معهد بحوث الأمن القومي الاسرائيلي : العمليات الانتحارية للعام 2017، عمليات أقل، نساء أكثر
بقلم: افيعاد مندلباوم ويورام شفايتسر، معهد بحوث الامن القومي الاسرائيلي ١-٢٠١٨م
العمليات الانتحارية كانت وما زالت احدى الأدوات الاكثر نجاعة الموجودة لدى التنظيمات الارهابية لتحقيق اهدافها. العمليات الانتحارية على الاغلب تكون قاتلة بشكل خاص، وتخلق في اوساط الجمهور المتضرر الشعور بالضعف، الذي ينبع كما يبدو من أنه لا يوجد شيء يمكنه صد شخص مستعد لقتل نفسه بنفسه من اجل الاضرار بأعدائه. لذلك، فان العمليات الانتحارية تساعد مرسلي الانتحاريين ومنظماتهم على بناء صورة اقوى بكثير مما هي عليه. مثلما في كل سنة، فان برنامج بحث الارهاب والقتال بقوة منخفضة في معهد بحوث الامن القومي ينشر معطيات عن العمليات الانتحارية التي نفذت خلال سنة ميلادية والتوجهات المتضحة منها. في السنوات الاخيرة زادت صعوبة متابعة المعطيات، وبالاساس في مناطق القتال التي تتم فيها عمليات كثيرة مثل العراق وسوريا، التي فيها تم دمج الانتحاريين في القتال المكثف الذي ادارته الدولة الاسلامية فيها، وفي الاساس لأن المتحدثين باسم “الدولة الاسلامية” نشروا كجزء من الحملة الدعائية التي يجرونها عن عدد انتحاريين مرتفع بشكل خاص، الذي لم تتم المصادقة عليه من جهات خارجية، لهذا لم يتم تضمينه في هذا التقرير (مثلا، دعا متحدثو الدولة الاسلامية في اعلاناتهم الرسمية أنهم في هذا العام كانوا مسؤولين عن 771 عملية في سوريا والعراق فقط). لذلك فان احصاء هذه العمليات يستند الى ما لا يقل عن مصدرين مختلفين غير مرتبطين. اضافة الى ذلك، هجوم انتحاريين مندمج على عدد من الاهداف المتجاورة تم اعتبارها في هذا التقرير كعملية واحدة.
حسب تسجيلاتنا، نفذ في 2017 في 23 دولة في ارجاء العالم 348 عملية انتحارية من قبل حوالي 623 مخرب من بينهم حوالي 137 امرأة – وهو العدد الاعلى من الانتحاريات منذ بدأت مشاركة النساء في العمليات الانتحارية. في العمليات الانتحارية في هذه السنة قتل حوالي 4.310 شخص وجرح حوالي 6.700 شخص. وعدد العمليات الانتحارية التي نفذت هذه السنة هو العدد الاقل منذ اربع سنوات. ايضا في هذه السنة “الدولة الاسلامية” كانت الجهة الاكبر في تنفيذ العمليات الانتحارية وكانت هي المسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر (بواسطة تنظيمات موالية لها) عن 220 عملية، التي تشكل حوالي 63 في المئة من اجمالي العمليات الانتحارية في العالم مقابل 322 عملية كانت مسؤولة عنها في السنة الماضية، التي شكلت في حينه حوالي 70 في المئة. القاعدة وشركاؤها في ارجاء العالم كانوا مسؤولين عن 87 عملية، والتي شكلت حوالي 25 في المئة من اجمالي العمليات الانتحارية في هذا العام مقابل 106 عمليات في السنة الماضية، أي حوالي 22.5 في المئة. بالاجمال، المنظمات التي تنتمي الى التيار السلفي – الجهادي (في الاساس من معسكري الدولة الاسلامية والقاعدة وشركائها) كانت مسؤولة هذا العام عن 313 عملية. عناصر السلفية الجهادية مسؤولين على الاقل عن 90 في المئة من اجمالي العمليات الانتحارية في العالم هذا العام. وباقي العمليات الانتحارية التي نفذت هذه السنة لم يتحمل احد المسؤولية عنها ويبدو أن معظمها يرتبط ايضا بهذا التيار الفكري.
في هذه السنة ايضا بقي الشرق الاوسط هو الساحة الرئيسية التي نفذت فيها معظم العمليات الانتحارية في العالم، لكن في هذه السنة حدث انخفاض اكثر من 50 في المئة على عدد العمليات الانتحارية في المنطقة. مع ذلك في افريقيا وبالذات في جنوب آسيا حدث ارتفاع على عدد العمليات الانتحارية، حوالي 30 في المئة، و21.5 في المئة على التوالي. تجدر الاشارة الى أنه في هذه السنة تم ارسال 137 فتاة وامرأة لتنفيذ عمليات انتحارية – وهو اعلى رقم للانتحاريات منذ بداية استخدام التنظيمات للنساء في هذا النوع من العمليات.
مع ذلك، في العام 2017 بدأ في الشرق الاوسط هبوط كبير بحوالي 54.5 في المئة في العمليات الانتحارية مقابل 2016، من 298 عملية الى 135 عملية. وعدد منفذي العمليات انخفض بنسبة مشابهة، الاغلبية الحاسمة للعمليات الانتحارية في المنطقة، حوالي 103 (76.5 في المئة) نفذت من قبل الدولة الاسلامية وفروعها. العراق كان الدولة التي نفذ فيها العدد الاكبر من العمليات الانتحارية، 64 عملية، وبعده سوريا، 40 عملية. ولكن فيهما، اضافة الى ليبيا، حدث هبوط كبير يصل الى 50 في المئة تقريبا في العدد في العام 2017. وهو اتجاه يمكن أن نعزوه الى ضعف الدولة الاسلامية في اراضيها في نهاية 2016. عمليات اخرى حدثت في اليمن (11) وفي مصر (10) وفي لبنان (2) وفي السعودية (2) وتركيا (1). عملية اخرى نفذت للمرة الاولى في هذه السنة في قطاع غزة عندما قام نشيط من التيار السلفي الجهادي بتفجير حزام ناسف ضد قوات حماس الذين حاولوا اعتقاله في معبر رفح.
في افريقيا وآسيا (في افغانستان في الاساس) حدثت زيادة في 2017 في عدد العمليات الانتحارية: في آسيا تم تنفيذ 101 عملية (29 في المئة) مقابل 83 عملية في السنة الماضية (7.5 في المئة). في افريقيا تم تنفيذ 112 عملية انتحارية (32 في المئة) من اجمالي العمليات الانتحارية في هذه السنة مقابل 86 عملية (18 في المئة) في العام 2016. هذه الزيادة يمكن عزوها للتدخل المتزايد لتنظيمات تتماهى مع الدولة الاسلامية في المنطقة.
في افريقيا نفذت 112 عملية انتحارية، زيادة تقدر بـ 30 في المئة تقريبا مقارنة مع العام 2016. عدد العمليات الاعلى تم توثيقه في نيجيريا والصومال والكامرون الاسلامية (57.26 و25 عملية على التوالي)، وشبيها بآسيا فان قارة افريقيا هي ساحة للصراع بين معسكرات الجهاد الاسلامي: واحدة من ولايات الدولة الاسلامية، ولاية غرب افريقيا (بوكو حرام) وبين معسكر القاعدة وفرعها في الصومال، منظمة الشباب. هذه المنظمات نفذت اغلبية العمليات الانتحارية التي نفذت في القارة. ميزة من المميزات البارزة في طريقة العمل هي التركيز على اهداف في اوساط السكان المدنيين (67 عملية) مقابل اهداف امنية – عسكرية (31 عملية). وبشكل متساوق فان قوة القتل للعمليات في القارة بشكل عام وفي اوساط ساحات عمل هذه التنظيمات زادت. عمليات اخرى حدثت في مالي (2) وفي نيجيريا والجزائر – عملية انتحارية واحدة في كل واحدة منهما.
في آسيا معظم العمليات نفذت في افغانستان وباكستان، جرت فيهما منافسة بين معسكر القاعدة فرع التنظيم في شبه القارة الهندية، وطالبان في افغانستان وباكستان وبين معسكر الدولة الاسلامية، ولاية خارسان في افغانستان والمجموعات المتماهية معها في بنغلاديش وباكستان. في افغانستان نفذت 67 عملية انتحارية أدت الى قتل 1045 شخص، وكان مسؤول عن نصفها تقريبا، 31، طالبان. في باكستان تم تنفيذ 22 عملية انتحارية أدت الى قتل 262 شخص، والعمليات الاخرى نفذت في بنغلاديش (6) وفي روسيا (2) وفي الهند (2) وفي اندونيسيا (1). ايران حدث فيها للمرة الاولى منذ العام 2012 عملية انتحارية قاتلة نفذت في اطار هجوم مشترك على مقرات رمزية للدولة في طهران.
كما ذكرنا، فان أحد البيانات الهامة هو المشاركة المتزايدة للنساء ومنهن فتيات وطفلات في العمليات الانتحارية. هذا التوجه برز ايضا في السنتين الاخيرتين في الاساس في استخدام النساء من قبل منظمة بوكو حرام، وتمت مواصلتها من قبل اخرى. نحو 137 امرأة شاركت في العمليات الانتحارية في هذه السنة مقابل 77 امرأة في السنة السابقة، و118 في العام 2015. حوالي 61 عملية انتحارية نفذت بمشاركة ما يقارب من 137 امرأة في ست دول في ارجاء العالم، في هذه العمليات قتل تقريبا 133 شخص. حوالي 126 من النساء (92 في المئة) عملن في افريقيا، في خدمة منظمة بوكو حرام، ربما كانت هناك حالات اخرى من استخدام النساء كانتحاريات في افريقيا والعراق لم يشملها التقرير بسبب القيود على التقارير، مثلا في شهر حزيران من هذا العام جاء أنه خلال المعارك على تحرير الموصل في العراق زادت الدولة الاسلامية استخدام الانتحاريات وارسلت 38 انتحارية تقريبا. ولكن حسب تسجيلاتنا، حوالي 7 انتحاريات فقط ارسلن الى العراق في السنة المذكورة.
تجدر الاشارة الى أنه في اسرائيل، رغم أنه في 2017 لم يتم تنفيذ عمليات انتحارية بالفعل، لكن تم احباط 13 عملية خطط لها من قبل تنظيمات ارهابية فلسطينية – حسب اقوال رئيس الشباك في جلسة لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست في كانون الاول الماضي. بالاجمال، في العام 2017 ايضا استمرت العمليات الانتحارية في تشكيل سلاح قاتل وناجع في أيدي التنظيمات الارهابية المختلفة في ارجاء العالم. ورغم الانخفاض في هذه الظاهرة مقارنة مع السنة السابقة فان ارهاب الانتحاريين شكل اداة قتالية في أيدي قوات شبه عسكرية في نشاطها ضد جيوش الدول، في الاساس، لكن ليس فقط في أيدي مقاتلي “الدولة الاسلامية”. هذا الى جانب العمليات الانتحارية التي نفذتها تنظيمات مختلفة في ارجاء العالم العربي ضد مواطنين ليسوا مقاتلين.
التنظيمات التي تعتبر نفسها منتمية للتيار السلفي الجهادي تستمر في تشكيل العامل المركزي في استخدام ارهاب الانتحاريين، حيث يقف على رأسها الدولة الاسلامية وشركاؤها. على ضوء ورغم الهزائم العسكرية التي حظيت بها الدولة الاسلامية في العراق وسوريا وخسارة القاعدة الجغرافية للخلافة يتوقع حدوث انخفاض آخر في السنة القادمة لعدد الانتحاريين الذين يمكنها ارسالهم مباشرة. يبدو أن شركاءها سيواصلون ارسال الانتحاريين. وبقي أن نرى الى أي درجة يمكنهم الحفاظ على مستوى نشاطهم هذا في السنة القادمة – بدون المساعدة التي قدمتها لهم الدولة الاسلامية عندما سيطرت على مدن رئيسة في قلب الشرق.
من الواضح أنه بسبب ميزات هذا النموذج من العمل في بناء صورة القوة والقدرة الرادعة لمستخدميه، سيتم ايضا في هذه السنة استخدام كبير، حسب قدرة التنظيمات الارهابية المنتمية لـلدولة الاسلامية والقاعدة.



