقري للمليشيات الايرانية في لبنان ، و قصم ظهرها في غزة و اليمن ، و تهديد اسرائيل بتوجيه ضربات قاصمة لايران ، و رد المليشيات الايرانية في العراق و اليمن ، باستهداف منشآت الطاقة في الاقليم ، و اغلاق المضائق ، إلاّ استدعاء للحرب الاقليمية الكبرى ..