اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس: الحرب على غزة تقدير موقف (15): اتفاق الهدنة بين التمديد والتهجير

اللواء محمود الناطور والدكتور يوسف يونس، مركز الناطور للدراسات 17-4-2025: الحرب على غزة تقدير موقف (15): اتفاق الهدنة بين التمديد والتهجير
– الملخص-
- ارتكبت حركة حماس العديد من الاخطاء في اداراتها التفاوضية، فقد استندت تقديراتها أن الرهائن هي “ورقة رابحة”، وراهنت على تأثير الضغوط الداخلية على نتنياهو، واعتبرت انه مع اقتراب زيارة الرئيس ترامب للمنطقة، سيكون لديه رغبة للضغط على اسرائيل لإنهاء الحرب، واعتبرت ان استمرار بقائها في مرحلة ما بعد الحرب يمثل اولوية قصوى، وركزت جهودها للحفاظ على الهيكل الحكومي الذي يضمن سيطرتها، وبادرت اسرائيل لمحاصرة تلك التوجهات، واستأنفت الحرب ووجهت ضربة قوية لمفاصل الحكم والسيطرة لحركة حماس.
- أطلاق حركة حماس صواريخ لاظهار قدرتها على تشغيل منظومتها القتالية، بالرغم من الهجمات الاسرائيلية، تقديرات مغايرة ترى ان الخطوة تستهدف محاصرة الاحتجاجات الداخلية، التي جعلت الحركة تقف امام مأزق حقيقي، فهي إن تساهلت ستتزايد الاحتجاجات، ومواجهتها ستؤدي إلى ردود فعل لا يمكن السيطرة عليها، وقد تجد دعما داخليا وإقليميا، وسيؤدي الى فقدان الحركة حاضنتها الشعبية، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، ما سيشكل خطرا على مستقبل الحركة، التي لم تعد تمتلك القوة التي تؤهلها للمواجهة.
- استئناف الحرب واغتيال قادة حماس، وإعادة احتلال 40% من أراضي قطاع غزة، وتوسيع المنطقة العازلة، وتقسيم قطاع غزة، من خلال انشاء المحاور، يندرج في إطار سياسة «الضغوط القصوى»، لدفع حركة حماس لتقديم تنازلات وتمرير صفقة تبادل وفق الشروط الاسرائيلية، في ظل ضوء اخضر امريكي، يرتبط بسقف زمني محدداً يرتبط بموعد زيارة الرئيس ترامب للمنطقة.
- حصر المفاوضات في القضايا الانسانية والرهائن، بالتزامن مع تصعيد العمليات العسكرية وحرب الابادة والتجويع، تؤكد ان التهجير اصبح الهدف الرئيسي للحرب، رغم انتقادات ان الحكومة تفتقد استراتيجية واضحة للحرب، وتعجز عن انشاء بديل لحكم حماس، ما يضع اسرائيل امام خيارين: اما الاحتلال العسكري الكامل، والذي ستطلب قوات كبيرة لفترة طويلة، وسيتعارض مع التطبيع مع السعودية، وسيعرقل بناء التحالف الإقليمي، وسيعمق عزلة إسرائيل الدولية، وسيحمل ميزانيتها مليارات الشواكل لإدارة شؤون القطاع. ما دفع جيش الاحتلال لخيار “العملية المتدرجة”، وتشديد الحصار، لخلق الظروف المناسبة لفرض مخططات التهجير، بالتنسيق مع إدارة ترامب، وبالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية وتوسيع المنطقة العازلة، وتدمير مناطق سكنية، وتقسيم القطاع وإغلاق المعابر وتقليص دخول المساعدات الإنسانية إلى حد الصفر تقريبا.
- يتراوح مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار ما بين الانتقال نحو المرحلة الثانية وإنهاء الحرب، وهو الامر المستبعد، او انهيار الاتفاق واستمرار القتال، وهو الخيار الغير مرغوب اقليميا ودوليا، وتعتمد اتجاهات الموقف على ثلاثة اطراف:
1 – حركة حماس، يستبعد موافقتها على المقترح الاسرائيلي، الذي لا يلبي المطلب الأساسي للحركة والمتمثل في وقف الحرب، اضافة الى رفضها نزع سلاح المقاومة، ويتوقع حدوث تغيير في موقف الحركة للقبول بسيناريو “الحل الوسط”، في ضوء فقدانها الكثير من اوراق القوة، وضغوط الوسطاء، وصعوبة الاوضاع الانسانية في قطاع غزة، وستطلب الحركة بعض التعديلات والضمانات.
2 – بينما يواجه نتنياهو ضغوطا داخلية وخارجية؛ يواصل إدارة المفاوضات تحت الضغط العسكري على حماس للموافقة على تقديم التنازلات ونزع سلاحها وخروجها من المشهد، ويعارض الصفقة الشاملة، ويسعى إلى فرض “هدنة مؤقتة” لإطلاق سراح المزيد من الرهائن، مع إبقاء الباب مفتوحا للعودة للحرب، ويعتبر ان اي مقترحات لإعادة تشكيل مسار الحملة العسكرية في قطاع غزة، ستترك إسرائيل في مواجهة خيارات استراتيجية معقدة، تتراوح ما بين فرض الحكم العسكري، أو الضم، أو الفوضي، ويبدو أن الحل الأكثر قبولا لديهم هو “التهجير”.
3 – تتوافق الادارة الامريكية استراتيجيا مع اهداف الحرب ومخططات التهجير الاسرائيلية، وهناك ضوء اخضر من الادارة الامريكية لاستئناف الحرب، وفق سقف زمني محدد، يرتبط بالمصالح الامريكية في المنطقة واقتراب زيارة الرئيس ترامب، لذا من المتوقع ان تمارس الادارة الامريكية ضغوطا لتمرير تصور “مؤقت” يتماشى مع اجندة الادارة الامريكية تكتيكا، ويخدم مخططات التهجير “استراتيجيا”، مع استمرار الاوضاع الكارثية في قطاع غزة.
- مع استمرار العمليات العسكرية الاسرائيلية، واصرارها على الهدنة “المؤقتة”، مقابل تمسك حماس بإنهاء الحرب، تستبعد التقديرات ان يكون هناك قريبا تهدئة دائمة وإنهاء الحرب، وسيواصل جيش الاحتلال عملياته، وفق تكتيكات “الحد الاقصى”، لتمرير خيار “الهدنة المؤقتة”، والادارة الامريكية ستضغط لإنجاز “صفقة مؤقتة” قبل زيارة ترمب للمنطقة، بعد تقديم “حلول وسط” لبعض القضايا وتأجيل الخلافات، وسيضطر نتنياهو وحماس القبول بالصفقة، التي تحقق بعض مطالب كلا الطرفين، حيث سيقبل نتنياهو بإطلاق سراح عددا من الرهائن لتخفيف التوتر الداخلي، دون التزام بإنهاء الحرب، وستوافق حماس على الصفقة الى لا تتطرق الى سلاح المقاومة وتعتبر انها نجحت في اطلاق سراح “اسرى” وادخال مساعدات تخفف من الازمة الانسانية الحادة في قطاع غزة.