#أقلام وأراءغزة
تقدير موقف: مفاوضات القاهرة والدوحة بين احتمالات النجاح والفشل
اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس
مركز الناطور للدراسات 29-8-2024، اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس: تقدير موقف: مفاوضات القاهرة والدوحة بين احتمالات النجاح والفشل
- بينما ركزت الادارة الامريكية جهودها لإبرام “الصفقة” في غزة، لاهداف انتخابية، الا انه يتوقع ان تؤدي المقترحات الامريكية الى تعقيد الموقف في قطاع غزة، حيث اتضح انها تهدف الى مقايضة الهدنة بالاحتلال، وتمكين إسرائيل من مواصلة الحرب في قطاع غزة، ومنع اندلاع حرب إقليمية، مع استمرار التوتر قائما في المنطقة، لتحقيق اهداف استراتيجية ترتبط بمستقبل الطاقة في الشرق الأوسط، والتصدي لمحاولات دول عربية كسر العلاقة التقليدية الاقتصادية مع الولايات المتحدة، لحساب العلاقات مع الصين وروسيا.
- مخاطر تقويض الاتفاق باتت أكبر من فرص تحقيقه، في ضوء تماهي الادارة الامريكية مع المطالب الاسرائيلية، وموقف نتنياهو الذي يسعى لعرقلة الصفقة، لضمان استمرار بقائه في الحكم، واستمرار التوتر في المنطقة، باعتباره فرصة لاعادة تشكيل وترتيب وضع المنطقة، بما يتناسب مع اهدافه الاستراتيجية، ومواصلة تدمير قدرات حركة حماس، وتدمير سبل الحياة في قطاع غزة.
- تستخدم اسرائيل محور فيلادلفيا، ورقة تفاوضية استراتيجية، لابعاد التركيز عن محور نتساريم الذي يشكل محورا استراتيجيا وهدفا من اهداف الحرب، تسعى اسرائيل للسيطرة عليه باعتباره منفذا لقناة بن غوريون وخط التجارة الدولية الجديد الجاري انجازه، وقد توافق اسرائيل على السماح باستخدام محور نتساريم لعبور عناصر حماس من الشمال الى الجنوب “بدون تفتيش”، وهو الامر الذي سيتبعه عبور الاف المواطنين من الشمال الى الجنوب والذين يرتبطون عائليا مع عناصر حركة حماس. وهو ما سيساعد نتنياهو على تحقيق احد الأهداف الاستراتيجية للحرب، واهمها السيطرة على شمال القطاع، وتهجير غالبية الكتلة السكانية الفلسطينية، وتنفيذ مخططات اليمين الاستيطاني الذي يتطلع الى تنفيذ مشاريع استيطانية.
- سيسعى نتنياهو لعرقلة أي “اتفاق مستدام”، مراهناً على تأجيل حسم المفاوضات لما بعد الانتخابات الأميركية، انتظاراً للإدارة القادمة، ويعتبر ان الضغط العسكري يساعد على الحصول على المزيد من التنازلات من حركة حماس، وأقصى ما يمكن التوصل إليه هو هدنة مؤقتة، خاصة ان اقتراحات وقف اطلاق النار وصفقات التبادل تخلو من تعبير “وقف الحرب”، فيما يتم التركيز على شكل وطبيعة استمرار سيطرة الاحتلال على محوري فيلادلفيا ونتساريم، والمنطقة العازلة، وهذا ما تظهره الخرائط التي قدمها الوفد الإسرائيلي المفاوض، والتي تشير الى “إعادة انتشار” قوات الاحتلال على المحور، وليس “انسحابا”، ما يمهد الطريق لتمرير مخططات اسرائيل لرسم مستقبل اليوم التالي لقطاع غزة بعد الحرب، والذي يتمحور حول اقحام اطراف عربية ودولية في المشاركة في ادارة قطاع غزة، بعيدا عن الوحدة الجيوسياسية الفلسطينية، وبالتالي ضياع اي انجاز فلسطيني يمكن تحقيقه في الحرب الحالية، بعد كل هذه التضحيات.
- تواجه حركة حماس معضلة انحسار خياراتها، فالموافقة على المقترحات الامريكية سيجعلها في مواجهة اتهامات بالبحث عن “مصالحها”، ما سيفقدها الكثير من المؤيدين، ومعارضة المقترحات ستعزز احتمالات الصراع مع المواطنين في قطاع غزة، ما سيزيد من مشاكل حماس التي لم تنجح في تمرير الكثير من الأهداف التكتيكية للمعركة، ما عزز التقديرات الاستخبارية ان استمرار الضغوط العسكرية قد تساعد على امكانية فرض صيغة تسمح بخروج عناصر حماس من الشمال الى الجنوب بدون تفتيش، ما يسمح باخراج عناصر حماس وعائلاتهم من شمال قطاع غزة، والخطير ما يتم تسريبه عن مطالبة الحركة بعدم اغتيال قيادات الحركة، وهو المطلب – إن صح – سيفقد الحركة الكثير من شعبيتها، ويؤشر الى اقتراب الحركة من صفقة الخروج من قطاع غزة والتي تم الحديث عنها عدة مرات.
- بدء قوات الاحتلال عملية عسكرية موسعة في شمال الضفة الغربية، يتوافق مع “خطة الحسم” التي تبناها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، والتي تستهدف: إحداث فوضى في الضفة الغربية، ثم إسقاط السلطة الفلسطينية، ثم تصفية الحركة الوطنية الفلسطينية، ثم المرحلة الرابعة والاهم: ترحيل الفلسطينيين. ومن الواضح ان نتنياهو سيسعى الى التأثير على سير المفاوضات في غزة، حيث يعتقد ان هذه العملية ستؤدي الى صعوبة موافقة حركة حماس على تقديم تنازلات، لن تكون متناسبة مع ما يحدث في الضفة الغربية، وبهذه الطريقة ينجح نتنياهو في نقل الكرة الى ملعب حركة حماس، بعد الحصول على تنازلات في جولة المفاوضات الحالية، سيتم البناء عليها في جولة المفاوضات القادمة، بعد ان يكون حقق تقدما وخطوة اخرى في اتجاه تحقيق اهداف الحرب الاستراتيجية.