معاريف – بقلم زلمان شوفال – بارد حار
معاريف – بقلم زلمان شوفال – 16/2/2021
“ تصريحات مختلفة لبايدن ورجاله تشير الى احتمال ان تتواصل هذهالتقارير، ولكن يوجد امران من شأنهما أن يمسا بذلك: الكراهية العميقةتجاه ترامب، والتي احد مزاياها هو المعارضة شبه المهووسة لكل ما فعلهآنف الذكر؛ والارتفاع في قوة اليسار المتطرف التقدمي في الحزبالديمقراطي“.
في الاسبوعين الاخيرين تعرفنا بقدر اكبر على النهج “المتوازن¬” لادارة بايدن في الموضوع الاسرائيلي وفي مواضيع الشرق الاوسط بالعموم،والصورة المرتسمة هي صورة “بارد حار“. لا تزال الادارة الجديدة في حالةتشكل، ولا تزال المؤشرات، سواء الايجابية أم السلبية، تتذبذب. فمثلا الصقبابقاء السفارة في القدس قرار لاعادة فتح القنصلية الامريكية في شرقيالمدينة، اي مثابة سفارة للفلسطينيين. وايجابي كان تصريح وزير الخارجيةانطوني بلينكن بان امريكا تعترف باهمية الجولان الامنية لاسرائيل ولكنسلبية كانت الاضافة بان الولايات المتحدة لا تعترف بالسيادة الاسرائيلية فيالجولان، بخلاف ادارة ترامب. كما أن الاعلان الامريكي ضد قرار محكمةالجنايات الدولية في لاهاي في موضوع اسرائيل والمناطق كان ايجابيا، ولكنربما مرة اخرى من اجل “التوازن” قررت الولايات المتحدة العودة الى مجلسالامم المتحدة لحقوق الانسان والذي كان اساس انشغاله هو التشهيرباسرائيل، وفي فترة ترامب انسحبت الولايات المتحدة منه كما هو معروف. ومع ذلك، في هذه الاثناء لم تعد الولايات المتحدة اليه الا كـ “مراقب” دون حقالتصويت، مما سيسمح لها كما سيلاحظ المتهكمون، برفع العتب اذا ماواصل المجلس تقاليده المناهضة لاسرائيل.
ولكن ليس فقط في مواضيع اسرائيل تواصل ادارة بايدن “بارد حار“: فقد أعلنت مثلا انها ستوقف المساعدة للسعودية في حربها ضد الحوثيين فياليمن بل والغت تعريفهم كمنظمة ارهابية. من جهة اخرى، سمحت للرياضبان تفهم بان ليس في نيتها ان تمس بالعلاقات العسكرية والامنية الاخرىمعها، والتي تعمل ايضا في صالح الاقتصاد الامريكي.
لسياسة الولايات المتحدة الخارجية توجد تقاليد معينة من التواصل معتشديدات وتنوعات مختلفة تنبع من التغييرات في الخريطة العالمية وفيالملابسات. هذا صحيح ايضا بالنسبة لاسرائيل، التي اصبحت بعد حربالايام الستة حليفا وذخرا استراتيجيا. تصريحات مختلفة لبايدن ورجاله تشيرالى احتمال ان تتواصل هذه التقارير، ولكن يوجد امران من شأنهما أنيمسا بذلك: الكراهية العميقة تجاه ترامب، والتي احد مزاياها هو المعارضةشبه المهووسة لكل ما فعله آنف الذكر؛ والارتفاع في قوة اليسار المتطرفالتقدمي في الحزب الديمقراطي، الذي تتطور قصة غرام بينه وبين الرئيسبايدن، وربما فقط لاعتبارات تكتيكية ايضا.
حتى لو لم يكن كل شيء ورديا، فليس كل شيء اسود ايضا، بغيررأي محللين في اليمين وفي اليسار ممن يعرفون ادارة بايدن “مناهضةلاسرائيل“. اولا، هذا ليس دقيقا، كما رأينا، وثانيا، هذا ليس حكيما، إذ انهذه الادارة سيتعين علينا ان نعمل معها في السنوات الاربعة التالية.
في اعقاب خطاب السياسة الخارجية للرئيس بايدن، والذي عنياساس بالصين، روسيا، الكورونا وما شابه، ولكن لم يلمس شؤون ايرانوالشرق الاوسط، اعتقد الكثير من المحللين بان هذه المواضيع ليست في سلمالاولويات للادارة الجديدة او ربما لم تتبلور بشأنها مواقف واضحة. ولكنيحتمل ايضا تفسير آخر. بمعنى انه بالذات لانه يوجد موقف واضح بل وربماحتى مسبق، غلف التعاطي معها بستار من الدخان الكثيف. اذا كان هذاالتخمين صحيحا، فمن شأن اسرائيل والدول العربية أن تجد نفسها امامسلسلة من الحقائق المقلقة في الموضوع الايراني رغم وعود الادارة بان تأخذبالحسبان مواقف حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الاوسط قبل أن تتخذالقرارات النهائية.
موضوع يبدو اقل اشتعالا لواشنطن هو “اتفاقات براهيم” بين اسرائيلوقسم هام من العالم العربي. سياسة السلام لرئيس الوزراء نتنياهو بدعمعملي من الرئيس ترامب غيرت وجه الشرق الاوسط خيرا بشكل غير مسبوق: من ناحية المصالح الجغرافية السياسية للولايات المتحدة ايضا. ليس كلمؤيدي بايدن يسارعون للاعتراف بذلك، ولكنهم في هذه المرحلة يمتنعون عنالوقوف ضد ما تحقق ويكتفون باطلاق النقد على الاهمال المزعوم للقضيةالفلسطينية واطلاق الاراء النقدية على الامارات العربية. بخلاف المسألةالايرانية، هناك احتمال ان في هذا الموضوع على الاقل ستتغلب الاستمراريةعلى الرغبة في تحطيم القواعد.