حسن عصفور: نتنياهو وكسر “الخطوط الحمراء” “داخليا”!
حسن عصفور 17-11-2024: نتنياهو وكسر “الخطوط الحمراء” “داخليا”!
بعد عامين تقريبا على عودة نتنياهو للفوز وتحالفه بغالبية برلمانية، تمهيدا لتشكيل حكومة جديدة، و29 عاما على اغتيال رابين نوفمبر 1995 بيد أحد أعضاء التحالف الحاكم راهنا، شهد منزله “حادثة” تكشف عمق التطورات الداخلية التي أصابت دولة الكيان، عندما أقدمت مجموعة من الشبان الغاضبين بإلقاء قنابل ضوئية على منزله، بعيدا أنه لم يكن وعائلته خارج المكان.
سريعا انتفضت “القوى” معارضة وحكومة للتنديد بالحدث، حيث راه بعض مكونات الحكومة تجاوزا لكل “الخطوط الحمراء”، ورسالة إنذار مبكر لتطورات قد لا تسير وفقا للمعتاد.
ما كان يوم 16 نوفمبر 2024، ليس حدثا عاديا، ولكن بالقطع ليس الأول ولن يكون الأخير، وهو أقل كثيرا من اعتباره تجاوزا للخط الأحمر الذي تم تجاوزه بكل الأشكال قبل ذلك من قبل نتنياهو، حكومة وعائلة، وخلال القرن الماضي عام 1995 عندما فتح الباب للفاشيين باغتيال اسحق رابين، بعدما قرر الذهاب لخيار السلام مع منظمة التحرير والبدء برحلة سياسية جديدة.
ما قبل حادثة “القنابل المضيئة”، شهدت دولة الكيان معركة فريدة قادها رئيس الحكومة شخصيا، ضد أهم الأركان، لم يجرؤ غيره على المساس بها، المؤسسة القضائية والمؤسسة الأمنية بكل فروعها، بل أنه سمح لتحالفه الحكومي، ووسائل إعلام عبرية تطيعه، الحديث عن وجود “انقلاب” تقوده المؤسسات تلك، وذهب نجله لاستخدام جمهورية موز وصفا.
مقابل تلك الحملة، اعتبرت المعارضة وغالبية وسائل الإعلام العبرية، بأن نتنياهو يقود عصابة إجرام منظم، بعد كشف فضيحة التسريبات التي كشفت حجم التزوير والابتزاز في آنـ الذي يقوم به ودوائر العمل معه.
نعم، لم يعد هناك “خطوط حمراء” بين اليهودي واليهودي داخل الكيان، ليس من يوم 16 نوفمبر 2024، ولكنها عمليا سبقت ذلك، وربما كادت أن تلقي بالكيان في حرب أهلية لا خروج منها، حتى كانت 7 أكتوبر 2023 لتمثل شعلة إنقاذ تاريخية من مصير سواد دق جدران الدولة العدوانية، وكان الاعتقاد أنها قد تطيح بمسببات الحرب الأهلية الداخلية، لكن “القنابل” أضاءت جانب من الحقيقة، بأن أكتوبر أجلها ولم يلغيها.
انتخابات نوفمبر 2022، فتحت الباب لدخول دولة الكيان مرحلة صراع داخلي جديدة، وعناصر “سكونها” المؤقت، بدأت تتساقط خاصة في الأسابيع الأخيرة لحرب غزة، وموقف نتنياهو “الذاتي” على حساب العام، رهائن وأهداف، وتلك كانت من بين أسباب طرد غالانت من وزارة الجيش، بعدما فضح حقيقة موقف رأس الحكومة الرافض لوقف الحرب والذهاب لحل بعدما انتهى هدفها الأساسي.
نمو “الفاشية اليهودية” في الكيان، لن يبقى أسيرا بكونها ترتكب جرائم حرب إبادة ضد الفلسطينيين، في قطاع غزة، وجرائم حرب تهويدية في الضفة والقدس، فالفاشية فكر وسياسة تبحث تحقيق أهدافها بذات السبل دون أن تضع خطوطا “حمراء” على هوية وجنسية معارضيها.
موضوعيا، قائد “الفاشية اليهودية” المستحدثة في الزمن الراهن، هو رأس الحكومة في الكيان نتنياهو، ومن يفتح الباب لتطورات ستكسر كل ما اعتقدوه يوما أنه لن يكون، بل وتعيد ملامح “الحرب الأهلية” التي أصابها “سكون مؤقت”، مع جملة من التفاعل الخاص.
نمو “الفاشية اليهودية” وتطورها، يمثل حافزا عمليا للرسمية الفلسطينية، لاستخدامه سلاحا في مواجهة مشروع التهويد والإبادة، بأنها باتت خطرا ليس على الفلسطيني فحسب، بل هي خطر على المنطقة بكاملها، ما يدفع نحو تشكيل تحالف دولي لقطع الطريق عليها.
إبراز البعد الفاشي في نظام الحكم القائم في دولة الكيان، يمثل عنصر قوة في المواجهة الوطنية الفلسطينية، ويجب أن يصبح جزءا من الثقافة السياسة، والصمت عليها هو خطر إعادة انتاج نظام هتلر جديد، بعدما أوضحتهاالقنابل المضيئة.
لا خجل أبدا من وضع المقارنة المباشرة بين “نظام نتنياهو” و”نظام هتلر”، ليس داخليا، بل في كل حدث سياسي عالمي ممكن، خاصة والشواهد لا تنتهي..كسر “عقدة المقارنة” بين “فاشية يهودية” و”فاشية ألمانية” آن أوان سقوطها.