مع ذلك تبرز مخاوف كبيرة منبعها تزايد مؤشرات اقتراب مرحلة انتقال القتال البري الى القطاع الجنوبي من غزة. لاسيما بعدما قامت القوات الإسرائيلية يوم الأربعاء الماضي بإلقاء مناشير فوق عدد من البلدات شرقي محافظة خان يونس داعية الأهالي الى اخلاء المنطقة. بمعنى ان المرحلة الثانية من العملية البرية ستبدأ قريبا فب الجنوب، على الرغم من ان العملية البرية في الشمال لم تكتمل بعد سوى في الجهة الغربية من مدينة غزة. وهنا لا بد من التوقف مليا عند البيان الذي أصدرته وكالة غوث اللاجئين “الأونروا” التي اعتبرت “ان ما يحدث اليوم في غزة أكبر تهجير للفلسطينيين من منذ 1948!” انها حقا نكبة ثانية يتعرض لها الفلسطينيون.
في هذه الاثناء يكثر العمل في كواليس القرار الدولي على بلورة أفكار لـ”اليوم التالي”. أي بعد ان تنتهي الحرب. وبصرف النظر عن الأفكار والتصورات، يبدو ان ثمة اجماعا غربيا على ان حكم حركة حماس لقطاع غزة يجب ان ينتهي مع الحرب. وان الحرب يجب ان تنتهي بنزع سلاح جميع الفصائل من القطاع. وهذا تفكير لا ترفضه الدول العربية بشكل عام بعدما انجرت حركة حماس الى معسكر المحور الإيراني في المنطقة. وباتت جزءا من غرفة عمليات ما يسمى بـ”وحدة الساحات” التي يديرها “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني.
والحقيقة ان حركة حماس تفتقر اليوم الى سند عربي حقيقي في مرحلة من أخطر مراحل مسيرتها منذ ان أنشئت عام 1987 على يد الشيخ احمد ياسين. فعملية “طوفان الأقصى” التي شكلت نجاحا عسكريا واستخباريا لا سابق له في تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ستنجم عنها كلفة عالية جدا لأعوام مقبلة. اقلها المطاردة التي ستتعرض لها من قبل الإسرائيليين في العالم إضافة الى اقوى أجهزة الاستخبارات الغربية التي ستتعاون مع إسرائيل للوصول الى الشخصيات العسكرية والسياسية المركزية في الحركة. ومن هنا من فإن احتمالات استمرار حكم حماس لقطاع غزة بعد الحرب ضئيلة جداً ان لم تكن شبه معدومة.
ماذا عن يوم اعلان النصر؟ في هذه الحرب لا تبحث إسرائيل بالضرورة عن صورة النصر. بل انها تبحث عن تصفية حالة خطرة عليها وجوديا. تبحث عن تغيير واقع في غزة. اما حماس فتبحث عن البقاء في غزة سياسيا وعسكريا بعد الحرب، وعن لحظة ترفع فيها من بين الأنقاض شارة النصر.
في مطلق الأحوال لا يزال من السابق لأوانه التكهن بمآلات الحرب. فقد تطول حتى نهاية العام، و ربما اكثر.